بعدما اختفت لسنوات، عادت الطائرات الورقية لتغطي سماء مدينة نابلس، إذ يعكف الشبان والفتية على صنعها للترفيه عن أنفسهم، في ظل استمرار الإجراءات المشددة بتقييد حركة السكان في زمن كورونا
ما إن تحلّ ساعات ما بعد الظهيرة، حتى يصعد الشقيقان أمجد وماهر السيد (14 و13 عاماً) إلى سطح منزلهما في نابلس، في الضفة الغربية المحتلة، ومعهما طائرتهما الورقية، فيتعاونان لتحلّق بعيداً في سماء المدينة. يقول أمجد لـ"العربي الجديد": "والدي يتقن صنع الطائرات الورقية، وقد صنع لنا واحدة، وقال لنا إنّه فعل ذلك كي نبقى ملتزمين الحجر المنزلي، وعدم النزول واللهو مع أصحابنا في الشارع، ونحن سعيدان جداً بذلك، ونمضي ساعات طويلة في اللعب بالطائرة".
اقــرأ أيضاً
يختار الشقيقان أمجد وماهر السيد وقتاً مناسباً تكون فيه حركة الرياح قوية، ويصعدان إلى السطح، فيمسك أحدهما بالطائرة ويبتعد قدر الإمكان، ومع أول هبة رياح قوية يدفع الطائرة للأعلى، ويسحب الثاني الخيط سريعاً ويركض بالاتجاه المعاكس لتبدأ الطائرة بالطيران.
ومع ساعات العصر، تكون سماء نابلس قد ازدحمت بالطائرات على ارتفاعات مختلفة ولمسافات متباينة، فيبدو مشهد اكتظاظ السماء بتلك الطائرات مغايراً لأجواء الضغط في ظل الحجر المنزلي، بعدما تعطلت الحياة العامة، ولم يعد في الإمكان استغلال الأوقات خارج المنازل.
يحتاج العمل في تجهيز الطائرة الورقية إلى جهد وإتقان كبيرين كي تكون قابلة للطيران، كما يفعل الشاب نشأت عمران (18 عاماً)، إذ يربط ثلاثة عيدان من الخشب من منتصفها بخيط إلى أطرافها، قبل أن يغطيها بقطعة من النايلون، ويتعاون مع أحد أصدقائه بصنع ما يسمى "الميزان" (الذي يضبط اتزان الطائرة) والذي يسحب منه خيط يتحكم بالطائرة وهي في السماء، بعد أن يُلصق بها الذيل الطويل.
وتتكوّن الطائِرة الورقيّة من إطارٍ خشبيّ بشكل معيّن، ويكونُ غالباً من الخيزران أو القصب أو الخشب العادي الذي يُختار حسب حجم الطائرة، فيكون سميكاً وقوياً للطائرات الكبيرة، وتغطّى الطائِرة بغلافٍ ورقيّ أو بلاستيكيّ، ويكونُ لها ذيلٌ من الورق أو البلاستيك أيضاً لضمان التّوازن، وتربطُ بخيط، قد يزيد طوله عن مائة متر، أو أكثر. لكن ما يبدو لافتاً أنّ عمران يحلم بركوب الطائرات الورقية كما يشير لـ"العربي الجديد" ويقول: "أحلم كغيري باليوم الذي أركب فيه طائرة حقيقية، وإلى ذلك الحين أصنع طائرات ورقية، لي ولجيراني من الأطفال ليلهوا بها على أسطح منازلهم، بعيداً عن قضاء الساعات الطويلة في الألعاب الإلكترونية ومشاهدة التلفزيون، في ظل الحجر المنزلي".
يتابع عمران قائلاً إنّه ومعظم أصحابه ملتزمون الإجراءات الوقائية، ويقضون معظم أوقاتهم في بيوتهم، "لكنّ النهار بات طويلاً، لذلك نبحث عن وسائل ترفيه وتسلية، فنلعب في باحة البيت الرياضة والشطرنج، لكنّ المتعة الحقيقية هي في صنع الطائرات الورقية".
تتنوع أحجام الطائرات التي يصنعها نشأت وألوانها، وهو ما يعتمد على طول عيدان الخشب، والزينة التي يستخدمها، ويقول: "صنعت طائرة بارتفاع 70 سم فقط، وأخرى بطول مترين ونصف، وهذه كانت الأضخم على الإطلاق في سماء نابلس، لكنّ الطول المتوسط هو ما بين متر ومتر ونصف".
