كشف تقرير نشرته وكالة "بلومبيرغ" عصر اليوم الثلاثاء، أن الاتحاد الأوروبي المُتحسّب من العقوبات الأميركية، يريد من النمسا أن تتحدّى إدارة الرئيس دونالد ترامب، بتولّيها آلية دفع الأموال لطهران نظير استيرادها النفط الإيراني.
التقرير يفيد بأن دول الاتحاد الأوروبي تريد تحدّي ترامب والإبقاء على تدفق الأموال إلى إيران بغية إنقاذ الاتفاق النووي، لكن ما دام ذلك لا يتم في باحتها الخلفية.
وبحسب التقرير، حدّدت دول الاتحاد الأوروبي النمسا كأفضل مرشح لاستضافة آلية محددة الهدف SPV يمكن من خلالها أن تتعامل مع المدفوعات لإيران، وفقاً لثلاثة أشخاص على دراية بالمفاوضات.
ومع إشارتها إلى أن فيينا نفسها ليست متحمّسة جداً لهذا الخيار، تقول المصادر إنه سبق أن تم تحديد بلجيكا ولكسمبورغ وفرنسا كمقارّ محتملة لهذه الآلية، لكن بلجيكا ولكسمبورغ تراجعتا، بينما تتطلع فرنسا إلى النمسا لتضطلع بهذه المهمة.
وتأكيداً لمعلومات "بلومبيرغ"، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية النمساوية، اليوم الثلاثاء، أن النمسا لا ترغب في استضافة مؤسسة تعرف باسم "الشركة ذات الغرض الخاص" SPV يعتزم الاتحاد الأوروبي إنشاءها لمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأميركية، معربةً عن شكوكها في استدامة هذه المؤسسة، حسبما نقلت "فرانس برس".
وبعد مناقشة الفكرة مع بقية وزارات الحكومة في فيينا، قررت وزارة الخارجية أنه "لن يكون من الممكن" للنمسا أن تستضيف هذا المشروع، على حد قول متحدثة باسم الوزارة رفضت الخوض في التفاصيل.
وتبحث الحكومات الأوروبية عن طرق للوفاء بالتزاماتها بمواصلة التعامل مع إيران بعد انسحاب الرئيس الأميركي من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي، وبعد فرض الولايات المتحدة عقوبات جديدة على القطاعين النفطي والمالي الإيرانيين مطلع الأسبوع الماضي، ما يشكل تهديداً للشركات التي تتعامل مع طهران.
وتُعد آلية الدفع المُنتظرة SPV جزءاً حيوياً من المحاولات الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي، بهدف التحايل على نظام العقوبات الأميركي والسماح للشركات الأوروبية بمواصلة التعامل التجاري مع إيران.
إلا أن المفاوضات بهذا الخصوص تسير بخطى بطيئة، فيما لا يُبدي أي بلد حماسةً لاستضافة برنامج الدفع الخاص هذا، الأمر الذي يجعل البلد المعني يُخاطر باستثارة غضب الإدارة الأميركية حياله، فيما تبدو النقطة الشائكة الوحيدة الآن هي تحديد مكان استضافة آلية الدفع.
مفوّضة الاتحاد الأوروبي، سيسيليا مالمستروم، كانت قد قالت الأربعاء الماضي، إن "فكرة الآلية تبدو لطيفةً على الورق، لكن من الصعب القيام بها"، وجاء تصريحها بعد يومين من استبعاد سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي، غوردون سوندلاند، الفكرة واصفاً إيّاها بأنها "نمرٌ من ورق".
في غضون ذلك، يشعر المصرفيون المركزيون في منطقة اليورو بالقلق حيال المشروع والعواقب المحتملة من العقوبات الأميركية.
من الناحية النظرية، سوف تتلقى الآلية SPV المدفوعات من الدول التي ترغب في الاستمرار بالتعامل مع إيران، إما عن طريق الحصول على إعفاءات لواردات النفط أو التجارة المسموحة في سلع مثل الغذاء والدواء. ومع عدم وجود أي تحويل مباشر للأموال بين إيران والأطراف الأوروبية، فهذا واقع سيحمي، نظرياً على الأقل، الشركات من نظام العقوبات الأميركية.
ويشير التقرير إلى أن ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، هي من الدول التي تدفع النمسا لاستضافة مقر آلية الدفع، وفقاً لأحد المصادر.
ومن الأماكن المحتملة الأخرى، تُعد بلجيكا موطناً لخدمة المراسلات المالية الدولية المعروفة باسم "سويفت"، التي قاطعت إيران على مضض استجابةً لعقوبات واشنطن، في حين حوّل النظام منخفض الضرائب لوكسمبورغ إلى مركز رئيسي للتعاملات المصرفية الخارجية (أوفشور).
ويفيد أحد المصادر بأن هناك مشكلة لم يتم حلها، وتتمثل بكيفية طمأنة البنوك التي تتفاعل مع آلية الدفع المرتقبة SPV، إلى أنها ستحظى بالحماية من مخاطر استبعادها من السوق المالية الأميركية، علماً أن الفكرة تكمن في البدء بأحجام صغيرة جداً ثم توسيع نطاق العمليات في نهاية المطاف.
وتأتي حملة الضغوط لجعل النمسا مقراً لآلية الدفع في لحظة حساسة بالنسبة إلى جهود السياسة الخارجية التي يقودها المستشار سيباستيان كورتز، الذي يدير ائتلافاً مع "حزب الحرية" FP اليميني المتطرّف، ويحاول إقناع "إسرائيل" بوقف مقاطعة وزراء الحزب. وهذه الجهود لن تلقى عوناً من تسهيل النمسا آلية لتسهيل التجارة مع إيران، العدو اللدود لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يزور فيينا الأسبوع المقبل.