رفع "المجلس الانتقالي الجنوبي" في اليمن، المدعوم إماراتياً، من سقف تصعيده، أمس السبت، ملوحاً بإسقاط مدن جديدة جنوب البلاد، وفرض ما يُسمّى بـ"الإدارة الذاتية"، بالتزامن مع تصاعد المعارك مع القوات اليمنية في محافظة أبين، وذلك بهدف الضغط على الحكومة اليمنية، وإحراز مكاسب أكبر من المفاوضات الجارية حول تعديل اتفاق الرياض الذي كان قد وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وتعثر تطبيقه بسبب الخلاف حول تراتبية بنوده. وبينما كانت الحكومة تصر على تنفيذ الشق العسكري الذي يلزم أتباع الإمارات بتدابير محددة قبيل الشق السياسي، تمسك الانتقالي برؤيته بتعيين محافظ لعدن، والانتقال إلى تشكيل حكومة مشتركة بدرجة أولى دون الحديث عن الانسحابات العسكرية.
كما عمد إلى التصعيد عسكرياً تباعاً خلال الآونة الأخيرة. في موازاة ذلك، حشد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس، كافة قيادات الشرعية المتناثرة في عواصم عربية مختلفة إلى عاصمة المنفى، التي يقيم فيها منذ 5 سنوات، الرياض، من أجل الظهور في الصورة، وتبرير التنازلات التي سيقدمها للسعودية و"المجلس الانتقالي"، خصوصاً بعدما تجنب أمس أي ذكر للدور الإماراتي في دعم التمرد على الحكومة، مكتفياً بإعلان تمسكه باتفاق الرياض، فضلاً عن وصفه الانفصاليين بـ"أبنائه".
وأعلن رئيس ما يسمى بـ"الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي"، رئيس "الإدارة الذاتية للجنوب"، أحمد سعيد بن بريك، في تغريدة، أن "الإدارة الذاتية مطلب شعبي، ليس في عدن وحسب ولكن في كلّ محافظات الجنوب، من سقطرى والمهرة وحضرموت وشبوة إلى أبين والضالع ولحج، وتحقيقها على أرض الواقع الملموس يتجسّد بإسقاط رموز الفساد وتجار الحروب في حكومة الشرعية". بالتزامن شهدت محافظة شبوة، التي لا تزال خاضعة للحكومة، أمس السبت، تظاهرة لأنصار "المجلس الانتقالي" تأييداً لـ"الإدارة الذاتية"، وذلك غداة تظاهرة مماثلة شهدتها مديرية حصوين في محافظة المهرة، دعا فيها الانفصاليون إلى تشكيل مليشيا مسلحة شبيهة بـ"الحزام الأمني" و"النخبة الشبوانية" في عدن وشبوة. وقال مصدر محلي في شبوة، لـ"العربي الجديد"، إن احتشاد أنصار "الانتقالي" بشبوة كان في إحدى المدن الثانوية هي الصعيد، وليس في عاصمة المحافظة، كما هو الحال في محافظة المهرة، لكن الأمر قد يمتد لاحقاً إلى العاصمة عتق تحت مزاعم حراك شعبي سلمي.
أما الرئيس اليمني فجاءت الكلمة التي خاطب بها اليمنيين أمس، والتي تم الترويج لها مسبقاً بأنها هامة للغاية، لتعكس رضوخه للضغوط السعودية بتنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض مع الانفصاليين المدعومين إماراتياً، إذ دعا إلى إيقاف نزيف الدم والتصعيد والعودة الجادة لتنفيذ الاتفاق. ووصف الانفصاليين بـ"الأبناء". كما تجنب الإشارة بشكل تام إلى الانقلاب على السلطة، أو الإشارة لداعميه الإماراتيين، كما دأبت خطابات الحكومة في التنفيس عن غضبها خلال الأيام الماضية.
