على بعد أيامٍ قليلة من الموعد المقرر لعقد جولةٍ اجتماعات جديدة حول الملف السوري في مدينة جنيف، والتي تأتي هذه المرة في ظروف خاصة فرضتها الهدنة المؤقتة، التي تبناها مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2268، تؤشر كافة المعطيات أن كلاًّ من النظام والمعارضة، يعتزمان التوجه بالفعل إلى المدينة السويسرية خلال أيام، في ظل استمرار الخلافات حول نقاط أساسية لا تزال موضع جدلٍ حاد، مما يرسم إشارات استفهام، حول جدول أعمال الاجتماعات وما ستتمخض عنه. وجاء كلام المنسق العام للهيئة التفاوضية، رياض حجاب، عن أن "تشكيل هيئة الحكم الانتقالي على رأس جدول أعمال محادثات جنيف"، ليعزز فرضية مشاركة المعارضة، رغم أن حجاب نفسه أرجأ القرار النهائي إلى "الأيام القليلة المقبلة" للحسم ما إذا كانت الهيئة العليا للتفاوض ستتوجه إلى جنيف، للمشاركة في الجولة التي حدد المبعوث الأممي، ستيفان دي ميستورا، العاشر من الشهر الحالي موعداً لها، بينما علمت "العربي الجديد" أن موعدها الفعلي سيكون 14 مارس/آذار الحالي، وليس العاشر منه.
وبدت تصريحات حجاب، وخصوصاً حيال الرفض القاطع للتصور الروسي لسورية فيدرالية، استباقية لما قد يطرحه الروس وحلفاؤهم من السوريين، ممن ستتم دعوتهم إلى جنيف، ربما لتضييع النقاش الذي يجب أن يتصدره لمف تشكيل هيئة الحكم الانتقالية التي نصت عليها قرارات مجلس الأمن وبيانات القوى المعنية بالموضوع السوري، وفي مقدمتها بيان جنيف 2012، الذي جرى الالتفاف أميركياً وروسياً على عدد من بنوده في القرار 2254.
وجرت أول من أمس (الأحد) لقاءات للهيئة العليا للتفاوض في الرياض مع القيادة السعودية ومع المبعوث الأميركي، مايكل راتني. كما اتصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالمنسق العام للهيئة، رياض حجاب، دار الحديث فيه حول القضايا الإنسانية في سورية، وضرورة رفع الحصار وإطلاق سراح المعتقلين بموجب ما بات يعرف بـ"البنود الإنسانية" من القرار الدولي 2254، وأولوية تنفيذها والحديث عن مخالفات روسيا والنظام للهدنة والحشود التي يقوم بها النظام والإيرانيون في حلب والغوطة الشرقية ومناطق أخرى، وبحث موضوع المفاوضات المقررة.
اقرأ أيضاً: الاستخبارات البريطانية تحضّر ملفا لمحاكمة بوتين بجرائم في سورية
وتفيد أجواء القيادة السياسية للمعارضة بأن المفاوضات إن بدأت في موعدها المحدد بعد أيام، فيجب أن يحصل ذلك انطلاقاً من بحث هيئة الحكم الانتقالي، وهو ما تبنّاه وزير الخارجية، عادل الجبير، في تصريحات صحافية قبل يومين، وهو أيضاً ما وافق عليه كيري في اتصاله الهاتفي بالمجتمعين في الرياض، أمس الأحد، وتعهد ببحثه في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته المقررة قريباً إلى موسكو.
وفيما كان حجاب واضحاً في التأكيد على أن "بحث تشكيل هيئة حكم انتقالي في سورية أساسي في محادثات جنيف" وأنه يتعين على الأسد أن "يغادر سورية في بداية العملية الانتقالية ويمثل أمام العدالة الدولية ويحاسب على ارتكاب جرائم حرب"، أكد المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا، رياض نعسان آغا، أن المعارضة اختارت المفاوضات كحل، فـ"هيئتنا أصلا هي هيئة تفاوض، وأعلنا التزامنا بالحل السياسي"، وإن كان لم يحدد بشكل قاطع، الموعد الذي ستعلن فيه الهيئة التي يتحدث باسمها موقفها النهائي. وفيما أبدت الهيئة حزماً حول رفضها "أي تدخل في الوفد" الذي سيمثلها في المحادثات، فضلاً عن محاولة فرضها لشروط تحقيق "تقدم الجهود في المسار الإنساني"، فإن آغا أكد على أن "موضوع التفاوض سيكون كما نص قرار مجلس الأمن 2254 هو تشكيل هيئة حكم انتقالية، ولن نقبل الخوض في قضايا خارج ما حدده القرار".
