لم تخضع السلطات التونسية لضغط الاحتجاجات المتكررة على المعابر الحدودية بين تونس والجزائر بسبب مطالبة السياح الجزائريين بحذف الرسوم الضريبية على عبورهم إلى جارتهم الشرقية.
وتعيش المعابر الحدودية البرية في أم الطبول وملولة وساقية سيدي يوسف بتونس، حالة من الغليان؛ بسبب ما يصفه جزائريون بالإجراء الجائر تجاههم، حيث فرضت عليهم الحكومة التونسية ضريبة جديدة بقيمة 15 دولاراً، إزاء كل عملية دخول لأراضيها.
وبلغ غضب الجزائريين أول من أمس الأول، إلى حد إغلاق البوابة الحدودية في معتمدية ساقية سيدي يوسف من محافظة الكاف.
ووجه رئيس المجموعة البرلمانية لجبهة العدالة والتنمية في تونس، لخضر بن خلاف، استفساراً لوزير الخارجية رمطان لعمامرة، حول ما وصفه الابتزاز الذي يتعرض له السائح الجزائري لدى عبور المنافذ الحدودية من قبل الجانب التونسي، والذي يتمثل في سداد ضريبة مقدرة بنحو 30 ديناراً تونسياً (15 دولاراً) في كل مرة يدخل تونس.
وكان البرلمان التونسي صادق على ضريبة العبور ضمن قانون المالية في أغسطس/آب 2014، حيث تُفرض على الزائرين الأجانب لتونس عند مغادرتهم البلاد. وبررت تونس هذه الخطوة بحاجتها لتمويل المواد المدعمة التي يستهلكها الزائرون خلال إقامتهم بالبلاد.
واعتبر النائب، وفق تصريح تناقلته وسائل الإعلام الجزائرية، أن عديد العربات تدخل بمعدل مرتين في اليوم الواحد، وهذا ما يكلفهم مصاريف إضافية، مطالباً بإيجاد تسوية لهذه الإشكالية التي تسيء إلى بلدين جارين تجمعهما الكثير من المصالح المشتركة.
وفي السنوات العجاف التي مرت بها السياحة التونسية (2015 -2016) بسبب تداعيات الوضع الأمني، مثّل السياح الجزائريون صمام الأمان للقطاع في الوقت الذي أدارت فيه العديد من الأسواق التقليدية لتونس ظهرها للسياحة التونسية، لتضعها ضمن قائمة البلدان الخطرة بعلة المخاوف الإرهابية.
ويتوافد الجزائريون بأعداد كبيرة على تونس لقضاء عطلاتهم، خاصة خلال ذروة الموسم السياحي في الصيف، حيث يقدر عددهم سنوياً بنحو 1.2 مليون زائر.
ومع إقرار وزارة المالية لضريبة الـ 15 دولاراً، وعدت وزيرة السياحة سلمى اللومي، بتمكين السياح الجزائريين من إجراءات تفاضلية كتخفيضات في الفنادق وغيرها، كردّ معروف على وفائهم للسوق التونسية في الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وقال المستشار الإعلامي بوزارة السياحة سيف الشعلالي في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن فرض رسم ضريبي بنحو 15 دولاراً لا يستهدف السياح الجزائريين، بل يشمل كل السيارات ذات اللوحات الأجنبية التي تدخل تونس، بما في ذلك السيارات المملوكة لتونسيين.
وأشار إلى أن هذا الرسم يوجه لتحسين الطرق والبنى التحتية، لا سيما على الطرقات الرابطة بين العاصمة والمدن الحدودية، مضيفاً أن وزيرة السياحة تدارست إمكانية أعفاء السياح الجزائريين من هذا الرسم، مع وزير المالية سليم شاكر، غير أن شح الموارد المالية للدولة حال دون اتخاذ هذا القرار.
ولفت الشعلالي إلى أن المحتجين هم بالأساس سكان المناطق الحدودية ممن يترددون على تونس بصفة دورية في إطار الأنشطة الاقتصادية بين الجانبين، مؤكداً على أن الضريبة الجديدة معمول بها في كل دول العالم، ولا نية لحذفها في الوقت الحالي.
وقال مسؤول بوزارة الخارجية التونسية في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية "وات"، أول من أمس، إن مفاوضات جارية بين الجانبين التونسي والجزائري لتسهيل دخول السياح الجزائريين إلى تونس وتفادي أي إشكالات جديدة في المعابر الحدودية.
وتشهد المعابر الحدودية هذه الأيام تدفقاً كبيراً للسياح الجزائريين، حيث سجل معبر ملولة في 8 أغسطس/آب الجاري، رقماً قياسياً بدخول 6500 جزائري في يوم واحد، فيما تسجل المراكز الجمركية على الحدود في المعدل ما بين 1500 و2500 وافداً من الجارة الغربية.
وتأتي أزمة المعابر في ظل انفراج نوعي في أزمة النقل البري بين تونس والجزائر، إذ بدأت هذا الأسبوع وسائل النقل العام للمسافرين، تقوم بزيارة يومية بين مدينة عنابة، شرقي الجزائر، والعاصمة تونس، إضافة إلى رحلة أسبوعية بين العاصمة الجزائرية وتونس العاصمة.
فبعد انقطاع دام سنوات انطلقت، منذ أسبوعين، أول حافلة للنقل البري من العاصمة تونس باتجاه محطة المسافرين بمدينة عنابة، شرقي الجزائر، وبأسعار أقل من تلك التي تفرضها سيارات أجرة كانت تؤمّن، وبشكل غير قانوني، التنقل بين مدن شرقي الجزائر، مثل سطيف وعنابة وقسنطينة، إلى تونس، فضلاً عن إعادة تشغيل الخط الحديدي بين تونس ومدينة عنابة.