اقــرأ أيضاً
ولم يكتف الرئيس اليمني بذلك، إذ أشار إلى أنه وجّه بـ"الالتزام التام" بوقف إطلاق النار في محافظة أبين، استجابة لجهود من وصفهم بـ"الأشقاء"، لإتاحة الفرصة للجهود لإنهاء التمرد على الدولة ومؤسساتها واستئناف تنفيذ اتفاق الرياض. وبرر هادي دعوته لتنفيذ اتفاق الرياض، بأنها نابعة من "قناعة راسخة بأنه يمثل المخرج الآمن لإنهاء أسباب ومظاهر وتداعيات التمرد المسلح في العاصمة المؤقتة عدن، وبعض المناطق المحررة، وبما يغلب المصلحة الوطنية العليا، ويوحد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي، واستيعاب الجميع في إطار الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية". واعتبر أن تعثر تنفيذ اتفاق الرياض لفترة طويلة، كان نتيجة استمرار الممارسات التصعيدية، التي كان منها إعلان ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية"، وما ترتب عليه، وكان آخرها ما شهدته محافظة سقطرى من تمرد على الدولة ومؤسساتها واعتداءات على مواطنيها الأبرياء المسالمين، حسب تعبيره.
وفيما تجنب الإشارة إلى ضرورة عودة الأوضاع بسقطرى إلى ما كانت عليه بالسابق، اكتفى هادي بالتعبير عن أسفه لما حدث بالأرخبيل أخيراً. وقال إن المدرعات العسكرية التي اقتحمت مؤسسات الدولة هناك، كان ينبغي أن توجه إلى عقبة ثره وجبال الحشا وصرواح ونهم والبيضاء وقاع الحوبان، في إشارة إلى الجبهات المشتعلة لقوات "المجلس الانتقالي" والجيش الوطني على السواء مع مليشيا الحوثي. وخلت كلمة هادي من الشروط السابقة التي كانت تطرحها الشرعية مراراً عند الحديث عن اتفاق الرياض، وهي ضرورة تنفيذه كـ"مصفوفة مزمنة دون انتقاء"، بحيث تبدأ بالملف العسكري وانسحاب القوات الانفصالية من عدن وأبين قبيل الانتقال للشق السياسي المتعلق بتعيين محافظ لعدن، وتشكيل حكومة مناصفة مع الانفصاليين.
وبموجب النسخة المعدّلة من اتفاق الرياض، ستسعى السعودية لإقناع "المجلس الانتقالي الجنوبي" للتراجع عدة كيلومترات في محافظة أبين من أجل تشكيل منطقة عازلة بمحيط شقرة وزنجبار، لكنه لن ينسحب كلياً من عاصمة أبين أو العاصمة المؤقتة عدن وأرخبيل سقطرى وفقاً لمصادر "العربي الجديد". وبانتزاع "المجلس الانتقالي" للشق السياسي من اتفاق الرياض و12 حقيبة من الحكومة المرتقبة، ستكون السعودية قد رعت الانقلاب الذي قاده "المجلس الانتقالي"، وشرعنة تواجد قواته، سواء في عدن أو سقطرى أو أبين، حيث من المؤكد أنهم سيرفضون عملية الانسحاب التي ينص عليها اتفاق الرياض تالياً باعتبارهم شركاء في حكومة معترف بها دولياً.
وباعتبارها المؤسسة التشريعية المنتخبة من الشعب، استقدم هادي هيئة رئاسة البرلمان من العاصمة المصرية القاهرة إلى الرياض، لتكون في الواجهة. ومن أجل ذلك عقد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر لقاءين غير معلنين مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وهيئة رئاسة البرلمان، في فندق "الريتز كارلتون"، يومي الخميس والجمعة الماضيين، قبل أن يتم اللقاء الرسمي، الذي عاد به هادي إلى الأضواء بعد نحو شهرين من الغياب.
ولم تكن هيئة البرلمان هي الحاضرة الوحيدة في مشهد الانكسار الجديد للشرعية. فوفقاً لوكالة "سبأ" الرسمية، فقد حضر الاجتماع، نائب الرئيس الجنرال علي محسن الأحمر، ورئيس الحكومة معين عبدالملك، وحشد من المستشارين السياسيين الذين قدموا من القاهرة، وعلى رأسهم أحمد عبيد بن دغر ورشاد العليمي ونصر طه مصطفى، فضلاً عن الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي، الذي يتهمه الانفصاليون بالاستحواذ على الشرعية.
