يحق للاجئين السوريين من حملة بطاقة الحماية المؤقتة في تركيا الحصول على أدوية مجاناً من بعض الصيدليات. لكنّ تأخر حصول الأخيرة على المال يجعلها لا تلتزم بما يتوجب عليها، ليقع اللاجئون ضحية مشاكل إدارية.
يشكو سوريّون تلكؤ بعض صيدليات إسطنبول أو امتناعها عن صرف وصفات طبيّة تحمل ختم أطباء أتراك أو مستشفيات حكومية، ليتمكّن اللاجئون من حملة بطاقة الحماية المؤقتة (كملك) من الحصول على الأدوية مجاناً أو مع حسم يزيد عن 80 في المائة، بحسب نوع الدواء. وبحسب قرار إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، يمنح السوريون اللاجئون، سواء في المخيمات أو الولايات التركية، الدواء مجاناً من الصيدليات المتعاونة معها، شرط أن تكون الوصفة الطبية صادرة عن مستشفيات تركية أو طبيب تركي يعمل قانونياً ولديه ختم معتمد.
يقول محمد يانماز، وهو صاحب صيدلية في إسطنبول، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل الصيدليات التركية المتعاونة مع آفاد ملزمة بإعطاء الدواء لحملة بطاقة الحماية المؤقتة مجاناً. لكن ما يحدث من تلكؤ أو تهرب يرتبط بصعوبة استرداد ثمن الأدوية من الجهات التركية المعنية". وحول من يتكفل بدفع ثمن الأدوية للاجئين وآلية استرجاع أصحاب الصيدليات الأموال، يوضح يانماز: "نتقدم بالوصفات الطبية مع صورة عن الكملك إلى صندوق الضمان الاجتماعي، الذي يحوله إلى إدارة اللجوء التي تصرف لنا كامل المبالغ. لكن ما يحدث أنّ إدارة اللجوء بدأت تتأخر أكثر من الفترة المعتادة، وهي ثلاثة أشهر، وصارت تطلب براءة ذمة عن ضرائب الأدوية المباعة للاجئين، علماً أنّ هذا ليس دور أصحاب الصيدليات".
ويشير يانماز إلى أنّ "ثمّة صيدليات تحصل على ثمن الأدوية في حال لم يتوفر لديها الدواء الموجود في الوصفة، أي أنّها تعطي المريض دواء مختلفاً يعالج المرض نفسه وتأخذ من اللاجئ فارق السعر. وإذا كان سعر البديل نفسه أو أقل، يُعطى مجاناً". ويتابع أنّ "لا علاقة للسوريين بالأمر، فهو خلاف بين إدارة الهجرة والصيدليات، ما دفع بعض الصيدليات إلى الاعتذار أو التهرب من صرف الدواء مجاناً لللاجئين، نظراً إلى تأخر استرداد ثمنه لأكثر من ستة أشهر".
في السياق، كانت رئيسة نقابات الصيادلة في إسطنبول، نورتان صايدان، قد صرّحت في وقت سابق أنّ المبالغ التي من المفترض أن تسدّدها إدارة الهجرة للصيادلة صارت تتأخر نحو ستة أشهر، والسبب يعود إلى طلب إدارة الهجرة من الصيادلة براءة ذمة من الضرائب عند كل عملية صرف. أضافت أنّ إدارة الهجرة التركية المكلفة صرف بدل الأدوية تطلب من الصيادلة إحضار براءة ذمة من الضرائب بدلاً من أن تحصل عليها بنفسها. ولأنّ فترة صرف المبالغ قد تصل إلى 180 يوماً، فإنّ النتيجة عدم إمكانية صرف الأدوية للاجئين السوريين مستقبلاً.
من جهته، يقول الطبيب السوري محمد الجزار لـ "العربي الجديد" إنّ "تركيا تقدّم لنحو ثلاثة ملايين سوري على أراضيها، من حملة بطاقة كملك، خدمتَي التعليم والصحة بالمجان، وبشكل كامل، ويمكن لأي سوري أن يحتج ويتقدم بشكوى إن تم إلزامه دفع مبالغ مالية خلال العلاج وصرف الدواء. لكنّ الصيدليات ليس كلها متعاونة مع وزارة الطوارئ التركية. لذلك، قد يعتذر بعضها عن صرف الدواء المجاني للسوريين، وهذا أمر نادر الحدوث". يضيف أنّ "صرف الوصفات الطبية واجب، إن كانت تتضمن ختم طبيب أو مستشفى حكومي، لافتاً إلى أنّ وصفات بعض الأطباء لا تصرف مجاناً في حال كان الطبيب يعمل في مستشفى ولديه عيادة غير قانونية أو باسم طبيب آخر".
وفي ما يتعلّق بالوصفات الطبية الصادرة عن المراكز الصحية السورية في تركيا، يقول الجزار: "يوجد في كل مركز صحي سوري صيدلية تصرف الوصفة بسعر رمزي. لكنّ عدم توفّر كل الأدوية في صيدليات تلك المراكز يدفع أطباءها إلى كتابة وصفة للمريض لتصرف من الصيدليات التركية، لكن ليس مجاناً، لأنّ تلك المراكز غير متعاونة مع آفاد، بل وهي غير قانونية أصلاً ويتمّ غض النظر عنها". ويشير إلى أنّ "الصيدليات التركية المتعاونة تصرف الدواء للاجئين مجاناً، باستثناء بعض الأدوية لعلاج الأمراض النفسية أو أدوية السرطان أو تلك التي تحتوي مواد مخدرة، فهي على الأرجح خارج بنود التعاون بين الصيدليات وآفاد، لأنّها قليلة وأسعارها مرتفعة. وثمّة مراكز ومستشفيات تركية تقدم الطبابة والعلاج المجاني للاجئين".
وكانت مشكلة عدم منح الأدوية المجانية للسوريين قد تفاقمت أخيراً، بعد منح سوريين جدد بطاقات "كملك" وتأخير إدارة الهجرة تعويض أصحاب الصيدليات ثمن الدواء، ما دفع منظّمات في المجتمع المدني السوري، بحسب مصادر "العربي الجديد"، إلى لقاء نائب والي إسطنبول وطرح مشكلة صرف الدواء المجاني بالإضافة إلى مشاكل أخرى بدأ يعانيها السوريون. وتؤكد تلك المصادر أنّ نائب الوالي حسم الأمر "بشكل نهائي" من خلال 42 صيدلية في ولاية إسطنبول ملزمة بشكل مطلق بتقديم الدواء المجاني للسوريين، واعداً ببحث المشكلة بين الصيدليات وإدارة الهجرة، "إذ إنّه لا دخل للسوريين بذلك، ليتمّ الاعتذار إليهم وعدم صرف الوصفات الطبية".