وعمد هؤلاء إلى ترغيب الناخبين بتوفير وسائل انتقال لنقلهم إلى اللجان، وحثّهم على الذهاب من خلال مكبرات الصوت في كافة المناطق.
وظهرت بوضوح محاولات حشد الأقباط والنساء في مواجهة ضعف الإقبال، مع بدء عملية تصويت المصريين في الداخل في استفتاء تعديل الدستور، والتي تستمر ليومين إضافيين (الأحد والإثنين) من التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً.
ويحق التصويت في الاستفتاء لنحو 61 مليوناً و344 ألفاً و503 ناخبين، موزّعين على 368 لجنة تضم 10878 مركزاً انتخابياً، و13919 لجنة فرعية.
ووقف أنصار السيسي على أبواب اللجان الفرعية، في محاولة لإظهار أنّ هناك حالة من الإقبال على التصويت، في حين أعادت القنوات الفضائية الموالية للنظام بث اللقطات التي تظهر رقص بعض المواطنين على أبواب اللجان، سواء في الداخل أو الخارج، وكذا لأنصار حزب "النور" السلفي، على وجه التحديد، في محافظتي البحيرة والدقهلية، للتركيز على مشهد تراص المنقبات، وهن يحملن لافتات تأييد الدستور.
وبدت جلية محاولات حشد النساء للتصويت في المناطق الشعبية بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، خصوصاً في المناطق المكتظة بالسكان، مثل منشأة ناصر وبولاق الدكرور وشبرا الخيمة.
وعلى الدرب ذاته، بدت محاولات حشد الأقباط في مناطق شبرا والزيتون ومصر الجديدة وعزبة النخل والمرج في القاهرة، وأيضاً في محافظات الصعيد، مثل المنيا وأسيوط وسوهاج "بتوجيه من الكنائس في تلك المحافظات"، وفقاً لمصدر مطلع في حزب "مستقبل وطن".
وقال المصدر في حديث خاص مع "العربي الجديد"، إنّ "الحزب استعان بمجموعات كبيرة من المواطنين في جميع المحافظات، بمبالغ تراوح بين 150 و200 جنيه للتواجد أمام اللجان العامة، بهدف تشجيع الناخبين على المشاركة في استفتاء تعديل الدستور، فضلاً عن تسيير سيارات محملة بمكبرات الصوت لمطالبة الأهالي بالنزول، والمشاركة في عملية التصويت دعماً لمسيرة الوطن"، على حد تعبيره.
وحددت الهيئة الوطنية للانتخابات ساعة "راحة" للقضاة المشرفين على اللجان الفرعية، تبدأ من الساعة الثالثة عصراً وحتى الرابعة عصراً، على أن يتم الإعلان عن موعد الراحة في مكان ظاهر بالمركز الانتخابي، ومقر اللجنة من الداخل والخارج، وغلق مقار اللجان مؤقتاً بقفل تأميني بعد التأكد من سلامة غلق النوافذ وباب اللجنة، وغلق فتحة الصندوق بالقفل البلاستيكي، وإثبات رقمه في محضر إجراءات اللجنة.
ونص قرار الهيئة رقم 36 لسنة 2019، على أن يتم التحفظ على باقي الأوراق والمستندات بالوسيلة التي يراها رئيس اللجنة إلى حين انتهاء ساعة الراحة، وإثبات هذه الإجراءات في المحضر المعد لذلك، وأن يحظر على رئيس اللجنة، وأي من أعضائها مغادرة محيط المركز الانتخابي تحت أي ظرف، وفتح مقار اللجان بعد انتهاء فترة الراحة، والتأكد من سلامة الأقفال والأوراق والمستندات، وإثبات الإجراءات في المحضر المعد لذلك.
خروقات ورشى
وشهدت عملية التصويت العديد من الخروقات على أبواب اللجان، والتي تمثلت في توجيه الناخبين للتصويت بـ"نعم" على تعديل الدستور، من دون تدخل من القضاة المشرفين، في الوقت الذي استنفر فيه رجال الأعمال وأعضاء البرلمان في المحافظات، خصوصاً في محافظات الجيزة والفيوم وقنا وجنوب سيناء، لجمع أكبر قدر من المواطنين مقابل هدايا عينية "شنطة رمضان"، أو مبالغ مالية تراوح بين 50 و100 جنيه.
وقال مصدر مطلع في وزارة التموين، لـ"العربي الجديد"، إنّ ضباطاً من جهاز الأمن الوطني زاروا مقر الوزارة بوسط القاهرة، الخميس، وطالبوا وكلاء الوزارة والمديرين العموم بضرورة التنبيه على جميع العاملين في الوزارة بالذهاب إلى صناديق الاستفتاء للإدلاء بأصواتهم بتأييد التعديلات، في إطار محاولات النظام لدفع قرابة خمسة ملايين موظف في جهاز الدولة إلى التصويت في الاستفتاء.
