يشير العلماء إلى وجوب وجود كميّات هائلة من الصخور المنصهرة التي تحرَّكت في عمق المحيط الهندي؛ ففي عام 2018، أدى ثوران بركان تحت الماء، بالقرب من أرخبيل جزر القمر في المحيط الهندي، إلى اهتزازات عنيفة جدًا، إلى درجة أنّ أقرب جزيرة من مكان ثوران البركان، وهي جزيرة مايوت، قد تحرَّكت حرفياً من مكانها لمسافة 20 سنتم، حسبما أكَّد تقرير نشر في "شبيغل أون لاين".
أخيرًا، قام علماء من مركز علوم الأرض الدولي (GFZ) في مدينة بوتسدام بالقرب من العاصمة الألمانيَّة برلين، بفحص التكوين الصخري للبركان البحري بين أفريقيا ومدغشقر بمزيد من التفصيل، وباستخدام تقنيات متطورة ونظريات علمية حديثة. وقام عالم الزلازل سيمون تشيسكا بنشر نتائج البحث في مجلّة Nature Geoscience العلميّة المحكمة. واعتمادًا على الإشارات القادمة من الزلازل، وجد الفريق، أنّه بالقرب من جزيرة مايوت التي تحرّكت من مكانها، يوجد خزّان نشط جدًا يحتوي على صهارة صخرية ذات ضغط عالي، تسربت من القسم العلوي للغرفة التي توجد فيها، الأمر الذي أدّى إلى حصول البركان الهائل. وأشار التقرير إلى أنَّ قاع البحر يبعد حوالي 3 كيلومترات فقط من سطح الماء، إذْ لم يلاحظ تقريبًا أحد ثوران الانفجار البركاني الهائل، نظرًا للمسافة الكبيرة التي تفصل القاع عن السطح. وأكّد التقرير أنّ المخاطر مستمرة، لأنّ قشرة الأرض فوق الخزان العميق الذي يضم هذه الصهارة يمكن أن تنهار بسرعة، وتسبب زلازل أكثر قوة، وبالتالي فإنَّ المخاطر في المستقبل لا تزال موجودة.
وقام الفريق البحثي بتحليل الإشارات الزلزاليّة المسجّلة في المنطقة منذ عام 2018. ولأوّل مرّة، في شهر مايو/ أيار من نفس العام، تم تسجيل إشارات متسلسلة غير طبيعية لآلاف الهزات الصغيرة، والتي بلغت قوّة بعضها حوالي 5.9 درجات. لكن وبدءًا من شهر يونيو/ حزيران من عام 2018، ظهرت أشكال جديدة تماماً من إشارات الزلازل، كانت قوية جدًا، لدرجة إمكانية تسجيلها من على بعد ألف كيلومتر. وقام العلماء بتفسير هذه الإشارات الجديدة، بأنّها قادمة من الرنين الموجود في الخزان المليء بالصهارة تحت قاع البحر. وكلما كانت هذه الإشارات أعمق، كان الخزان الذي يحتوي على الصهارة أكبر حجمًا، إذْ هذا يدل بأنّ الإشارة تأخذ وقتًا أطول للوصول إلى أجهزة الرّصد.
الجديد في هذا الاكتشاف، هو أنّ نغمات الرنين القادمة من غرفة الصهارة، تختلف اختلافًا كبيرًا عن البراكين السابقة تحت الماء، والمعروفة سابقًا. ووفقًا للعلماء، فإنّ مساحة غرفة الصهارة التي تم اكتشافها تبلغ حوالي 3.4 كيلومترات مربّعة. وأكّد التقرير أنّ ثمّة حركة سريعة وصاعدة للصهارة الموجودة في هذه الغرفة، بدأت منذ مايو/ أيار عام 2018، كما تكشف الأرقام القادمة من رصد الاهتزازات، إذْ تخرج هذه الصهارة إلى قاع البحر، وتسبب بركانًا هائلاً تحت الماء. وقالت المشاركة في الدراسة، إليونورا ريفالتا: "هذا مؤشّر كبير إلى أنّ السقف العلوي للخزان، أي قشرة الأرض، بدأت بالانهيار"، وهذا يعني مزيدًا من الزلازل في المستقبل.