أثار حرق طبيب الأسنان، مهنا العنزي، شهادته الجامعية أمام وزارة الخدمة المدنية، جدالاً في الشارع السعودي، بعدما أعاد الحديث عن حجم المعاناة التي يعيشها أكثر من 5200 شخص من حملة الشهادات العليا، لإيجاد عمل. يقول العنزي إنّ الوزارة رفضت توظيفه كـ"معقّب حتى". والمعقّب هو الشخص المسؤول عن متابعة المعاملات في الدوائر الحكومية، علماً أن هذا العمل لا يتطلب شهادات عليا.
يحمل العنزي، الذي تخرّج قبل عامين من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، شهادة بكالوريوس في طبّ الأسنان. منذ ذلك الحين، يراجع وزارة الخدمة المدنية، حاله حال مئات المتخصصين في طبّ الأسنان الذين لم توفّر لهم الوزارة وظائف على الرغم من تلبيتهم الشروط كافة، بما فيها الدورات والشهادات التدريبية وغيرها. وهو الأمر الذي جعله يشعر بالإحباط.
حتى محاولاته في القطاع الخاص لم تُجدِ نفعاً، إذ تُعدّ مؤهلاته دون المستوى المطلوب، يضيف: "عُرضت عليّ وظيفة طبيب متعاون في إحدى العيادات الخاصة براتب أربعة آلاف ريال سعودي (نحو ألف دولار أميركي). لم أقبل بها لأنّ موظف الأمن يتقاضى خمسة آلاف ريال". في النهاية، حرق العنزي شهادته أمام وزارة الخدمة المدنية.
تطاول معاناة العنزي أكثر من 600 سعودي تخصصوا في طبّ الأسنان، وأكثر من 4500 يحملون شهادات تؤهلهم للعمل في المجال الطبي. أبواب المستشفيات السعودية مغلقة في وجوههم، في وقت تزيد وزارة الصحة من استقدام أطباء من دول مثل بنغلادش والأردن ونيبال. في السياق، يقول الطبيب محمد القميزي: "لم تعد كلية الطب ملاذاً آمناً لخرّيجيها.
يرى كثيرون أنّ التخرج منها يضمن الوظيفة، لكنّ هذا الأمر لا ينطبق على السعودية. 75% من العاملين في المجال الطبي اليوم هم من الوافدين، وثمّة نقص كبير في عدد الأطباء". يضيف أنّ المشكلة تكمن في عدم توظيف الخريجين المستوفين للشروط بالشكل المطلوب. برأيه، بدأت المشكلة للتوّ، وهي مرشّحة للتفاقم بسبب البطء الشديد في التوظيف.
تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة الأطباء في السعودية بدأت تتجاوز المعدل المطلوب نسبة إلى عدد السكان. أيضاً، ما زالت معدلات الأسرّة المتوفرة في المستشفيات دون المستوى العالمي، وهو ما تسعى الوزارة إلى معالجته. إلى ذلك، لكلّ عشرة آلاف شخص نحو 24 طبيباً إلى جانب 47 ممرضاً، علماً أنّ المعدّل العالمي هو 23 طبيباً.
أمّا عدد الأطباء السعوديين في البلاد من بين إجمالي عدد الأطباء العاملين في السعوديّة، فيقدّر بنحو 16 ألفاً و729 طبيباً، أي 25.7 في المائة. ويبلغ إجمالي الأطباء العاملين في وزارة الصحة نحو سبعة آلاف و817 طبيباً، وفي الجهات الحكومية الأخرى ستة آلاف و480 طبيباً، وفي المراكز الصحية نحو ألفاً و981 طبيباً، وفي القطاع الخاص نحو 451 طبيباً.