طبيب سوري يروي شهادته عن استخدام النظام غاز "الكلورين"

24 يونيو 2015
حصيلة إحدى الغارات على إدلب (GETTY)
+ الخط -
بعد تجريد النظام السوري من ترسانته الكميائية، يحاول إيجاد أنواع جديدة من طرق الحرب النفسية والأساليب العسكرية للتنكيل بمعارضيه والمدن التي تحتضنهم. أحدها غاز الكلور، الذي يضعه داخل براميله المتفجرة، لتلقيها طائراته على المدن التي تسيطر عليها المعارضة.


وعلى الرغم من التقارير المتواصلة، الواردة من المدن السورية بشأن استخدام النظام غاز الكلورين ضد المدنيين، إلا أن المجتمع الدولي لم يبال باستخدام هذا السلاح، كونه غير وارد على قائمة الأسلحة الكميائية، ما دفع محمد تناري، الطبيب السوري ومدير مستشفى سرمين الميداني، إلى عرض هذه القضية أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، لا سيما وأنها باتت معاناة يومية للمناطق المحررة.

الطبيب تناري قال "يضرب النظام المناطق التي تقع خارج سيطرته ووقعت بيد المعارضة، مسخدماً طائرات الهليكوبتر وطائرات الجيش، عن طريق إلقاء البراميل المتفجرة، مما يوقع مئات الضحايا، لذلك نرى إصابات وضحايا البراميل المتفجرة يومياً في المستشفيات".


وكشف أن "قوات الأسد تركز باستمرار على المناطق المدنية، وتستهدف الأسواق، والمستشفيات والمدارس والمدنيين أكثر من المسلحين، بهدف ضرب الحاضنة الشعبية للمقاومة، وهو السلاح الوحيد الذي تمتلكه المعارضة، كي يجبر الناس الذين يؤيدونها على الفرار إلى خارج سورية".

ويروي الطبيب قصة عائلة استطاعت النجاة من ضربة غاز الكلور، إلا أنها لم تكن محظوظة بما فيه الكفاية للإفلات من البراميل المتفجرة "في ليلة 24 أو 25 مارس/أيار الفائت، جاءتنا عائلة كاملة تعرضت لقصف بغاز الكلور، عالجناهم وحمدنا الله على ذلك". مردفًا "لكن للأسف، في اليوم التالي ضربت المنطقة بأكملها بالطائرات العسكرية، مما أدى إلى مقتل عدد من أفراد تلك العائلة، كان بينهم الطفل محمد وأبناء عمه الذين كانوا معه، ماتوا جميعاً، 12 شخصاً لقوا مصرعهم جراء تلك الغارة".

ويمضي تناري في سرد المأساة "كان هناك أكثر من 30 شخصاً أصيبوا، بينما تم نقل بعض الأشخاص وهم مقطعو الأوصال، أرض المشفى كانت مغطاة بالدماء، بدأنا بوضع الجرحى على الأرض لكثرتهم، هذه هي المشاهد التي علينا أن نتعايشها كل يوم".

تناري الذي يعد واحداً من بين 11 طبيباً فقط يعملون في المشفى الذي يفتقر للمعدات والتجهيزات والأدوية ويغطي كثافة سكانية تصل 250 ألف نسمة، يقول "لسوء الحظ، علينا أن نرى هذه المشاهد المؤلمة جداً يومياً، وعلينا أن نحيا معها لأنه يتوجب علينا مواصلة علاج الناس، لا نستطيع أن نتركهم".

ويوضح أنّ "أكبر معاناة في إدلب هي الغارات الجوية، لو لم تكن هناك غارات لعادت الحياة إلى طبيعتها نوعاً ما". مشيراً إلى أن "الغازات السامّة، بما فيها الكلورين، يتم إلقاؤها من الطائرات الحربية، لذا فإن الحل الوحيد لإيقاف هجمات البراميل المتفجرة المعبأة بالكلورين، التي تسببت في مقتل مئات السوريين، هو إيجاد منطقة حظر للطيران".

