يضطر كثير من طلاب الجامعات الجزائرية إلى دخول سوق العمل لتوفير قيمة المصروفات الدراسية، كثير منهم يعمل في مهن بسيطة، وأغلبهم في مهن لا علاقة لها على الإطلاق بمجال دراستهم.
يقول ياسين (23 سنة)، والذي يدرس في قسم الهندسة بجامعة سعد دحلب غرب العاصمة الجزائرية، "الحاجة هي التي دفعتني للعمل في أيام العطلة الأسبوعية وأوقات الفراغ، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أنه يعمل في محل لبيع الألبسة الرياضية، حيث يستطيع توفير مبلغ محترم كل أسبوع يتعدى الخمسة آلاف دينار، ما أتاح له البدء في تحقيق حلمه بإتمام دراسته للهندسة.
مصطفى هو الآخر طالب جامعي في معهد الحقوق بالجزائر، يشتغل كمحاسب في مؤسسة خاصة ويتابع دراسته في الجامعة، ويضيف لـ"العربي الجديد"، أنه يشتغل من أجل ربح المال لأن الدراسة تحتاج مصاريف كثيرة.
وعلى الرغم من أن الحكومة الجزائرية تقدم منحة جامعية توفرها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي كل ثلاثة أشهر وتقدر بـ3800 دينار جزائري، إلا أنها لا تضمن كل مصاريف الطالب الجامعي على حد تعبير طالبة في هندسة الطرق بجامعة الجزائر، أكدت أنها تشتغل في محل لبيع الحلويات الشعبية في قلب العاصمة الجزائرية، حيث توفر من خلال عملها القليل من المال من أجل اقتناء مختلف أغراضها اليومية ومتطلبات الدراسة.
ويخوض العديد من الطلبة خلال فترة الدراسة تجربة العمل في شتى القطاعات، وكثير منهم يجعلون من المهنة وسيلة للاستمرار في التحصيل العلمي على الرغم من قسوتها في كثير من الأحيان، حسب قول عبدالغني بلاش (23 سنة) لـ"العربي الجديد"، حيث يجتهد كثيراً من أجل إثبات ذاته والاعتماد على نفسه في قضاء حاجياته المادية والعلمية.
ويرى بلاش أن العمل يغنيه عن مد يده لوالده من أجل الحصول على مصروفه اليومي، قائلاً إن الوضع اليومي ومصاريفه تحتم عليه إيجاد مخارج من أجل تحقيق مختلف طموحاته فضلاً عن السفر عبر مختلف الولايات.
كثير من الطلبة يمارسون بعض الأعمال خارج وقت الدراسة، حيث يشتغل كثيرون ضمن فرق المقاولات ومؤسسات البناء الخاصة التي توظف شباباً للعمل في أشغال التشييد، وتوفر تلك المؤسسات وظائف بالساعة، وهو ما جعل العشرات من طلبة الجامعات يعملون فيها للظفر بأجر في نهاية كل أسبوع.
يقول نورالدين لـ"العربي الجديد"، إنه وجد ضالته في المشروعات السكنية التي تشرف عليها العديد من الشركات الخاصة، بحيث يشتغل في حمل الآجر أو الرمل أو كحارس في الفترة الليلة لأحد المواقع السكنية التي يتم إنجازها.
ويحتم الواقع الاقتصادي الذي تعيشه الأسر الجزائرية على الطلبة اللجوء إلى العمل، فهناك من يستغل أوقات الفراغ من أجل التحصيل المادي، حيث يعترف كثيرون أنه لو توفرت لهم الحاجيات المادية لما توجهوا للعمل خارج أوقات الدراسة.
ولا يجد آلاف الطلبة المتخرجين من الجامعات الجزائرية عملاً، ما يجعل الوظيفة الشغل الشاغل للطلبة في سنوات الدراسة، في ظل الأفق الغامض الذي ينتظرهم بعد التخرج.
ويسمح القانون الوظيفي العمومي في الجزائر للعامل أو الموظف بأربع ساعات دراسة في الأسبوع كحق قانوني، لكنها بالنسبة لكثيرين غير مجدية، خصوصاً في بعض التخصصات التي تجبر الطالب الحضور لمزاولة دراسته في الجامعة.