ضغوط أميركية متأخرة لفك لغز خاشقجي

11 أكتوبر 2018
تصاعد الموقف الأميركي بشأن اختفاء خاشقجي (أوزان كوسي/فرانس برس)
+ الخط -

استغرقت قضية اختفاء الصحافي السعودي البارز جمال خاشقجي أكثر من أسبوع، لتصل سخونتها في واشنطن إلى درجة الغليان. 

الحديث عن قضية خاشقجي زاحم، أمس الأربعاء، تغطية الإعصار العنيف الذي ضرب شمال غربي ولاية فلوريدا. تحولت القضية إلى مسألة محلية، من باب أن المفقود صحافي ويكتب في "واشنطن بوست" منذ سنة، فضلاً عن أنه يقيم في الولايات المتحدة، وبالتالي اكتسب حق حمايته كمقيم وككاتب يتمتع بحرية التعبير عن الرأي التي يكفلها الدستور الأميركي. 

الصحافة، التي واصلت تسليط الأضواء على ملابسات هذا اللغز، صعّدت خطابها وضغوطها في الأربع وعشرين ساعة الأخيرة، بعد تواتر المعلومات التركية والتسريبات الاستخباراتية التي ترجح السيناريو الأسوأ حول مصير خاشقجي. 

"واشنطن بوست" نشرت مقالة مناشدة بقلم خطيبة خاشقجي، أثارت تجاوباً واسعاً. رافق ذلك دخول الكونغرس على خط هذه القضية، من خلال كتاب رفعته لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بكامل أعضائها من الحزبين إلى الرئيس دونالد ترامب، تطالبه بوجوب التحري لكشف ملابساتها خلال 120 يوماً، يتقرر في ضوء حصيلتها ما إذا كان ينبغي فرض عقوبات ضد الضالعين فيها. 

الكتاب أحدث ضجة ورفع منسوب الضغوط، لكنه لا يلبي الحاجة إلى العجلة المطلوبة.

كذلك، اضطر البيت الأبيض إلى رفع وتيرة تحركه، فأجرى اتصالات بالرياض تولاها جاريد كوشنر وجون بولتون.

وأيضاً، أجرى الوزير مايك بومبيو اتصالات مماثلة. كما أدلى الرئيس بتصريحات أعرب فيها عن "قلقه" وعن الرغبة بكشف حقيقة ما حصل، لأنه "لا يدري ما الذي جرى فعلاً". 

وقد أثار كلام ترامب التساؤل بشأن مدى جديته، إذ كيف لا يدري واستخباراته مرّرت، في وقت متأخر من أمس الأربعاء، إلى "واشنطن بوست" معلومة تفيد بأن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "أمر بالقيام بعملية لاستدراج خاشقجي إلى المملكة لاستبقائه فيها". 

وبحسب الصحيفة، فإن هذا الكلام جرى ضبطه من خلال التنصت الاستخباراتي على الاتصالات التي أُجريت في هذا الخصوص.


 

ويشار في هذا السياق إلى جانب آخر في الموضوع كان أمس مدار جدل، ويتعلق بالتوجيه الرسمي الصادر في 2015، الذي ينص على أنه "من واجب الدوائر الاستخباراتية أن تحذر الأفراد المهددين بحسب معلوماتها بالخطف أو القتل أو التعرض للأذى بصرف النظر عما إذا كانوا مواطنين أميركيين أم لا".

وبسؤاله عما "إذا كان من واجب الجهات الأميركية المختصة تحذير خاشقجي لو كان لديها معلومات تفيد بأنه مهدد"، قال نائب الناطقة الرسمية في الخارجية الأميركية، روبرت بالادينو، إن هذا السؤال "افتراضي". جوابه زاد من التباس الموقف والمشهد أكثر مما هو ملتبس.

التحرك الرسمي الأميركي لم يصل بعد إلى حدود العمل الفعال، وحتى لو كان تحرك واشنطن في الساعات الأخيرة جديا، فإنه يأتي متأخراً على الأرجح، في ضوء ما تكاد تجمع عليه التقارير والمداولات الأخيرة بأن احتمالات الإنقاذ باتت ضعيفة بعد مرور أكثر من أسبوع، خاصة وأن المعلومات الصادرة عن الجهات التركية الرسمية والإعلامية تميل في هذا الاتجاه، وتجاريها إلى حد بعيد التقديرات الأميركية عموماً.