ضجة في أسواق المال

23 نوفمبر 2015
توقعات برفع أسعار الفائدة الأميركية(Getty)
+ الخط -
يعاني العديد من المستثمرين حول العالم من الإرباك حالياً. فهم لا يستطيعون تحديد سياساتهم الاستثمارية الجديدة حيال قرار مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي المرتقب حول رفع أسعار الفائدة أو إبقائها كما هي. في الواقع، قد يكون الاحتياطي الفدرالي في موقف قوي، هذه المرة، لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقبل في شهر ديسمبر/كانون الأول، ما يدفع المستثمرين إلى التساؤل عن التعديلات التي ينبغي القيام بها ضمن محافظهم الاستثمارية، في حال اتخاذ القرار برفع معدلات الفائدة للمرة الأولى منذ سبع سنوات، والقريبة حالياً من صفر بالمائة. إلا أن الإجابة على هذا السؤال تختلف بحسب شخصية المستثمر، ومركزه المالي.
في هذا الصدد، يتساءل البعض حول جدوى الاحتفاظ بالأسهم المدرّة للأرباح على حاملي الأسهم بشكل منتظم مقارنة بأدوات الدخل الثابت التقليدية، مثل السندات، التي فقدت جاذبيتها الاستثمارية خلال السنوات الماضية نتيجة لتراجع عوائدها السنوية. لذلك، فإن المستثمر الذي يفضل شراء السندات قد يكون أكثر عرضة لاتخاذ تعديلات على سياساته الاستثمارية، ذلك أنه لا يثق في أسواق الأسهم وتقلباتها، وقدرة الشركات على تغيير سياساتها المتعلقة بتوزيع الأرباح. هذا النوع من المستثمرين مطالب بالتريث قبل تعزيز حصة السندات في محافظهم الاستثمارية وتقليص حصة الأسهم، وذلك لعدة أسباب:
أولاً: إن مجلس الاحتياطي الفدرالي، وبكل بساطة، قد لا يتخذ خطوة باتجاه رفع الفائدة الشهر المقبل، رغم أنه خيار مرجح بشكل كبير، ولكن حتى وإن تم رفع الفائدة، فإن الزيادة المتوقعة ستكون صغيرة، وقد لا تتجاوز ربع نقطة مئوية.
ثانياً: من غير المتوقع أن تعقب هذه الخطوة زيادات فورية على معدلات الفائدة، إذ إن الاحتياطي الفدرالي سيكون بحاجة إلى دراسة العواقب الوخيمة على الاقتصاد الأميركي في حال الإقدام على عمليات رفع متتالية لمعدلات الفائدة.
ثالثاً: إن رفع سعر الفائدة بمقدار ضئيل ليس من شأنه تعويض سنوات من عوائد قريبة من الصفر، ولا بمقدوره منافسة الأسهم المدرة للأرباح التي ميزت مرحلة مزدهرة استمرت عقدا من الزمن.
لهذه الأسباب، فإن سوق السندات قد تستغرق وقتاً طويلاً لاستعادة دورها التقليدي كملاذ آمن للأموال الباحثة عن التنويع وتوزيع المخاطر ودخل مغر ثابت، حتى في حال استمرار عملية رفع أسعار الفائدة بشكل متوال. وضمن هذا الإطار، فإن الأسهم ذات التوزيعات المنتظمة تقوم، عادة، بتوزيع هذه الأرباح بشكل نقدي، بعضها على أساس شهري والبعض الآخر كل 3 أشهر، ما يوفر السيولة المالية المرجوة. عندما يكون رأس المال المُستثمر في السندات قادرا على توليد ذات الدخل السنوي للأسهم أو أكثر، فإن هذا النوع من المستثمرين عليه النظر في تقليص حصة الأسهم في محافظهم الاستثمارية بشكل ملموس.

تراجع أسواق الأسهم الخليجية، على سبيل المثال، في الفترة الأخيرة، كان نتاج عدة عوامل، من بينها التراجع الحاد في أسعار النفط، وتقلص أرباح عدد من الشركات القيادية الكبرى، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأميركي القوي، الذي جعل شراء الأسهم في الأسواق الخليجية أكثر كلفة. وبالمثل، فإن أسواق الأسهم في العديد من الدول النامية، مثل تركيا والبرازيل والهند، التي تعاني عملاتها الوطنية من تراجعات حادة مقابل الدولار، قد تتلقى ضربة موجعة حال رفع معدلات الفائدة الأميركية والذي سيتسبب، على الأرجح، في ارتفاع جديد للعملة الأميركية خلال العام القادم.
أما بالنسبة للمستثمرين الذين ما زالوا في طور بناء محافظهم الاستثمارية، فإن هؤلاء عليهم الاستمرار في البحث عن فرص استثمارية ناجحة، من خلال الاستثمار في سوق الأسهم أو السندات، إلا أن ذلك لا يعني تجاهُل ما يتخذه الاحتياطي الفدرالي من قرارات، ولكن استخدامها في استكمال بناء هذه المحافظ على أسس واضحة ومتينة. وفي حين يتوقع معظم المحللين، أن أسواق الأسهم العالمية قد تواجه بعض المشاكل كلما اتخذ الاحتياطي الفدرالي قراراً برفع الفائدة. إلا أن العكس قد يكون صحيحاً، كذلك، فإن الزيادة المرتقبة على أسعار الفائدة الأميركية، لن تكون مفاجأة لأسواق الأسهم في هذه المرحلة، وقد لا تستمر طويلاً، أيضاً. لذلك، على المستثمر من هذا النوع أن يكون على استعداد تام لشراء الأسهم المدرة للدخل كلما تراجعت أسعارها.
(خبير اقتصادي أردني)

اقرأ أيضاً:بورصات تحت الضباب
المساهمون