أما الفتى عبد الله غنيم، فيقول لـ"العربي الجديد": "نمضي وقتاً ممتعاً في صنع الطائرات، لكنّ المتعة الحقيقية تكمن في جعلها تحلّق إلى أبعد مسافة ممكنة، ونحن نتنافس مع الجيران الذين يعتلون أسطح منازلهم أيضاً في من طائرته أكبر وتبتعد في السماء أكثر. لذلك، نحاول أن تكون طائراتنا متينة وملونة، ونضع عليها الزينة لتكون لافتة، حتى إنّ صديقاً لنا وضع على طائرته شريط إنارة ووصله ببطارية صغيرة لتضيء في ساعات الغروب". بينما برزت في سماء نابلس طائرة ضخمة، جرى صُمِّمَت بعلم فلسطين، وأخرى حملت أسماء أصحابها.
اقــرأ أيضاً
يقول واصف عمران، بدوره، إنّه يرى في الطائرات الورقية هواية جميلة، تجذب الصغار كثيراً، وتدفعهم إلى التزام بيوتهم. يتابع لـ"العربي الجديد: "أصنع لأطفالي دوماً طائرات ورقية، أشركهم معي في ذلك، ثم بدأت أشرف فقط عليهم وأرشدهم إلى صنعها بطريقة سهلة، ثم أصعد معهم إلى تلة جبلية قريبة من بيتنا وننتظر هبوب الرياح لإطلاقها عالياً، ثم أجلس لأراقب أبنائي وهم يلهون بها فرحين مسرورين". ويوضح عمران أنّ "كلفة صنع الطائرة مقبولة نسبياً، وقد تبقى معهم يومين أو ثلاثة، وفي حال تعرضها للكسر أو التلف نصنع واحدة جديدة. والمهم عندي أن أحافظ على صحة أطفالي وأن أكون قدوة لهم بالبقاء في البيت، فلا نخرج إلّا للحالات الطارئة، ونحن نخرج فقط لأنّ شقتنا تقع في بناية ضخمة ولا إمكانية للصعود إلى سطحها، فنذهب مشياً إلى التلة القريبة".
ما إن تحلّ ساعات ما بعد الظهيرة، حتى يصعد الشقيقان أمجد وماهر السيد (14 و13 عاماً) إلى سطح منزلهما في نابلس، في الضفة الغربية المحتلة، ومعهما طائرتهما الورقية، فيتعاونان لتحلّق بعيداً في سماء المدينة. يقول أمجد لـ"العربي الجديد": "والدي يتقن صنع الطائرات الورقية، وقد صنع لنا واحدة، وقال لنا إنّه فعل ذلك كي نبقى ملتزمين الحجر المنزلي، وعدم النزول واللهو مع أصحابنا في الشارع، ونحن سعيدان جداً بذلك، ونمضي ساعات طويلة في اللعب بالطائرة".
يختار الشقيقان أمجد وماهر السيد وقتاً مناسباً تكون فيه حركة الرياح قوية، ويصعدان إلى السطح، فيمسك أحدهما بالطائرة ويبتعد قدر الإمكان، ومع أول هبة رياح قوية يدفع الطائرة للأعلى، ويسحب الثاني الخيط سريعاً ويركض بالاتجاه المعاكس لتبدأ الطائرة بالطيران.
ومع ساعات العصر، تكون سماء نابلس قد ازدحمت بالطائرات على ارتفاعات مختلفة ولمسافات متباينة، فيبدو مشهد اكتظاظ السماء بتلك الطائرات مغايراً لأجواء الضغط في ظل الحجر المنزلي، بعدما تعطلت الحياة العامة، ولم يعد في الإمكان استغلال الأوقات خارج المنازل.
يحتاج العمل في تجهيز الطائرة الورقية إلى جهد وإتقان كبيرين كي تكون قابلة للطيران، كما يفعل الشاب نشأت عمران (18 عاماً)، إذ يربط ثلاثة عيدان من الخشب من منتصفها بخيط إلى أطرافها، قبل أن يغطيها بقطعة من النايلون، ويتعاون مع أحد أصدقائه بصنع ما يسمى "الميزان" (الذي يضبط اتزان الطائرة) والذي يسحب منه خيط يتحكم بالطائرة وهي في السماء، بعد أن يُلصق بها الذيل الطويل.
