ضغوط سياسية وقانونية لتسريع ترحيل المهاجرين من ألمانيا

11 مايو 2018
مهاجر في قبضة الشرطة الألمانية (توماس نيدرمولير/ Getty)
+ الخط -


ألمانيا التي كانت من الدول الأولى المدافعة عن المهاجرين طالبي اللجوء، تسعى اليوم إلى ترحيل عدد كبير منهم بعدما رُفضت طلباتهم.

أثار حكم صدر عن المحكمة الألمانية العليا في ولاية بافاريا الألمانية خلال الأسبوع الماضي، الجدال في البلاد حول "اللجوء الكنسي" مجدداً. وذلك بعدما أكدت المحكمة في قرارها أنّ اللجوء إلى الكنيسة من قبل الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم يهدف إلى إعاقة عمليات الترحيل، وأنّ الاحتماء بالكنيسة لا يمنع السلطات من القيام بمهامها. وقد استند القرار القضائي إلى ثابتة أنّ الحماية التي تقدمها الكنيسة غير مشمولة في النظام القانوني الألماني. بالتالي، فإنّ المطلوب هو الرضوخ لسيادة القانون، في حين أنّ الشرطة تتمتّع بكامل الصلاحيات لتنفيذ عمليات الترحيل في أيّ وقت. وهو ما يعني أن حَرَم الكنيسة لا يوقف السلطات عن القيام بدورها.

وتكثر الانتقادات لـ"الطريقة الساذجة" في التعامل مع المهاجرين، لا سيّما مع عدم الحسم في ما يتعلق بطالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم وعدم إعادتهم إلى أوطانهم أو إلى الدول الأوروبية الآمنة التي هاجروا منها إلى ألمانيا. وتعلو الأصوات المطالبة بعدم التساهل معهم، ومن بينهم المهاجرون المحتمون بالكنيسة التي توصّلت في عام 2015 إلى شبه اتفاق مع المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين حول صيغة تقضي بالتعامل مع بعض الحالات بخصوصية معيّنة، ويُسمح بموجبها لبعض الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم بالحصول على حقّ مؤقت في البقاء فيها إلى حين الانتهاء من إعادة التدقيق بطلبات هؤلاء، مع التزامها بإعلام السلطات عن أيّ شخص يلجأ إليها. وتشير التقارير إلى أنّ عدد هؤلاء يقارب 800 شخص، معظمهم يخضعون لاتفاقية دبلن التي تنصّ على إعادة طالب اللجوء إلى أوّل بلد أوروبي بلغه، وهو يكون عادة إمّا اليونان أو إيطاليا.




وعن أسباب فشل التنسيق بين الحكومة الاتحادية والولايات، يشير المراقبون إلى دور رجال الدين والمحامين والقضاة والأطباء عبر إجراءات تؤدّي إلى تأجيل المحاكمة أو اللجوء إلى تقارير طبية وغيرها. كذلك يتحدثون عن المنظمات غير الحكومية التي تستخدم أسلوب الضغط على الحكومة من خلال الحديث عن حقوق الإنسان، والتي تتسبب في إفشال تطبيق القانون وعندها تتفوق الأخلاق والإنسانية. ويحذّر هؤلاء المراقبون من أنّ ذلك يفقد ثقة المجتمع بسلطته، مشددين على أنّ وعود المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تبقى مجرّد شعارات، وهو الأمر الذي ترك المهربين يقررون من يصل إلى ألمانيا لمعرفتهم بأنّ لا عمليات ترحيل وشيكة لمجموعات من برلين. إلى ذلك، فإنّ كثيرين من طالبي اللجوء المرفوضة طلباتهم يحاولون الانتقال إلى الولايات التي يحكمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي المدافع الأول عن المهاجرين واللاجئين، علماً أنّ ميركل، بعد أدائها اليمين الدستورية وانطلاقها أخيراً في ولايتها الرابعة، أيّدت خطة وزير داخليتها الجديد هورست زيهوفر القاضية بتسريع عمليات ترحيل المهاجرين المرفوضة طلبات لجوئهم، موضحة أنّ ألمانيا لا تستطيع القيام بواجباتها الإنسانية إذا تظاهرت بأنّها تستطيع خدمة أولئك الذين لا يتمتعون بحقّ الإقامة".

ويطالب بعض السياسيين الحكومة بالالتزام بإقامة مراكز لجوء مركزية للوافدين الجدد، والمخطط لها من قبل وزير الداخلية زيهوفر، وهي سوف تكون أشبه بمخيمات يمكث فيها المهاجر إلى حين البت في طلب لجوئه. وهذا الأمر سوف يعطي السلطات القدرة على تنفيذ الترحيل بشكل أسرع عند رفض طلب لجوء أحدهم، على أن تُحرَم الدول الأصلية للمهاجرين من المساعدات الإنمائية في حال عدم تعاونها مع السلطات. وهذا ما طالب به أعضاء في حزب المستشارة المسيحي الديمقراطي، من بينهم عدد من رؤساء حكومات الولايات، رأوا ضرورة ممارسة مزيد من الضغوط على دول المهاجرين التي ترفض استقبال مواطنيها، وصولاً إلى حدّ الاكتفاء بالمساعدات العينية وحرمانها من المزايا والمخصصات المالية التي يستفيد منها المهاجرون الذين حصلوا على حق الإقامة، فضلاً عن تشديد الإجراءات على مخيّمات اللجوء في البلاد. وقد أتى ذلك بعدما تصدى مهاجرون لمداهمة قامت بها الشرطة في الأسبوع الماضي لمركز لجوء في بلدة تقع جنوبيّ ألمانيا، بهدف توقيف مهاجر وترحيله. وهذا الأمر أثار جدالاً سياسياً وإعلامياً في البلاد، إذ إنّ أكثر من 150 مهاجراً تعرّضوا للعناصر الأمنية ووقعت اشتباكات وأعمال عنف تسببت في إصابات عدّة، من بينها إصابة ضابط. وقد دفع ذلك وزير الداخلية الاتحادي إلى وصف الحادثة بالصفعة على وجه السكان المتمسكين بسيادة القانون، مشدداً على أنّه لا يحقّ الدوس على حقّ الضيافة بالأرجل.




تجدر الإشارة إلى أنّ السلطات الألمانية تعيد أسباب تأخير ترحيل المهاجرين كذلك، إلى الصعوبات التي تواجهها مع البلدان الأصلية للمهاجرين، ومنها بطء تجاوب السفارات الأجنبية المعنيّة بملفات الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم لاستصدار وثائق السفر المطلوبة في غياب الأصلية. وكانت تقارير إعلامية ألمانية قد بيّنت أخيراً أنّ نحو 65 ألف مهاجر سُمح لهم بالبقاء فقط، لأنّهم لا يملكون وثائق بديلة تتيح ترحيلهم. وذكرت مجموعة "فونكه" الإعلامية أنّ هؤلاء بمعظمهم هم من الهند وباكستان وأفغانستان وروسيا ولبنان وتركيا وعدد من الدول الأفريقية.
المساهمون