اقرأ أيضاً: مجلس حقوق الإنسان يندد بإلقاء النظام السوري البراميل المتفجرة

ويؤكد تناري الذي جاء إلى واشنطن ليقدم للكونغرس الأميركي أدلة على استخدام الأسد غاز الكلور في هجماته، أن خطورة الغاز تكمن في كونه لا يعد سلاحاً كيماوياً محظوراً، وعلى الرغم من أنه ليس فتاكاً بقدر غاز السارين الكيماوي المحظور، إلا أن له تأثيراً نفسياً على المدنيين.


ويرى الطبيب أن "النظام لا يرى رد فعل دولي على استخدامه غاز الكلور شبيهاً كالرد على استخدام أنواع أخرى من الغازات المحرّمة، كالسارين مثلاً"، لافتاً إلى أن استخدام الكلور يتسبب في "ترهيب الناس، ما يضطرهم إلى مغادرة منازلهم، وإفراغ مناطق المعارضة من أهلها".

وكشف الطبيب السوري، أن الأسد استهدف إدلب بغاز الكلورين منذ 16 مارس/آذار الماضي وحتى الخميس المنصرم 31 مرة، ما تسبب في إصابة 580 شخصاً بينهم 6 من عائلة واحدة. ويستطرد  تناري، الذي بدت عليه ملامح التأثر الواضح، وهو يروي معاناة عائلة أخرى، كان قد قصّها على أعضاء مجلس النواب الأميركي، "تلك العائلة كانت ضحية هجوم بالكلورين على إدلب يوم 16 مارس/آذار الماضي، كان البيت الذي سكنوه قد استهدف عن طريق برميل متفجر، معبإ بالكلورين، وسقط عبر فتحة التهوية، حيث تكاثفت كمية الغازات التي تعرضوا لها لدرجة كبيرة جداً، ولم يكن باستطاعتنا مساعدتهم، مما أدى إلى وفاة جميع أفراد العائلة".

اقرأ أيضاً:"وثائق" للكونغرس: الأسد يستخدم الكماوي

وأخبر تناري أن المستشفى الذي يعمل فيه، تلقى في تلك الليلة 120 حالة، وهو عدد كبير جداً مقارنة بإمكانيات المستشفى وطاقمه البسيط. مضيفاً "ليس لدينا طاقم كافٍ لتلقي هذا العدد الهائل، لدينا نقص في أجهزة المرنان (أم آر آي) والتصوير الطبقي (سي تي سكان)، وليس هنالك منطقة محررة في سورية تمتلك هذه الأجهزة، لدينا نقص في الأدوية والمستهلكات"، مستدركاً أن المشفى تلقى مساعدات طبية من "المجتمع الدولي إلا أن النقص كبير".


وأوضح الطبيب الذي رفض ترك بلاده، أن "الاستهداف المستمر للمستشفيات بالغارات سبب نزوح أعداد كبيرة من الأطباء إلى خارج سورية". مشيراً إلى أن النقص الحاد في الكوادر الطبية دفعهم إلى ترتيب معالجة المرضى بحسب الأولويات، "نحاول معالجة الحالات الإسعافية والجرحى من جراء الانفجارات بالدرجة الأولى والحالات المزمنة وغيرها بالدرجة الثانية".

ولفت تناري إلى أن المستشفى لا يملك ما يمكنه من علاج الحالات المعقدة كأمراض القلب أو السرطان قائلاً "يتم نقل هؤلاء إلى الحدود التركية عن طريق سيارات الإسعاف حيث يستقبلهم إسعاف تركي".

لكن مشاكل الطبيب، محمد تناري، لا تنتهي عند هذا الحد، فسيارات الإسعاف، أيضاً، محدودة لديهم، ويضطر إلى استخدام سيارته وسيارات الأطباء لنقل المرضى في حال عدم توفر سيارات الإسعاف.

اقرأ أيضاً:أطباء بلا حدود: هجمات النظام السوري عطّلت 10 مستشفيات