لكن القرار 2254، والذي بدا أنه محاولةٌ من القوى الكبرى لفرضِ حلٍّ في سورية، بتوافق روسي أميركي، لم يتحدث إطلاقاً عن مصير الرئيس السوري، بشار الأسد، وهي أبرز نقطة خلاف جوهرية، إذ لا تقبل المعارضة بأن يؤدي الأسد، أي دور في مستقبل سورية، ولا حتى في المرحلة الانتقالية، التي بدورها أيضاً لا تبدو واضحة المعالم حتى اليوم، ولو أن القرار الدولي عينه، تحدث عن إجراء انتخابات حرّة بعد 18 شهراً من بدء المفاوضات بناء على دستور جديد ينتهي العمل عليه خلال 6 أشهر.
وعلى ضوء المعلومات، التي حصلت عليها "العربي الجديد" من مصدر في المعارضة السورية، فإن المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، "أكمل إعادة توزيع الدعوات لذات الأطراف التي تمت دعوتها إلى مباحثات جنيف" السابقة، مما يعني غياب تمثيل "قوات سورية الديمقراطية" في الجولة الثانية من المفاوضات رغم المحاولات الكثيرة التي بذلتها للمشاركة، بما في ذلك الدخول عبر بوابة روسيا بعد تشكيل قائمة "العلمانيين الديمقراطيين" من مجلس "سورية الديمقراطية" و"الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير" وحركة المجتمع التعددي.
في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن المبعوث الأممي إلى سورية "خفض هذه المرة مستوى اللقاء من مباحثات غير مباشرة بين المعارضة والنظام، إلى مشاورات بين الأطراف المدعوة والأمم المتحدة في الرابع عشر من مارس/آذار الجاري"، في حين تبرز إشارات استفهامٍ، حول غياب جدول أعمالٍ واضح لهذه الاجتماعات المرتقبة.
فغياب جدول الأعمال الذي من المفترض أن يوضح خط سير هذه العملية السياسية برمتها، يدفع بعض المراقبين إلى التشكيك في نوايا دي ميستورا، الذي لم يعلن بشكل دقيق عن الهدف المرحلي، من "المشاورات" المقبلة. ويرى عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري، عبد الرحمن الحاج، بأن "دي ميستورا نفسه يحاول اللعب على توريط الهيئة العليا للمفاوضات من خلال هذه المشاورات، فهو بالنهاية يريد استدعاء أطرافٍ أخرى لزجها في وفد المعارضة بغية توسيعه قبل بدء المفاوضات الفعلية". ويضيف الحاج في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "المعارضة السورية لديها موقف واضح وحاسم من رفضها مشاركة ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي وما يعرف بمجلس سورية الديمقراطية، لكن هناك ضغوطاً أميركية وروسية لزج كيانات سياسية في وفد المعارضة، الذي لا حل أمامه سوى المناورة في هذه الفترة. والحقيقة هناك محاولة لإطالة أمد فترة المشاورات لمحاولة توسيع وفد ممثلي المعارضة قبل انطلاق المفاوضات الفعلية، التي تسعى بعض القوى الكبرى إلى عدم البدء فيها قبل توسيع وفد المعارضة".
ويدلل المعارض السوري على ذلك بأن "كل ما يجري الآن هو عمليات إجرائية وليست مسار مفاوضات"، مؤكداً أن "العقبات الحقيقية في وجه العملية السياسية، هي عند بدء المفاوضات، في ظل عدم وضوح موقف المجتمع الدولي من تشكيل هيئة حكم انتقالية لا دور للأسد فيها، وهو ما يرفضه النظام والمقربون منه، إذ يتحدثون عن حكومة شراكة لا هيئة حكم انتقالية". ويختم الحاج حديثه حول هذه النقطة بالقول إن "الروس وأحياناً المسؤولين الأميركيين يخلطون بشكل متعمد بين الأمرين (حكومة شراكة أو هيئة حكم انتقالية)"، مؤكداً أن "موقف المعارضة حاسم ودقيق جداً في هذا الأمر، لأن أية عملية حل سياسي، بدون الوصول إلى هيئة حكم انتقالي تلغي دور الأسد، تعني شرعنته والانضواء تحت حكمه ولو لمجرد فترة انتقالية، وهذا ما لا يمكن أن تنجر إليه المعارضة".
اقرأ أيضاً مضايا..1600حالة سوء تغذية بينها 200 بحال خطر
وجرت أول من أمس (الأحد) لقاءات للهيئة العليا للتفاوض في الرياض مع القيادة السعودية ومع المبعوث الأميركي، مايكل راتني. كما اتصل وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالمنسق العام للهيئة، رياض حجاب، دار الحديث فيه حول القضايا الإنسانية في سورية، وضرورة رفع الحصار وإطلاق سراح المعتقلين بموجب ما بات يعرف بـ"البنود الإنسانية" من القرار الدولي 2254، وأولوية تنفيذها والحديث عن مخالفات روسيا والنظام للهدنة والحشود التي يقوم بها النظام والإيرانيون في حلب والغوطة الشرقية ومناطق أخرى، وبحث موضوع المفاوضات المقررة.
