صيدا: لاجئون سوريون مهددون بالتشرد

09 سبتمبر 2020
يلعب في مجمع الإمام الأوزاعي (العربي الجديد)
+ الخط -

بعض اللاجئين السوريين الذين هربوا إلى لبنان، وسكنوا في مجمع الإمام الأوزاعي في مدينة صيدا، جنوبي البلاد، باتوا مهددين بالتشرد

ما زالت الأزمة السورية تلقي بثقلها على اللاجئين السوريين الذي فروا من مناطقهم بسبب الحرب في بلادهم، خصوصاً أولئك الذين لا يستطيعون العودة إليها، إما بسبب دمارها أو لأن المعارك ما زالت مستمرة فيها. في هذا الإطار، تقيم نحو مئتي عائلة سورية لاجئة، تحديداً من ريف حماة، في مجمع الإمام الأوزاعي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا (جنوب لبنان). إلا أنها مهددة اليوم بالعيش في الشارع بعدما طالب مالك المبنى، أي كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية، باستعادته لمتابعة بنائه وتجهيزه والعمل فيه بعد سنوات من تأجيره للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عام 2012، تحت إشراف بلدية صيدا.

في هذا السياق، تقول وصال عارف، وهي لاجئة من ريف حماة الغربي: "نعيش هنا منذ عام 2012، بعدما تركنا بيوتنا بسبب الحرب، وليس لدينا مكان آخر نلجأ إليه. فجأة، ومن دون سابق إنذار، جاءنا مندوبون عن مالكي المبنى الذي يقع فيه المجمع، يطلبون منا إخلاء المكان بأقصى سرعة ومن دون أن نعرف السبب. بعدها، بدأوا بإخلاء كل الغرف وهدمها. وفي حال هدم كل الغرف، سيكون مكاننا الشارع لا محالة، إذ ليس لدينا أي مكان آخر. جئنا للعيش هنا بسبب الحرب، بعدما دوهمت بيوتنا في ريف حماة من قبل الجيش". 
تضيف: "عندي عشرة أولاد وزوجي لا يعمل لأن وضعه الصحي لا يسمح له بذلك". توضح أنها تعمل في حال كان ذلك متوفراً. "أعمل في الزراعة وأخرج من البيت عند الفجر ولا تزيد يوميتي عن عشرة آلاف ليرة لبنانية (أقل من سبعة دولارات بحسب سعر الصرف الرسمي ودولار ونصف بحسب سعر الصرف الحقيقي)". وتختم حديثها قائلة: "إذا تركنا هذا المكان، لن يكون أمامنا غير الشارع ليُؤوينا، إذ إن بدلات إيجار المنازل مرتفعة جداً، ولا نقدر على تحمل كلفتها".
وتقول عارف إنه "لولا الحرب في سورية لما تركنا بيوتنا ولجأنا إلى بلد أكثر أماناً. بيوتنا بالطبع هي الملاذ الآمن بالنسبة لنا"، مضيفة أنها لم تر أهلها منذ عام 2012. أما وردة محمد سعيد، وهي من ريف حماة، فتقول: "نحن ثمانية أشخاص وزوجي عاطل من العمل. هنا، الرجال جميعاً لا يعملون باستثناء ما نسبته خمسة في المائة (على حد تقديرها)، خصوصاً بعد جائحة كورونا. والنساء هن اللواتي يعملن. "نخرج للعمل وإحضار الطعام لعائلاتنا. قبل شهرين، قدمت لنا إحدى الجمعيات بطاقات مونة لمساعدتنا"، مشيرة إلى أن "الناس الذين يعيشون هنا في المجمع يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة، ما يؤدي إلى ضغط نفسي كبير. وما زاد من هذا الضغط والتوتر طلب مالكي المبنى إخلاءه".
تشير عارف إلى أنها باتت أكثر عصبية حيال ابنها وتصرخ في وجهه من دون سبب حقيقي، في ظل الضغوط الكثيرة التي تعيشها. وتقول إن ابنها يعاني من أوجاع عظام في صدره من دون أن تتمكن من أخذه إلى طبيب للعلاج. كما أن عموده الفقري ينحني، وكلفة عمليته تتراوح ما بين 10 و15 ألف دولار أميركي.
تضيف أنها تعمل لتؤمن الطعام لعائلتها. "يوميتي لا تتعدى العشرة آلاف ليرة لبنانية. أعمل بالزراعة من الفجر حتى الواحدة ظهراً. وإذا أخرجونا من هنا، فستحصل مجزرة كبيرة بحقنا لأنه ليس لدينا أي مكان آخر نذهب إليه". 

جميع السكان الذين يسكنون في المجمع يتحدرون من ريف حماة، باستثناء خمس عائلات قدمت من حلب. "قريتنا مدمرة ومهجورة، ومعظم أهلها يعيشون في مخيمات تركيا". تضيف: "قبل أيام زفت عروس، إلا أن حرّاس المجمع أتوا ورموا أغراضها خارج شباك الغرفة، لتبدأ هي بلم الأغراض وجمعها. لا أحد يجرؤ على الخروج من غرفته، فعندها يأتي حارس المجمع، ويخلي الغرفة مما فيها ويبدأ بهدمها. وحتى إن حضر أي شخص غريب إلى المجمع، يأتي بعض العناصر للتأكد إذا ما كان ساكناً جديداً في المجمع. إن أخرجونا من هنا، سأصبح أنا وأولادي في الشارع. نناشد المعنيين إيجاد حل لقضيتنا لأننا لا نستطيع العودة إلى قرانا. وفي الوقت نفسه، لا نستطيع استئجار بيوت لأن فأزواجنا بلا عمل. ونحن بالكاد نكتفي مما نتقاضاه عن عملنا. وفي أوقات عدة، لا نستطيع العمل لأنه ليس متوفراً دائماً". 
ويضم مجمع الأوزاعي 177 عائلة لاجئة سورية في مبنى مؤلف من 5 طوابق، وغالبيتهم من العشائر والبدو، وشهد عدة إشكالات في السابق من إطلاق نار وتفشي بعض الأمراض مثل القمل والجرب. وفي عام 2015، تلقى السكان إنذاراً من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بضرورة إخلائه. 

المساهمون