طرق جديدة يتبعها جيش النظام السوري والمليشيات الموالية له لابتزاز الأهالي في المناطق التي خضعت لاتفاقات التسوية برعاية روسية أخيراً، من تعفيش المنازل واحتلالها والتضييق على عوائل ارتبطت بالمظاهرات والثورة ضد النظام. وبرزت حوادث كثيرة من هذا النوع في الغوطة الشرقية بمدينتي دوما وتلدو في منطقة الحولة بريف حمص الشمالي.
وبعد تعفيش المنازل خلال عمليات الاقتحام، بدأت قوات النظام باتباع أسلوب آخر للفرار من ملاحقة الشرطة العسكرية، وهذا ما أكده مالك صيداوي (36 عاماً) وهو أحد أبناء مدينة دوما في حديثه لـ "العربي الجديد" قائلا: "تعيش في منزلي بمدينة دوما عائلة منزلها دمر تماما، وأنا خارج مدينتي، وارتأيت أن وجودهم في المنزل هو الطريقة الأفضل للحفاظ عليه، وهو أقل ما يمكن أن أفعله لعائلة من أهل بلدي أصبحت بلا مأوى".
وتابع: "بعد اتفاق تهجير أهالي مدينة دوما للشمال السوري بقرابة شهرين، نقل لي رب الأسرة التي تعيش بمنزلي أن مجموعة من مليشيات النظام اقتحمت البيت، وبعد دخولها ونشر الذعر بين أفراد العائلة أخبروه أنه أمام خيارين إما أن يوافق على أخذهم كل أغراض البيت من مفروشات وأدوات منزلية عن طيب خاطر ويساعدهم بتحميلها في سيارات تابعة لهم، أو يدفع ثمن أغراض البيت لهم بعد تقييم المليشيا سعرها، وأمهلوه أسبوعين للتفكير". ونقل عن رب الأسرة قوله إنه في حال رفض دفع ثمن الأغراض سيجبر بالقوة على نقل أثاث البيت ومساعدة عناصر المليشيا على ذلك.
وأوضح صيداوي أن هذه الحادثة تكررت بمدينة دوما، معتبراً أن ما بيد العوائل حيلة وليس لديها أية خيارات لعدم وجود جهة يمكن رفع الشكاوى لها ضد هؤلاء، خصوصاً أن أسماءهم غير معروفة. وأشار إلى أن "من يتقدم بشكوى للشرطة العسكرية الروسية يضع نفسه تحت التهديد المباشر بالقتل أو الاختطاف، لأن أسماء المشتكين تصل مباشرة لجيش النظام ومليشياته".
أما مأمون كريم(45 عاماً) فقال: "منزلي في مدينة دوما احتلته مجموعة من قوات النظام بحجة أنني مطلوب، ولكنني خرجت للشمال السوري رغم أني كنت أعمل في المجال الطبي فقط. ذهب قريب لي ليخبرهم أنه يريد أن يسكن في منزلي منذ فترة فقالوا له إياك والعودة مرة أخرى وإلا نعتقلك فورا ودون أي نقاش معك، هذا المنزل لإرهابي فلا تدخله أبدا ولا تعرض نفسك لورطة، فلا أحد يمنعنا من اعتقالك وإذلالك، ونحن السلطة الحقيقية هنا وهؤلاء الروس مجرد واجهة لا أكثر، فلا تظنوا أن اللجوء إليهم يحميكم منا".
وأوضح كريم لـ "العربي الجديد"، أن "قضية التدخل الروسي وانتشار الشرطة التابعة لهم أمر شكلي، والتحكم الفعلي هو لهؤلاء الشبيحة والمرتزقة الذين يسوقهم النظام لمنطقتنا".
وقال الأربعيني سمير أبو مجد، ابن مدينة تلدو، لـ "العربي الجديد": "كان أحد الضباط من بلدة موالية للنظام يحتل منزلي منذ عام 2014، ومع اتفاق التهجير وخروجنا من المنطقة وصلتني صور من المنزل تبيّن تحطيم جدرانه وحرقه".
وتابع: "كنت أريد بيعه لأستفيد من سعره وسعر أرضي المزروعة بأشجار الزيتون، لكن لم يبق من الزيتون شيء، قطعت الأشجار وعمرها تجاوز 20 عاماً، وكانت تأتي بمردود جيد من الزيت والزيتون". وأضاف: "أرجو أن يتمكن أقربائي من إجراء صيانة للمنزل وبيعه لأفتتح مشروعا أعيش به في الشمال، وأنتهي من ورطة التهجير والإيجارات".