وطالب الطبيبان، في الرسالة التي نشرتها صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، ماكرون، باعتباره رئيس دولة ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن، بالتدخل لإنقاذ الغوطة من كارثة كبيرة قد تفوق التوقعات.
ودعا الطبيب زياد العيسى رئيس "يوسم/فرنسا"، وطبيب التخدير والإنعاش، رفائيل بيتي المسؤول الإداري لـ"يوسم"، ماكرون والمجتمع الدولي إلى العمل على الإجلاء الفوري لــ500 شخص في حاجة لرعاية طبية عاجلة، بما في ذلك 167 طفلا مصابا بأمراض خطرة، وفتح الباب أمام إمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان الغوطة الشرقية".
وخاطبا ماكرون في الرسالة قائلين: "هل يمكنك أن تتخيل أن آخر مرة تم تسليم الأغذية إلى الغوطة الشرقية تعود إلى 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي؟ وبكمية ضئيلة حتى أنها لم تكن قادرة على توفير 10 في المائة من احتياجات السكان، وقد بلغ سوء التغذية والجوع مستوى حرجاً، وهو ما عكسته الصور الصادمة للهياكل العظمية للرضع أو صور الأطفال المصابين جراء القصف".
ونبّها كذلك إلى أن الغوطة تتجه إلى "نفس الطريق المظلم الذي سلكته حلب العام الماضي عندما كان العالم يتفرج على المدينة القديمة وهي تدمّر، وها هو اليوم يتفرج على الغوطة، وهي تموت في صمت".
وحذّرا مما تواجهه الغوطة قائلين: "نقرع ناقوس الخطر حول الوضع المأساوي الذي تعيشه الغوطة الشرقية حاليا. هذه المنطقة الموجودة في الضواحي الشرقية لدمشق تقبع تحت الحصار منذ عام 2013، ويبلغ عدد قاطنيها 370 ألف نسمة، بينهم ما يقرب من 95 ألف طفل، يعيشون محاصرين في 30 كيلومترا مربعا".
وتحدثا عن مقتل 268 شخصا وإصابة 1432 آخرين منذ 14 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ شهدت المنطقة تصعيدا للعنف، هذا في الوقت الذي لا يوجد فيه سوى 100 طبيب و20 مستشفى و37 مركزا صحيا، مما يعتبر عددا ضئيلا مقارنة بالاحتياجات الهائلة للمنطقة التي تتعرض لقصف يومي.
وتابعا: "يجب ألا نستكين ونسكت عما يجري ونظل نتفرج دون القيام بشيء، بينما يُقتل مدنيون أبرياء"، ثم طرحا أسئلة عدة: "هل ينبغي أن ننحر القانون الإنساني مرة أخرى في الغوطة؟ أليس الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية هو أن يرفع هذا الحصار، ويمكّن الأشخاص الأكثر ضعفاً من التمتع بحقهم في التماس العلاج؟ أو لمَ لا يتاح لهم الحصول على الدواء والمواد الغذائية؟".
وجاء في الرسالة أيضا: "نحن الأطباء، كما الآباء، لا يمكن أن نظل مكتوفي الأيدي غير حساسين لوفاة الأطفال الأبرياء، الذين لم يكن لهم من ذنب سوى أنهم ولدوا تحت الحصار"، معتبرين أن "أسوأ ما يمكن أن يصل إليه الإهمال هو اللامبالاة بالمصير المأساوي لهؤلاء الأطفال".
واستحضر الطبيبان الرضيعين "عبيدة وسحر" اللذين توفيا بعيد أسابيع من ولادتهما بسبب سوء التغذية، ومرام ذات العام الواحد التي قتلها الفشل الكلوي. كما أن الرضيع محمد، الذي كان يعاني من فتق المريء، ونجا بجراحة معقدة تحت إشراف طبي عن بعد من الخارج، فقد توفي لعدم وجود الأدوية وعناية ما بعد الجراحة، مشيرين إلى وفاة 12 طفلا بسبب سوء التغذية وعدم تلقي العلاج خلال الأشهر الستة الماضية.
كما ذكّرا بأطفال آخرين ضحايا للمرض أو القصف ينتظرون المساعدة والعلاج، فراما مثلا (4 سنوات) تواجه سرطان الحلق، وروان (8 أعوام) تعاني من سوء التغذية ومرض عصبي عضال، فضلا عن كريم ذي الثلاثة أشهر الذي فقد إحدى عينيه في غارة جوية.