كشفت دراسة حملة "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" التابع لمجلس الوزراء المصري، عن نسبة كبيرة من تعاطي المواد الكحولية والمخدرة والحبوب المهدئة بين الطلاب، ما اعتبر مؤشراً خطيراً.
وبلغ حجم عيّنة الدراسة التي أجراها صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي مؤخراً نحو 7500 طالب في جامعات "القاهرة" و"عين شمس" و"حلوان"، خصوصاً طلاب المدن الجامعية وسط الفئة العمرية من 18 إلى 21 عاماً، ذكوراً وإناثاً. واحتل تعاطي الحبوب المهدئة المرتبة الأولى بين الطلاب بنسبة 2.4 في المائة منهم. وجاءت المواد المخدرة من الحشيش والأفيون والبانجو في المرتبة الثانية بنسبة 2.3 في المائة، فضلاً عن استنشاق المواد المخدرة بنسبة 2.1 في المائة في المرتبة الثالثة.
يؤكد خبير أمني أنّ تعاطي المواد المخدرة بين الطلاب وصل إلى مرحلة مخيفة، مشيراً إلى أنّ هناك كثيراً منهم اتجه إلى التعاطي بالصدفة، بسبب التورط في تجارة تلك الأنواع من المخدرات بعد التخرج بسبب البطالة، عن طريق التعاون مع أباطرة المخدرات في نقل تلك السموم من تجار الجملة إلى التجزئة. فالطلاب المتاجرون غير معروفين لدى الجهات الأمنية.
يضيف الخبير، الذي تحفّظ على ذكر اسمه، أنّ هناك نسبة مرتفعة، لم يحددها، من تلاميذ الثانوية العامة يتعاطون الحبوب المهدّئة في تلك المرحلة، بهدف السهر ليلاً من أجل استذكار الدروس وهي في نفس الوقت مواد مخدرة مثل "روهيبنول" و"ريفوتريل" و"حبات الفراولة" و"كونترمال" وكلّها تؤدي إلى الإدمان من أول حبة. بالتالي، يدخل التلميذ مرحلة الجامعة وهو معتاد على تناول المواد المخدرة. كذلك، هناك مواد أكثر ضرراً وهي "ترامادول" والمخدرات المغشوشة خصوصاً البانجو والأفيون. وكلّ هذه مواد سامة تدمّر العقل والجسم.
إلى ذلك، كشفت دراسة "صندوق مكافحة علاج الإدمان والتعاطي" عن وجود غُرز (تجمعات صغيرة مخصصة للمخدرات) داخل الجامعات لتعاطي تلك المواد. ينشأ ذلك خصوصاً بسبب إغفال هذا الجانب وصبّ الأمن الداخلي ورؤساء الجامعات كامل اهتمامهم على الأوضاع السياسية فقط داخل الجامعة، ومنع المنشورات المناهضة للحكم، والاهتمام على الأبواب بمنع إدخال المفرقعات أو الأسلحة إلى الحرم الجامعي دون غيرها من الممنوعات. أضافت الدراسة أنّ هناك مطالب بضرورة إجراء تحاليل طبية على الطلاب الجدد والقدامى، خصوصاً قاطني المدن الجامعية التي تدعمها الحكومة مالياً، بعدما تبيّن أنّ معظم الطلاب المدمنين هم من سكان تلك المدن بالذات، وذلك تحسباً من تفاقم تلك الحالات في المستقبل.
في هذا الإطار، يقول الأستاذ المتخصص في علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية الدكتور سيد إمام إنّ الجميع حذر من خطورة توفّر المخدرات بين طلاب الجامعات. يؤكد أنّها آفة خطيرة تهدد المجتمع بالكامل إذ هي تضرب الطلاب الذين هم شباب المستقبل، كما تؤدّي إلى انحراف كثيرين من بينهم عن الطريق القويم والاتجاه إلى السرقة والقتل وغيرهما من الأعمال الإجرامية. يوضح أنّ هناك نسبة كبيرة من الإدمان بين تلاميذ مرحلة ما قبل الجامعة، وأنّه من الأولى إذا أردنا أن نجري دراسات كتلك، أن تطبّق على نطاق واسع بين تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات في كلّ المحافظات وبدقة كبيرة. ويلفت إلى أنّ كثيرين من الشباب يتعاطون المواد المخدرة علناً في الشارع أو النوادي وفي السهرات والأفراح والجلسات الشبابية وفي طرقات الجامعة من قبيل المفاخرة.
يتهم إمام أجهزة الأمن بالمسؤولية لاهتمامها بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي، وترك أباطرة المخدرات في الشوارع، بالإضافة إلى عدم التصدي لزيادة عمليات التهريب في الداخل والخارج. كذلك، يشير إلى كثير من المشاكل التي تمر بها الأسر المصرية، وفيها نجد الأب والأم يعملان على مدار اليوم من أجل توفير لقمة العيش، وهو ما أدّى إلى عدم وجود انضباط داخل الأسرة، فضلاً عن التفكك الأسري الذي يؤدّي إلى نشء غير متّزن.
بدورها، تقول أستاذة علم النفس في جامعة القاهرة الدكتورة منال زكريا إنّ المخدرات خطر جديد على تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، خصوصاً أنّ هناك مواقع تواصل اجتماعي تشجّع على تعاطي المواد المخدرة، مشيرة إلى أنّ عيّنة "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" التابع لمجلس الوزراء تعدّ كبيرة وممثلة بين طلاب الجامعات في مصر، وبالتالي فإنّها ظاهرة خطيرة يجب التوقّف عندها. تعيد زكريا السبب وراء تلك الزيادة إلى حالة الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد مؤخراً، ما أدّى إلى سهولة عبور المواد المخدرة إلى مصر من دول أخرى.
تضيف أنّ الضغوط على الجميع في البلاد جعلت فرصة الإدمان تتزايد من دون وعي. فكثر من الطلاب الذكور يبدؤون التعاطي من باب "الرجولة" وسرعان ما يتحوّلون إلى مدمنين، مشيرة إلى أنّ هناك حالات وفاة كثيرة بسبب الجرعة الزائدة (أوفر دوز). وتوضح أنّ المخدرات نشاط اقتصادي أسود يجب العمل على مقاومته بكلّ الطرق.