كثيراً ما تقودني حكايات زميلتي إيمان إلى التقصي والبحث والتنقيب والكتابة. وكانت قد حكت قبل أسبوعين كيف أنّ أباها المتحفّز جداً لكلّ ما يتعلق بجائحة كورونا قد طرد قطتها الصغيرة لمجرد أنّها عطست، من دون أن تتمكّن من الاعتراض.
جُبلنا نحن البشر على صبّ جام غضبنا على الضعفاء منا، ومن يشاركنا بيئتنا من حيوانات أليفة، رغم المكانة الكبيرة التي تحظى بها لدى العديد من الأسر، خصوصاً الأسر الصغيرة، نسبة لما توفره من تعويض مشاعر. لذلك، نجد الإقبال الكبير على اقتنائها في كلّ مكان، ففي ألمانيا وحدها يوجد من الكلاب والقطط نحو 34 مليوناً، ينفق أصحابها على إطعامها والاعتناء بها ملايين الدولارات سنوياً. وبالرغم من هذا، نجد أنّ هناك احتجاجات كبيرة على المعاناة التي تتعرّض لها الحيوانات في المعامل والمختبرات الطبية. وهناك احتجاجات على استخدام فراء أنواع منها في صناعة معاطف السيدات، والأحذية الرجالية، فقد انقرضت لدينا في السودان النمور بسبب حذاء "مركوب النمر" الذي يصل سعره إلى أكثر من 300 دولار أميركي.
منذ تفاقم جائحة كورونا، اتجهت نظرات الاتهام إلى الحيوانات المنزلية، فقد ذكر تقرير نشرته "بي بي سي" في الثالث من إبريل/ نيسان الماضي، أنّ أعداداً من الحيوانات الأليفة تعرّضت للإيذاء إلى حدّ تسميمها خوفاً من تسببها في نقل الفيروس. وأوردت وكالة "رويترز" أنّ منظمة الصحة العالمية قد طلبت "عدم الانتقام من الحيوانات عند تفشي المرض"، مؤكدة: "نحن لا نعتقد أنّ الحيوانات تلعب دوراً في انتقال العدوى، لكنّنا نرجح أنّها قد تصاب بالفيروس"، وفق عالمة الأوبئة بالمنظمة، ماريا فان كيرخوف. لكنّ دراسة مبنية على بحث أجري في الصين في يناير/ كانون الثاني، وفبراير/ شباط الماضيين، نشرت نتائجها مجلة "ساينس"، وجدت أنّ القطط والنمس أكثر الحيوانات الأليفة عرضة للإصابة بكورونا، لكنّها، كما جاء في الدراسة التي أجراها معهد "فريدريش لوفلر" المعني برصد الأوبئة الحيوانية في ألمانيا، لا تنقل العدوى، والمصدر الرئيس للعدوى بالفيروس ما زال انتقالها من إنسان إلى آخر. ولم يوصِ المعهد باتباع إجراءات مع الكلاب والقطط، مثل العزل أو الفصل أو الحجر الصحي، لكنّه أوصى بوجه عام أصحاب الحيوانات، خصوصاً المصابين بالفيروس، باتباع قواعد النظافة عند التعامل مع حيواناتهم. ويؤكد الطبيب البيطري بجامعة برلين الحرة آخيم غروبر أنّنا "نحوّل حيواناتنا الأليفة إلى ضحايا، ويتم إضفاء صفة البشر عليها إلى درجة أنّنا سلبنا منها الطبيعة الخاصة بها".
اقــرأ أيضاً
على هذه الحال، نخشى من تواصل الهجمة على الحيوانات الأليفة قتلاً ومطاردة، مثلما نخشى أن تتعرض إلى مجزرة جديدة باسم البحث العلمي، ومساعي الوصول إلى سبر غور كورونا... فرفقاً يا هؤلاء.
*متخصص في شؤون البيئة
جُبلنا نحن البشر على صبّ جام غضبنا على الضعفاء منا، ومن يشاركنا بيئتنا من حيوانات أليفة، رغم المكانة الكبيرة التي تحظى بها لدى العديد من الأسر، خصوصاً الأسر الصغيرة، نسبة لما توفره من تعويض مشاعر. لذلك، نجد الإقبال الكبير على اقتنائها في كلّ مكان، ففي ألمانيا وحدها يوجد من الكلاب والقطط نحو 34 مليوناً، ينفق أصحابها على إطعامها والاعتناء بها ملايين الدولارات سنوياً. وبالرغم من هذا، نجد أنّ هناك احتجاجات كبيرة على المعاناة التي تتعرّض لها الحيوانات في المعامل والمختبرات الطبية. وهناك احتجاجات على استخدام فراء أنواع منها في صناعة معاطف السيدات، والأحذية الرجالية، فقد انقرضت لدينا في السودان النمور بسبب حذاء "مركوب النمر" الذي يصل سعره إلى أكثر من 300 دولار أميركي.
منذ تفاقم جائحة كورونا، اتجهت نظرات الاتهام إلى الحيوانات المنزلية، فقد ذكر تقرير نشرته "بي بي سي" في الثالث من إبريل/ نيسان الماضي، أنّ أعداداً من الحيوانات الأليفة تعرّضت للإيذاء إلى حدّ تسميمها خوفاً من تسببها في نقل الفيروس. وأوردت وكالة "رويترز" أنّ منظمة الصحة العالمية قد طلبت "عدم الانتقام من الحيوانات عند تفشي المرض"، مؤكدة: "نحن لا نعتقد أنّ الحيوانات تلعب دوراً في انتقال العدوى، لكنّنا نرجح أنّها قد تصاب بالفيروس"، وفق عالمة الأوبئة بالمنظمة، ماريا فان كيرخوف. لكنّ دراسة مبنية على بحث أجري في الصين في يناير/ كانون الثاني، وفبراير/ شباط الماضيين، نشرت نتائجها مجلة "ساينس"، وجدت أنّ القطط والنمس أكثر الحيوانات الأليفة عرضة للإصابة بكورونا، لكنّها، كما جاء في الدراسة التي أجراها معهد "فريدريش لوفلر" المعني برصد الأوبئة الحيوانية في ألمانيا، لا تنقل العدوى، والمصدر الرئيس للعدوى بالفيروس ما زال انتقالها من إنسان إلى آخر. ولم يوصِ المعهد باتباع إجراءات مع الكلاب والقطط، مثل العزل أو الفصل أو الحجر الصحي، لكنّه أوصى بوجه عام أصحاب الحيوانات، خصوصاً المصابين بالفيروس، باتباع قواعد النظافة عند التعامل مع حيواناتهم. ويؤكد الطبيب البيطري بجامعة برلين الحرة آخيم غروبر أنّنا "نحوّل حيواناتنا الأليفة إلى ضحايا، ويتم إضفاء صفة البشر عليها إلى درجة أنّنا سلبنا منها الطبيعة الخاصة بها".
على هذه الحال، نخشى من تواصل الهجمة على الحيوانات الأليفة قتلاً ومطاردة، مثلما نخشى أن تتعرض إلى مجزرة جديدة باسم البحث العلمي، ومساعي الوصول إلى سبر غور كورونا... فرفقاً يا هؤلاء.
*متخصص في شؤون البيئة