وأكدت مصادر حكومية، لـ"العربي الجديد"، أن السفير السعودي لدى اليمن والمهندس الفعلي لاتفاق الرياض، محمد آل جابر مارس ضغوطاً على قيادة الحكومة الشرعية للقبول بمطالب "المجلس الانتقالي" تعيين محافظ لعدن وتشكيل حكومة جديدة مع الانفصاليين بشكل عاجل، قبل الخوض في أي نقاش بالملف الأمني والعسكري، الذي يتطرق لموضوع إعادة تموضع القوات وسحب الأسلحة الثقيلة وتسلميها للتحالف، بقيادة السعودية. وأشارت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام، إلى أن ممثلي الشرعية حاولوا انتزاع بعض المكاسب من المفاوضات غير المباشرة التي قادها آل جابر بين الحكومة والانفصاليين خلال يومين، لكنهم تفاجأوا ببيان جديد من "الانتقالي" يلّوح فيه بالتصعيد وإسقاط ما تبقى من المحافظات الجنوبية، وعلى رأسها حضرموت النفطية. ولا يستبعد أن السعودية هي من أوعزت إلى "الانتقالي" باللجوء إلى التصعيد الجديد بتوسيع رقعة ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" على كافة المحافظات الجنوبية، وتدشين احتجاجات بشعارات سلمية ضد من يصفونها بـ"الشرعية الفاسدة" بعدد من المحافظات، منها المهرة وشبوة، كما حدث أمس السبت.
كما عمد إلى التصعيد عسكرياً تباعاً خلال الآونة الأخيرة. في موازاة ذلك، حشد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس، كافة قيادات الشرعية المتناثرة في عواصم عربية مختلفة إلى عاصمة المنفى، التي يقيم فيها منذ 5 سنوات، الرياض، من أجل الظهور في الصورة، وتبرير التنازلات التي سيقدمها للسعودية و"المجلس الانتقالي"، خصوصاً بعدما تجنب أمس أي ذكر للدور الإماراتي في دعم التمرد على الحكومة، مكتفياً بإعلان تمسكه باتفاق الرياض، فضلاً عن وصفه الانفصاليين بـ"أبنائه".
أما الرئيس اليمني فجاءت الكلمة التي خاطب بها اليمنيين أمس، والتي تم الترويج لها مسبقاً بأنها هامة للغاية، لتعكس رضوخه للضغوط السعودية بتنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض مع الانفصاليين المدعومين إماراتياً، إذ دعا إلى إيقاف نزيف الدم والتصعيد والعودة الجادة لتنفيذ الاتفاق. ووصف الانفصاليين بـ"الأبناء". كما تجنب الإشارة بشكل تام إلى الانقلاب على السلطة، أو الإشارة لداعميه الإماراتيين، كما دأبت خطابات الحكومة في التنفيس عن غضبها خلال الأيام الماضية.
ولم يكتف الرئيس اليمني بذلك، إذ أشار إلى أنه وجّه بـ"الالتزام التام" بوقف إطلاق النار في محافظة أبين، استجابة لجهود من وصفهم بـ"الأشقاء"، لإتاحة الفرصة للجهود لإنهاء التمرد على الدولة ومؤسساتها واستئناف تنفيذ اتفاق الرياض. وبرر هادي دعوته لتنفيذ اتفاق الرياض، بأنها نابعة من "قناعة راسخة بأنه يمثل المخرج الآمن لإنهاء أسباب ومظاهر وتداعيات التمرد المسلح في العاصمة المؤقتة عدن، وبعض المناطق المحررة، وبما يغلب المصلحة الوطنية العليا، ويوحد الجهود لمواجهة الانقلاب الحوثي، واستيعاب الجميع في إطار الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية". واعتبر أن تعثر تنفيذ اتفاق الرياض لفترة طويلة، كان نتيجة استمرار الممارسات التصعيدية، التي كان منها إعلان ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية"، وما ترتب عليه، وكان آخرها ما شهدته محافظة سقطرى من تمرد على الدولة ومؤسساتها واعتداءات على مواطنيها الأبرياء المسالمين، حسب تعبيره.
