طفل من غزة يبدع في كتابة الشعر وإلقائه

03 نوفمبر 2014
محمد الشاعر الفلسطيني يبدع في كتابة الشعر وإلقائه
+ الخط -
صفق الجمهور بحرارةٍ للطفل محمد الشاعر(11 عاماً)، فورَ نزوله عن منصةِ احتفالٍ شعبي أقيم في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعدما أطربَ آذانهم لبضع دقائق بقصائدَ شعريةٍ قدمها بصوت قويٍّ ولغةٍ سليمة، استلهم بعضَها من شعراءَ فلسطينيين مشهورين، وأخرى دوَّنَها قلمه، كقصيدةِ "دماءٍ ودموع وألم في عيد النصر الحزين"، التي بدأ بكتابتها منذ الأسبوع الثاني للعدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع.

وشقَّ محمد طريقَه نحو الشعر منذ نعومةِ أظفاره، عندما كان يحفظ أناشيدَ رياض الأطفال والأهازيجَ الدينية، ومع دخوله المدرسة اجتهدَ محمد بإلقاء الشعرِ في المناسبات الاجتماعية والمهرجانات التي كانت تنظمها الهيئات التعليمية في مدينة رفح.

ويقول محمد لـ "العربي الجديد" إنه وجد في نفسه رغبةً جامحةً نحو الشعر والاستماع له، فبدأ مبكراً بحفظ قصائد للشعراء الفلسطينيين كمحمود درويش وتميم البرغوثي وكذلك المصريّ هشام الجخ والعراقي أحمد مطر.

ويبينُ محمد أن الشعراءَ السابقين تميزوا بكتاباتهم الوطنية التي تحكي همومَ شعوبهم، الأمرُ الذي يتفق مع رغباتهِ الشعريةِ في الحديثِ عن مآسي الشعب الفلسطيني وخاصةً قطاع غزة والحصار الذي يخنقه، ويضيفُ محمد ببراءةِ الطفولة: "ثلاثُ حروبٍ تعرضت لها غزة خلتني "جعلتني" أكبرَ من عمري الحقيقي، هذا واقعنا لا أستطيع تجاهلَه، أنا لم أكتب عن الطفولةِ وجمالِها لأني لا أحبها، بل لأن غزةَ وطفولتَها مختلفةٌ عن باقي البلدان".

ولم يكتفِ محمد بحفظِ الشعر وإلقائه، بل خاض غمارَ كتابة الشعر الحر، وهو في التاسعة من عمره، فأنجز عدةَ قصائد من كتابته، كانت أولها عن الطفولة في غزة والثانية عن حصار مخيمِ اليرموك للاجئين الفلسطينيين في سورية، وأخرى عن الأسرى في سجون الاحتلال ومعاناةِ أطفالهم وقسوةِ الغياب.

ويحفظ محمد ما يزيدُ على 20 قصيدةً يلقي أبياتها بكل جرأةٍ وطلاقةٍ وبحركةِ جسدٍ تتناغم مع كلمات كل قصيدة.

وجاءت قصيدةُ محمد التي كتبها خلال العدوان في 30 بيتاً، ويسرد فيها أجواءَ العدوان ومشاهدَ قتل الأطفال وهم في أحضانِ أمهاتهم، وكمياتِ القذائف التي أسقطها الاحتلال على المدنيين، بجانب الصمتِ العربي إزاء معاناة غزة، وجاءَ في مطلعها: "أيُّها السادةُ لن أُناديكم.. لقد أرهق الصراخُ صوتي.. لن أتوسلَ إليكم أن تُغيثونا.. لقد عَزَّتْ عليَّ نَفسي.. الطفلُ في داخلي على وَشكِ التحول إلى وحشٍ يلتهمُ كل أكاذيبَ الحقِ في الطفولة".

وحظي محمد ببيئةٍ عائلية شجعته على اكتشاف موهبته وتنميتها، فوفرت له كافة وسائل الدعم المادي والمعنوي.

ويوضح والده رأفت، أن محمد تميز منذ طفولته بقوة الشخصية وامتلاكه ملكة الحفظ، وفي رياض الأطفال تميز بسرعة حفظ بعضِ الأناشيد ذوات الكلمات المعقدة لمن هم في سنه، بعدما كنتُ أساعدُه بتوضيح بعض معاني الكلمات وتفسيرِها، فضلاً على تشجيعه نحو كتابة الخواطر وبعض المقاطع الشعرية.

وذكر رأفت لـ "العربي الجديد" أن التفوق الدراسي لمحمد وتمتعه بمستوى ذكاءٍ عالٍ وعلاقتَه المميزة مع معلميه في مدرستِه وأصدقائه، شكلت عواملَ مساعدة في تميزِ ابنه وارتقائِه، مبيناً أنَّ محمد يجتهد في تعليمِ نفسَه بنفسِه، فيجلس لبضعِ ساعات أمامَ الشبكة العنكبوتية للاستماعِ إلى مقاطعَ مسجلةٍ لشعراء، فيتعلم منهم فنَّ الإلقاء وإيماءاتِ الجسد وقوة الكلمات وبلاغتها.

ويعكفُ الطفلُ محمد "الذي له من لقبه نصيب" على تسجيل مقاطع شعريةٍ لصالح قناة "الكتاب" المحلية، فيما يجتهد في دراسةِ البحورِ الشعريةِ وتطوير قدراته في التأليف، ويواظبُ على حفظ القصائد الشعرية، بينما تراودُه الأحلامُ بأن يصبح شاعراً مشهوراً له قصائد ودواوين تشرحُ معاناةَ الشعب الفلسطيني من ويلاتِ الاحتلال، وتشجعُ على المقاومة والصمود حتى تحريرِ الأرض.

المساهمون