طهران تفقد أشجار أهم شوارعها

11 مارس 2018
8 آلاف شجرة فقط في الشارع(العربي الجديد)
+ الخط -
كل من يزور العاصمة الإيرانية طهران، يعرف أن عليه المرور بشارع ولي عصر، الأطول من حيث الامتداد في المدينة، وفي الشرق الأوسط كما يقول الإيرانيون. وهو الشارع المعروف بأحد أنواع أشجار الدلب الطويلة، صاحبة العمر المديد والمنتشرة على طرفيه. لكن هذه الأشجار باتت معرضة لخطر قطعها إثر مرض أصابها، أطلق عليه المعنيون اسم سرطان الأشجار الملون. إذ إن نوعاً من الفطريات بات يهدد دلب طهران المسمى بالفارسية "تشنار"، ويأتي هذا ليزيد الأمور سوءاً بعد أن قطع البعض في سنوات سابقة عدداً من هذه الأشجار، وهو ما أثار البلبلة والانتقادات. وخلال جولة قصيرة عبر جزء صغير من هذا الشارع، يلحظ المار انحناء بعض أشجار الدلب، ومنها ما انكسرت سيقانه، ويقول كثر، إن العامل الإنساني مؤثر كثيراً فيما يحدث لها.
وعن الأمر، قال رئيس مؤسسة الحدائق والمساحات الخضراء، علي محمد مختاري، إن عمليات البناء المستمرة منذ عقود على طرفي الشارع، وتشييد الأبراج، إضافة لمواقف السيارات تحت الأرض، ناهيك عن تبديل رصيف المشاة أكثر من مرة، أدى كله لموت بعض الأشجار وانخفاض عددها كثيراً ليصل إلى 15 ألف شجرة، وهي التي كانت بالأساس 18 ألفاً، حسب قوله. لكن مصادر ثانية، تؤكد أن العدد الحقيقي أقل من هذا بكثير، فقد ذكرت مواقع الكترونية إيرانية أن عدد أشجار ولي عصر لا يتجاوز اليوم 8 آلاف.
وأكد مختاري أنه يجب قطع كل الأشجار المصابة، وتنظيف ما حولها، قائلاً إن السلطات القضائية والقانونية ستحاسب كذلك كل من أثر على هذه الأشجار. وقد جهزت شكاوى بحق 48 محلاً تقع على امتداد شارع ولي عصر، خالف أصحابها القانون، فكانت مياه الصرف الصحي تتجه من محالهم نحو قنوات المياه التي تنمو فيها هذه الأشجار وتشرب مياهها.
وقد أقرت الحكومة الإيرانية برنامجاً جديداً من شأنه إعادة الحياة لولي عصر، بما يعيد نبضه وخضرة الأشجار التي تتشابك في الربيع، وتظلل الشارع بسبب كثافة أوراقها، وستبدأ البلدية بزراعة أشجار جديدة من ذات النوع بدلاً من تلك التي اقتطعها البعض، أو اضطر المعنيون لقطعها بسبب الفطريات التي لعبت عمليات البناء دوراً في تفاقمها. وبحسب مؤسسة الحدائق، سيزرع في طهران ما بين 400 إلى 700 غرسة لشجرات دلب جديدة من ذات الفصيلة.
كما تواجه المدينة مشكلة جفاف منذ سنوات، فقد شكل هذا الأمر عائقاً بوجه ري هذه الأشجار التي كانت تتغذى سابقاً من قنوات حفر كانت تسيل مياهها من بحيرات محفورة، وتزيد مع ذوبان الثلوج من على الجبال التي تقع في مناطق شمال طهران بعد نقطة انتهاء امتداد ولي عصر. ويتوجب على المعنيين تأمين المياه لري الأشجار، وإعادة انتعاشها. وقد أكدت مؤسسة الحدائق أنّها ستحفر 155 قناة مياه جديدة لري المساحات الخضراء في العاصمة التي كانت معروفة بكثرة أشجارها، لكن عمليات البناء غيرت شكلها.
وفي الوقت الذي ينشر فيه سكان المناطق المحاذية لولي عصر صوراً لأشجار تنكسر أو تقطع بين الحين والآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، يطالب الإيرانيون بمحاسبة من تسببوا بهذا. وأكد رئيس مجلس مدينة طهران محسن هاشمي أن السلطات ستتخذ قرارات صارمة بحق مخربي الأشجار.
لكن أستاذ علوم البيئة، إسماعيل كهرم، رأى أنه إضافة لتخريب وقطع الأشجار من قبل البعض، هناك عامل ثان يجب التنبه له، فأشجار الدلب هذه ليست خالدة، فهي تكبر وتهرم، لكن المعنيين نسوا وتناسوا زراعة غرسات جديدة إلى جانبها، حسب تعبيره.

وقال أيضاً إنه يجب بالفعل قطع الأشجار المصابة بالفطريات رغم الخسارة التي ستلحق بالشارع المعروف، لكن وزن شجرة دلب معمرة من هذه الفصيلة قد يصل إلى ستة أطنان، وإذا لم تقطع قد تسقط على المارة والسيارات في أي لحظة.
ويتزامن الإعلان عن خطط إعادة تجديد وإحياء أشجار شارع ولي عصر، بالتزامن وما يعرف بأسبوع الطبيعة، وعيد الشجرة الذي صادف يوم الثلاثاء الماضي. إذ قام مسؤولون بزراعة أشجار صغيرة للمساهمة في التوعية، ووزعت مؤسسة الحدائق على بعض المواطنين شتلات لزراعتها.
المساهمون