اقرأ أيضاً: الاستخبارات البريطانية تحضّر ملفا لمحاكمة بوتين بجرائم في سورية
وتفيد أجواء القيادة السياسية للمعارضة بأن المفاوضات إن بدأت في موعدها المحدد بعد أيام، فيجب أن يحصل ذلك انطلاقاً من بحث هيئة الحكم الانتقالي، وهو ما تبنّاه وزير الخارجية، عادل الجبير، في تصريحات صحافية قبل يومين، وهو أيضاً ما وافق عليه كيري في اتصاله الهاتفي بالمجتمعين في الرياض، أمس الأحد، وتعهد ببحثه في لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته المقررة قريباً إلى موسكو.
وفيما كان حجاب واضحاً في التأكيد على أن "بحث تشكيل هيئة حكم انتقالي في سورية أساسي في محادثات جنيف" وأنه يتعين على الأسد أن "يغادر سورية في بداية العملية الانتقالية ويمثل أمام العدالة الدولية ويحاسب على ارتكاب جرائم حرب"، أكد المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا، رياض نعسان آغا، أن المعارضة اختارت المفاوضات كحل، فـ"هيئتنا أصلا هي هيئة تفاوض، وأعلنا التزامنا بالحل السياسي"، وإن كان لم يحدد بشكل قاطع، الموعد الذي ستعلن فيه الهيئة التي يتحدث باسمها موقفها النهائي. وفيما أبدت الهيئة حزماً حول رفضها "أي تدخل في الوفد" الذي سيمثلها في المحادثات، فضلاً عن محاولة فرضها لشروط تحقيق "تقدم الجهود في المسار الإنساني"، فإن آغا أكد على أن "موضوع التفاوض سيكون كما نص قرار مجلس الأمن 2254 هو تشكيل هيئة حكم انتقالية، ولن نقبل الخوض في قضايا خارج ما حدده القرار".
لكن القرار 2254، والذي بدا أنه محاولةٌ من القوى الكبرى لفرضِ حلٍّ في سورية، بتوافق روسي أميركي، لم يتحدث إطلاقاً عن مصير الرئيس السوري، بشار الأسد، وهي أبرز نقطة خلاف جوهرية، إذ لا تقبل المعارضة بأن يؤدي الأسد، أي دور في مستقبل سورية، ولا حتى في المرحلة الانتقالية، التي بدورها أيضاً لا تبدو واضحة المعالم حتى اليوم، ولو أن القرار الدولي عينه، تحدث عن إجراء انتخابات حرّة بعد 18 شهراً من بدء المفاوضات بناء على دستور جديد ينتهي العمل عليه خلال 6 أشهر.
في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن المبعوث الأممي إلى سورية "خفض هذه المرة مستوى اللقاء من مباحثات غير مباشرة بين المعارضة والنظام، إلى مشاورات بين الأطراف المدعوة والأمم المتحدة في الرابع عشر من مارس/آذار الجاري"، في حين تبرز إشارات استفهامٍ، حول غياب جدول أعمالٍ واضح لهذه الاجتماعات المرتقبة.
فغياب جدول الأعمال الذي من المفترض أن يوضح خط سير هذه العملية السياسية برمتها، يدفع بعض المراقبين إلى التشكيك في نوايا دي ميستورا، الذي لم يعلن بشكل دقيق عن الهدف المرحلي، من "المشاورات" المقبلة. ويرى عضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري، عبد الرحمن الحاج، بأن "دي ميستورا نفسه يحاول اللعب على توريط الهيئة العليا للمفاوضات من خلال هذه المشاورات، فهو بالنهاية يريد استدعاء أطرافٍ أخرى لزجها في وفد المعارضة بغية توسيعه قبل بدء المفاوضات الفعلية". ويضيف الحاج في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "المعارضة السورية لديها موقف واضح وحاسم من رفضها مشاركة ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي وما يعرف بمجلس سورية الديمقراطية، لكن هناك ضغوطاً أميركية وروسية لزج كيانات سياسية في وفد المعارضة، الذي لا حل أمامه سوى المناورة في هذه الفترة. والحقيقة هناك محاولة لإطالة أمد فترة المشاورات لمحاولة توسيع وفد ممثلي المعارضة قبل انطلاق المفاوضات الفعلية، التي تسعى بعض القوى الكبرى إلى عدم البدء فيها قبل توسيع وفد المعارضة".
اقرأ أيضاً مضايا..1600حالة سوء تغذية بينها 200 بحال خطر