انتقلت قيادة "إمارة الصحراء"، التابعة لـ"تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، للمرة الأولى منذ التسعينيات، من المقاتلين الجزائريين إلى جنسيات أخرى، بعد مقتل القائد السابق أبو يحيى الجزائري في مواجهات مع الجيش المالي في منطقة بمبا وسط مالي.
ونقلت تقارير عن مصادر مقربة من "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، أن "مجلس شورى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" انتهى إلى اختيار الموريتاني عبد الرحمن طلحة قائداً لـ"إمارة الصحراء الكبرى" خلفاً لأبو يحيى الجزائري.
وقال الباحث والخبير المتخصص في شؤون الجماعات المسلحة في منطقة شمال مالي والساحل حسين أغ عيسى، لـ"العربي الجديد"، إن "انتقال القيادة من الجزائريين في هذا التنظيم المسلح، يعود إلى عدة عوامل، أبرزها غياب القيادات الجزائرية عن المشهد بعد القضاء عليها، وهو ما فسح المجال أمام الموريتانيين"، ورأى أن ذلك يعود إلى كون "الجزائريين القدامى قد قُضيَ على غالبيتهم، والقدماء الآن موريتانيون، زيادة على أن منطقة نفوذ الإمارة يعرفها الموريتانيون وبشكل جيد"، مضيفاً أن "هناك عاملاً مهماً أيضاً يتعلق بكون أن الموريتانيين هم الأكثرية في كتيبة الفرقان التي تعتبر القوة الكبرى للتنظيم في المنطقة، ولا سيما أن القائد الجديد هو من كان على رأس الكتيبة".
وكان عبد الرحمن طلحة، المشهور بطلحة الليبي، قائداً لـ"كتيبة الفرقان" التابعة للتنظيم، التي كانت تنشط على محور شريط الحدود بين مالي وموريتانيا، في نطاق مناطق نفوذ تنظيم "القاعدة"، ويعتبر أول موريتاني يُنصب أميراً على الإمارة، إذ كان الجزائريون فقط من يتولون قيادتها منذ إنشائها نهاية التسعينيات، ما سبّب صراعات بين المقاتلين الجزائريين والموريتانيين والماليين أيضاً.
وكان القائد السابق للإمارة أبو يحيى الجزائري، قد تولى القيادة بعد مقتل الجزائري يحيى أبو الهمام، وهو عضو قيادي في مجلس أعيان تنظيم "أنصار الإسلام" الذي أعلن تشكيله في مارس/ آذار 2018 على يد زعيم تنظيم "أنصار الدين" إياد غالي، الذي انتقلت إليه الإمارة بعد مقتل مؤسس الإمارة مختار بلمختار، الذي يرجَّح مقتله في ليبيا قبل فترة من ذلك.
وخسر تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في الفترة الأخيرة أربعة من أبرز قياداته، فبالإضافة إلى أبو يحيى الجزائري ويحيى أبو الهمام، كان التنظيم قد خسر مختار بلمختار الذي كان يملك علاقات ونفوذاً وسط قبائل شمال مالي، لكن أكبر ضربة للتنظيم كانت في الثالث من يونيو/ حزيران الماضي، إثر مقتل زعيمه الأول عبد المالك درودكال، في عملية للجيش الفرنسي بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية شماليّ مالي.
وأقر التنظيم بذلك، ونشرت مؤسسة "الأندلس"، الذراع الإعلامية لتنظيم "القاعدة"، تسجيلاً صوتياً لأحد مسؤولي الإعلام في التنظيم، قدم نفسه باسم أبو عبد الإله أحمد، أكد فيه وفاة دروكدال، وتوعد بالاستمرار في قتال القوات الفرنسية والجيش المالي، ولم تعلن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي اسم القائد الذي سيخلف درودكال، لكن بعض المعلومات تشير إلى توجهه لمبايعة مبارك يزيد، المعروف باسم أبو عبيدة العنابي، وهو من كبار قادة التنظيم الإرهابي وأقدمهم، إذ انخرط في العمل المسلح منذ عام 1996 ، وكان عضواً في مجلس أعيان التنظيم عندما كان يسمى الجماعة السلفية للدعوة والقتال قبل عام 2007.