وفيما تجنب الإشارة إلى ضرورة عودة الأوضاع بسقطرى إلى ما كانت عليه بالسابق، اكتفى هادي بالتعبير عن أسفه لما حدث بالأرخبيل أخيراً. وقال إن المدرعات العسكرية التي اقتحمت مؤسسات الدولة هناك، كان ينبغي أن توجه إلى عقبة ثره وجبال الحشا وصرواح ونهم والبيضاء وقاع الحوبان، في إشارة إلى الجبهات المشتعلة لقوات "المجلس الانتقالي" والجيش الوطني على السواء مع مليشيا الحوثي. وخلت كلمة هادي من الشروط السابقة التي كانت تطرحها الشرعية مراراً عند الحديث عن اتفاق الرياض، وهي ضرورة تنفيذه كـ"مصفوفة مزمنة دون انتقاء"، بحيث تبدأ بالملف العسكري وانسحاب القوات الانفصالية من عدن وأبين قبيل الانتقال للشق السياسي المتعلق بتعيين محافظ لعدن، وتشكيل حكومة مناصفة مع الانفصاليين.
وباعتبارها المؤسسة التشريعية المنتخبة من الشعب، استقدم هادي هيئة رئاسة البرلمان من العاصمة المصرية القاهرة إلى الرياض، لتكون في الواجهة. ومن أجل ذلك عقد السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر لقاءين غير معلنين مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وهيئة رئاسة البرلمان، في فندق "الريتز كارلتون"، يومي الخميس والجمعة الماضيين، قبل أن يتم اللقاء الرسمي، الذي عاد به هادي إلى الأضواء بعد نحو شهرين من الغياب.
ولم تكن هيئة البرلمان هي الحاضرة الوحيدة في مشهد الانكسار الجديد للشرعية. فوفقاً لوكالة "سبأ" الرسمية، فقد حضر الاجتماع، نائب الرئيس الجنرال علي محسن الأحمر، ورئيس الحكومة معين عبدالملك، وحشد من المستشارين السياسيين الذين قدموا من القاهرة، وعلى رأسهم أحمد عبيد بن دغر ورشاد العليمي ونصر طه مصطفى، فضلاً عن الأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي، الذي يتهمه الانفصاليون بالاستحواذ على الشرعية.
وأكدت مصادر حكومية، لـ"العربي الجديد"، أن السفير السعودي لدى اليمن والمهندس الفعلي لاتفاق الرياض، محمد آل جابر مارس ضغوطاً على قيادة الحكومة الشرعية للقبول بمطالب "المجلس الانتقالي" تعيين محافظ لعدن وتشكيل حكومة جديدة مع الانفصاليين بشكل عاجل، قبل الخوض في أي نقاش بالملف الأمني والعسكري، الذي يتطرق لموضوع إعادة تموضع القوات وسحب الأسلحة الثقيلة وتسلميها للتحالف، بقيادة السعودية. وأشارت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها كونها غير مخولة بالحديث لوسائل الإعلام، إلى أن ممثلي الشرعية حاولوا انتزاع بعض المكاسب من المفاوضات غير المباشرة التي قادها آل جابر بين الحكومة والانفصاليين خلال يومين، لكنهم تفاجأوا ببيان جديد من "الانتقالي" يلّوح فيه بالتصعيد وإسقاط ما تبقى من المحافظات الجنوبية، وعلى رأسها حضرموت النفطية. ولا يستبعد أن السعودية هي من أوعزت إلى "الانتقالي" باللجوء إلى التصعيد الجديد بتوسيع رقعة ما يسمى بـ"الإدارة الذاتية" على كافة المحافظات الجنوبية، وتدشين احتجاجات بشعارات سلمية ضد من يصفونها بـ"الشرعية الفاسدة" بعدد من المحافظات، منها المهرة وشبوة، كما حدث أمس السبت.