اللافت أنّ زملاءها يستمعون بإنصات شديد، تماماً كما أيّ شخص يمكن أن يسمع هذا الصوت. ونسمع من حين لآخر تطييبات من نوع "الله الله"، الأرجح أنّها صادرة عن المُدرّسة. وينتهي الفيديو بالتصفيق وأصوات ابتهاج زملائها.
إلى جانب صوتها الجميل، قد تكون العفوية هي ما شدّ الملايين ليشاهدوا الفيديو. فهو مصوّر بطريقة بدائية، وتظهر فيه ساندرا الحاج منكوشة الشعر وبثياب المدرسة العادية، تجلس على مقعد الدراسة، ومن حين لآخر تسدّ يد زميل لها الطريق أمام الكاميرا.
هذه العفوية بات يفتقدها الجمهور، المتروك أمام برامج تحوّل المواهب إلى دمى، فتصقل أجسادهم ووجوههم قبل أصواتهم ومواهبهم، وتكون الصورة أحياناً، وربما في معظم الأحيان، أكثر أهمية من الصوت.
بعض الفيديوهات على صفحتها الخاصة وصل عدد مشاهديها إلى عشرات الآلاف، لكن قبل ذلك كانت شبه مغمورة. رغم أنّها كانت موجودة على يوتيوب منذ سنوات. لكنّ فيديوهاتها لم تحصد أكثر من آلاف قليلة من المشاهدات.
تواصلنا معها عبر "فيسبوك". تبيّن أنّها فلسطينية تعيش في قرية عبلين بالجليل الأعلى، وهي قرية مختلطة بين المسيحيين والمسلمين، على أراضي عام 1948. عمرها لا يزيد على 17 عاماً. في عامها الدراسي قبل الأخير. يفصلها عن الجامعة عام دراسي آخر. وهي تخطّط لدراسة الموسيقى بهدف احتراف الغناء لاحقاً.
تدرس ساندرا الموسيقى منذ صغرها في معهد عبلين الموسيقي، حيث تعمل والدتها. والأخيرة، إلى جانب والدها الذي يعمل في مركز فنيّ اسمه "البهائية"، دعماها بعدما اكتشفا جمال صوتها حين كانت تردّد أغنيات جورج وسوف. إذ كان عمّها من المعجبين به ويستمع إلى أغنياته كلّ يوم.
هي إذا من عائلة تحبّ الموسيقى. ووالدتها انتبهت لصوتها في عامها السادس، وساعدتها على تعلّم الموسيقى. واللافت أنّ كلّ الأغنيات المنتشرة بصوتها هي لكبار الفنانين، وبينها "مضناك جفاه" للموسيقار محمد عبد الوهاب.
تحبّ ساندرا الأغنيات القديمة، حسبما قالت لـ"العربي الجديد": "اعتدتُ على سماعها في البيت لأنني أعيش في بيت يحبّ أهله الموسيقى". وفي التعريف بنفسها على صفحتها بـ"فيسبوك" كتبت: "تحبّ كلّ المطربين الملتزمين لكنّها تعشق أم كلثوم، سلوى قطريب، محمد عبد الوهاب، وردة، فيروز، وديع الصافي. ومع ذلك فلا تنفي أنّها تحبّ من الفنانين المعاصرين من يلتزم بأصول الكلمة واللحن".
اشتركت في العديد من المهرجانات، منها: مهرجان القلعة في شفا عمرو، وكان عمرها ثماني سنوات فقط، ومهرجان يافا وكان عمرها 11 عاماً، حيث حصلت على المركز الثاني بين المتسابقين، وكانت الأصغر. أما الحفل الأوّل في حياتها فكان في 30 أبريل/نيسان 2014، قبل عام بالتمام والكمال "وكان الأنجح على الإطلاق".
إلى جانب عائلتها فإنّ زملاءها في المدرسة معجبون بصوتها ويدعمونها. وهي أصغر عضو في فرقة "الكروان" الفلسطينية التي شاركت في حفلات كثيرة.
في 20 مارس/آذار الفائت أنتج أهلها فيديو كليب لها، بالطبع كان لـ"بلدي"، تقول. فقد غنّت "حلوة يا بلدي".
مثل كلّ طفل أو مراهق أو شاب فلسطيني، تقول: أحلم أن يصل صوتي إلى كلّ قلب في العالم العربي، وأحاول أن أمثّل فلسطين بطريقة أو بأخرى".
من يستمع إلى صوتها سيعرف، وإن لم يكن خبيرا بالموسيقى، أنّه صوت جميل. والمفارقة أنّه في حين لا تخرّج برامج المواهب أصواتاً جميلة بما يكفي، وباتت شبه مفلسة في هذا المعنى، فإنّ الصوت الجميل لا يحتاج إلى برامج بعد اليوم. فها هي ساندرا الحاج قد ولدت على "فيسبوك" بشهادة الملايين، وفي أيّام قليلة.