وكان المصدر ذاته قد كشف تدخل أجهزة الدولة المصرية في عملية الاستفتاء، من خلال توزيع مكاتب التموين "كارتاً" متسلسلاً على المستحقين للسلع التموينية، ومطالبتهم بختمه داخل اللجنة الانتخابية المخصصة لهم، ومن ثم تسليمه إلى مكتب التموين بعد الإدلاء بأصواتهم، للحصول على "شنطة رمضان" تضم أصناف "أرز وسكر وزيت ومسلى صناعي وصلصلة طماطم وبلح".
السيسي ومدبولي
إلى ذلك، أدلى السيسي بصوته في الاستفتاء على تعديل الدستور بمدرسة الشهيد مصطفى يسري عميرة بضاحية مصر الجديدة، شرقي القاهرة، في الدقائق الأولى لانطلاق التصويت داخل مصر، وهي اللجنة التي تشرف عليها القاضية مروة بركات، ابنة النائب العام الراحل هشام بركات، والذي اغتيل في عام 2015. وهي المرة الثانية التي تشرف فيها مروة على لجنة السيسي، بعد انتخابات الرئاسة التي أجريت في العام الماضي.
كما أدلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، بصوته في مدرسة الشيخ زايد الفندقية بمحافظة الجيزة، مصرحاً لوسائل الإعلام: "حرصت على المشاركة في الاستفتاء كمواطن مصري، وأطالب جميع المصريين بالمشاركة الإيجابية في الاستفتاء بكل شفافية، لأن المشاركة هي واجب وطني، ويجب أن يحرص عليها الجميع، حتى يعبروا عن رأيهم بحرية تامة في مناخ ديمقراطي كامل"، حسب زعمه.
وشدد مدبولي على جموع المصريين بضرورة المشاركة في الاستفتاء، قائلاً "المشاركة في استفتاء تعديل الدستور هي رسالة للعالم، تعكس مناخ الاستقرار والديمقراطية التي نعيشها في مصر حالياً"، مستطرداً "الحكومة وفرت كافة اللوجيستيات والتأمين الكامل لأداء المواطن بصوته في الاستفتاء بسهولة ويسر".
وأدلى مفتي الجمهورية شوقي علام، بصوته في مدرسة "الحسين الإعدادية بنات"، في حي الحسين بالقاهرة، داعياً كل مصري إلى الإدلاء بصوته وممارسة حقه الانتخابي، تحت ذريعة أن "المشاركة في الاستحقاقات الديمقراطية واجب وطني على كل مواطن مصري يعيش في الداخل أو الخارج"، وأنّ "المشاركة الواعية تظهر مدى حرية المصريين، فضلاً عن أنها دليل على تقدم الأمم".
تصويت الخارج
وبدأ المصريون المقيمون في الخارج التصويت على تعديلات الدستور، التي أقرها مجلس النواب الثلاثاء الماضي، اعتباراً من أمس الجمعة، ولمدة ثلاثة أيام، من الساعة التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساءً (بالتوقيت المحلي لدولة الاعتماد)، في 140 مقراً انتخابياً في 124 دولة توجد فيها بعثات مصرية، وذلك طبقاً للضوابط المنظمة لعملية التصويت المعتمدة من الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر.
ووافق مجلس النواب على تعديلات الدستور، بصفة نهائية، بأغلبية 531 نائباً، مقابل رفض 22 نائباً، وامتناع نائبة واحدة عن التصويت، بإجمالي حضور بلغ 554 نائباً، من مجموع أعضاء البرلمان البالغ 595 نائباً. وضمت قائمة الرافضين 14 نائباً من أعضاء تكتل (25-30)، بالإضافة إلى النواب: أكمل قرطام، وفايزة محمود، وسمير غطاس، ورضا البلتاجي، ومحمد عطا سليم، وإلهامي عجينة، وأبو المعاطي مصطفى، ومحمد فؤاد.
منظمة واحدة
تجدر الإشارة إلى رفض الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر منح تصاريح متابعة عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية للعشرات من منظمات المجتمع المدني التي تقدمت بطلبات مستوفية الشروط لمتابعة الاستفتاء، مع استثناء منظمة محلية واحدة على سبيل الحصر، هي مؤسسة "ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان"، إلى جانب ثلاث منظمات دولية هي "إيكو" من اليونان، و"غالس" من أوغندا، و"متطوعون بلا حدود" من لبنان.
وتستهدف تعديلات الدستور مد ولاية السيسي الحالية من أربع إلى ست سنوات، وتطبيق المد بأثر رجعي لتنتهي في عام 2024 بدلاً من عام 2022، مع السماح بترشحه مجدداً لفترة رئاسية ثالثة تنتهي في عام 2030، فضلاً عن إنشاء مجلس أعلى للهيئات القضائية برئاسته، ومنحه سلطة تعيين النائب العام، ورئيس المحكمة الدستورية، وإضافة "حماية مدنية الدولة" و"صون الدستور والديمقراطية" إلى اختصاصات المؤسسة العسكرية.