وتتكوّن الطائِرة الورقيّة من إطارٍ خشبيّ بشكل معيّن، ويكونُ غالباً من الخيزران أو القصب أو الخشب العادي الذي يُختار حسب حجم الطائرة، فيكون سميكاً وقوياً للطائرات الكبيرة، وتغطّى الطائِرة بغلافٍ ورقيّ أو بلاستيكيّ، ويكونُ لها ذيلٌ من الورق أو البلاستيك أيضاً لضمان التّوازن، وتربطُ بخيط، قد يزيد طوله عن مائة متر، أو أكثر. لكن ما يبدو لافتاً أنّ عمران يحلم بركوب الطائرات الورقية كما يشير لـ"العربي الجديد" ويقول: "أحلم كغيري باليوم الذي أركب فيه طائرة حقيقية، وإلى ذلك الحين أصنع طائرات ورقية، لي ولجيراني من الأطفال ليلهوا بها على أسطح منازلهم، بعيداً عن قضاء الساعات الطويلة في الألعاب الإلكترونية ومشاهدة التلفزيون، في ظل الحجر المنزلي".
يتابع عمران قائلاً إنّه ومعظم أصحابه ملتزمون الإجراءات الوقائية، ويقضون معظم أوقاتهم في بيوتهم، "لكنّ النهار بات طويلاً، لذلك نبحث عن وسائل ترفيه وتسلية، فنلعب في باحة البيت الرياضة والشطرنج، لكنّ المتعة الحقيقية هي في صنع الطائرات الورقية".
تتنوع أحجام الطائرات التي يصنعها نشأت وألوانها، وهو ما يعتمد على طول عيدان الخشب، والزينة التي يستخدمها، ويقول: "صنعت طائرة بارتفاع 70 سم فقط، وأخرى بطول مترين ونصف، وهذه كانت الأضخم على الإطلاق في سماء نابلس، لكنّ الطول المتوسط هو ما بين متر ومتر ونصف".
أما الفتى عبد الله غنيم، فيقول لـ"العربي الجديد": "نمضي وقتاً ممتعاً في صنع الطائرات، لكنّ المتعة الحقيقية تكمن في جعلها تحلّق إلى أبعد مسافة ممكنة، ونحن نتنافس مع الجيران الذين يعتلون أسطح منازلهم أيضاً في من طائرته أكبر وتبتعد في السماء أكثر. لذلك، نحاول أن تكون طائراتنا متينة وملونة، ونضع عليها الزينة لتكون لافتة، حتى إنّ صديقاً لنا وضع على طائرته شريط إنارة ووصله ببطارية صغيرة لتضيء في ساعات الغروب". بينما برزت في سماء نابلس طائرة ضخمة، جرى صُمِّمَت بعلم فلسطين، وأخرى حملت أسماء أصحابها.
يقول واصف عمران، بدوره، إنّه يرى في الطائرات الورقية هواية جميلة، تجذب الصغار كثيراً، وتدفعهم إلى التزام بيوتهم. يتابع لـ"العربي الجديد: "أصنع لأطفالي دوماً طائرات ورقية، أشركهم معي في ذلك، ثم بدأت أشرف فقط عليهم وأرشدهم إلى صنعها بطريقة سهلة، ثم أصعد معهم إلى تلة جبلية قريبة من بيتنا وننتظر هبوب الرياح لإطلاقها عالياً، ثم أجلس لأراقب أبنائي وهم يلهون بها فرحين مسرورين". ويوضح عمران أنّ "كلفة صنع الطائرة مقبولة نسبياً، وقد تبقى معهم يومين أو ثلاثة، وفي حال تعرضها للكسر أو التلف نصنع واحدة جديدة. والمهم عندي أن أحافظ على صحة أطفالي وأن أكون قدوة لهم بالبقاء في البيت، فلا نخرج إلّا للحالات الطارئة، ونحن نخرج فقط لأنّ شقتنا تقع في بناية ضخمة ولا إمكانية للصعود إلى سطحها، فنذهب مشياً إلى التلة القريبة".