وتظهر الصور الجديدة، التي نشرتها "الأناضول" جثثاً لمعتقلين تحمل أرقاماً، شوّهت بفعل عمليات التعذيب لأطفال، وشباب، ومسنّين، عُذّب البعض منهم بأدوات حادة.
وتظهر صوراً ثانية قلعَ أعين عددٍ آخر من المعتقلين. كما تظهر صوراً أخرى الجثث وقد صفّت بجانب بعضها البعض بأرقام متتابعة.
وكانت "الأناضول" قد نشرت مجموعة من الصور في يناير/كانون الثاني الماضي، تظهر تعذيب النظام السوري للمعتقلين، وقتلهم بشكل ممنهج. وأظهرت الصور عمليات التوثيق بالأرقام، وذلك عبر أحد المكلفين بالتصوير الذي عرف لاحقاً باسم "سيزر"، فيما لم يتم الكشف عن شخصيته لأسباب أمنية. واستمع مجلس الأمن الدولي من قبل إلى شهادته.
وفي السياق، قال المعارض السوري، عماد الدين الرشيد، لـ"الأناضول" إن "اللجنة القانونية الخاصة بتوثيق ومتابعة الصور المسربة، التي تظهر قتل النظام الممنهج للمعتقلين، وتعذيبهم، وثقت مجموعة من الأسماء، ولديها ما يكفي من وثائق، وأدلة، وشهود بشكل غير مسبوق تدين النظام".
وأوضح رئيس المكتب السياسي للتيار الوطني السوري، أن "اللجنة حصلت على الوثائق من النظام السوري نفسه الذي وثق جرائمه بيديه، وإن تعذر التواصل مع الداخل، أو الحصول على الوثائق، إلا أن هناك ما يكفي من أدلة لإدانة النظام في أي محفل دولي".
ولفت الرشيد إلى أن هناك "أشخاصاً من أهالي المعتقلين جاهزين للإدلاء بالشهادة على أنهم استلموا شهادات وأسباب وفاة لأبنائهم مغايرة لما تتضمنه الوثائق، إلا أنه حفاظاً على سرية العمل وقانونيته يتحفظ على ذكر أسمائهم، أو الإدلاء بمعلومات متعلقة بهم".
وأوضح الرشيد أن الصور التي هُرّبت عن طريق "سيزر" "هي فقط في محافظتي دمشق، وريفها، وهو حجم كبير في محافظة واحدة، ما يعني أن الرقم يتضاعف من ست إلى سبع مرات بالنظر إلى المحافظات الأخرى".
وأشار إلى أن "عدم توقيع سورية على اتفاقية روما حول المحكمة الجنائية الدولية، لا يمكّن المحكمة من متابعتها بشكل مباشر، لذا فإن مجلس الأمن هو المخوّل بتحويل الملف إلى المحكمة، أو من خلال إنشاء محكمة خاصة كما حدث ذلك سابقاً في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عام 2005".
وأشار إلى أن "التقرير الذي صدر واعتمد من قبل المفوضية العليا لحقوق الإنسان قبل أسابيع، حول ارتكاب النظام السوري لجرائم حرب، صدر من قبل محققين تابعين للأمم المتحدة، استفادوا من التقرير الصادر من خبراء حول الصور المسربة من قبل "سيزر"، مما ساهم في تعزيز اليقين، وصدور تقرير يدين النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
ولفت الرشيد إلى أن "هناك مساعٍ لملاحقة النظام السوري عبر قضاء الدول الأخرى التي تسمح بذلك، مثل تركيا، وإسبانيا، وبلجيكا، وغيرهم، إذ تجيز محاكم بعض الدول محاكمة شخصيات من خارج بلدانها".
وأكد الرشيد "وضع الملفات، والوثائق، والأدلة، كوديعة لدى بعض الدول، والجهات لتكون لصالح الشعب السوري، حرصاً منهم على أهالي الضحايا، ومحاسبة الجناة، على أن لا تخرج إلا في حالات تتعلق بالمحاكمات".
وبرّر ذلك بأن "هذه الوثائق أمانة في أعناقهم من أجل الحفاظ عليها، وباتوا مسؤولين عنها أمام الشعب، والله، والتاريخ، والأجيال القادمة"، على حدّ وصفه.
وعلّق الرشيد على الموقف الروسي الرافض لإحالة ملف الجرائم المرتكبة في سورية إلى مجلس الأمن الدولي قائلاً "إلى متى ستبقى موسكو ماسحة لقاذورات النظام السوري، وعليها تحديد ما إذا كان النظام مجرماً أم لا، فإن كان لا فسيحكم بالبراءة، أما إذا تسترت عليه وتعرف بأنه مجرم فهي تشترك معه بالجرم".
وعرقلت روسيا والصين، اليوم الخميس، مشروع القرار الفرنسي المقدم إلى مجلس الأمن بشأن إحالة ملف سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية. واستخدمتا حقّ النقض (الفيتو) لإسقاطه بعدما أيدته 58 دولة.