صناعة المستبد اللبناني

05 نوفمبر 2014
اعتصم العشرات فقط رفضاً للتمديد (حسين بيضون)
+ الخط -

صار يُمكن للبنانيين أن يُعلنوا انتماءهم لجمهوريات الشرق المستبدة. لدينا كلّ المقومات لذلك. السلطة السياسيّة مددت لنفسها مرة جديدة عبر تمديد ولاية مجلس النواب. أصلاً، هذا المجلس لا يملك السلطة على نفسه. يُديره مجلس لويا جيرغا، يضم ستة ممثلين للطوائف الكبيرة: حسن نصرالله، سعد الحريري، نبيه بري، وليد جنبلاط، ميشال عون وسمير جعجع. مع الأخذ بعين الاعتبار أن نصرالله والحريري يملكان حق النقض الفيتو. الحكومة لا تخرج عن الولاء الكامل لهؤلاء. الوزراء مجرد صورة شكليّة، أو أدوات يُنفذون ما يُطلب منهم.

أوجُه الاستبداد لا تقتصر على المعطى السياسي المباشر، فالنظام الأمني يسيطر على المشهد. يُخطَف مواطنون لبنانيّون ولا يُعرَف مصيرهم كجوزف صادر. يعتقل الجيش والأجهزة الأمنية العشرات من اللبنانيين والأجانب المقيمين في لبنان من دون أي تبرير. يتعرضون لانتهاكات تصل للتعذيب؛ هذا ما يقوله تقرير سري للجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب. من يعترض يتم تحويله من قبل ماكينة إعلامية، إلى خائن ومرتهن للخارج. من دون أن ننسى أن هناك جهازاً أمنياً غير رسمي في البلد، لا يخضع لأي مساءلة أو محاسبة.

وللاستبداد أوجهه الاقتصاديّة. أرباح المصارف، دون غيرها من القطاعات الاقتصادية، وهيمنتها على القرار الاقتصادي للحكومة دليل على ذلك. تمديد عقد شركة سوكلين التي تتولى جمع النفايات في بيروت وجبل لبنان المتكرر، رغم كل ما يشوبه من ثغرات وارتفاع الكلفة مقارنة بالشركات الأخرى نموذج آخر.

كلها أدلة على حالة الاستبداد التي باتت تُسيطر على أوجه الحياة في لبنان. وأسوأ ما في الحالة التي وصل إليها هذا البلد، هو انفصال الناس عن الشارع. فالتحركات المناهضة للتمديد، لم تجذب سوى عشرات الشبان. استسلم اللبنانيّون للطبقة السياسيّة التي تحكمهم. استسلام لم يعيشوه في أسوأ الظروف التي مرّ بها البلد خلال الحرب الأهليّة. استسلم اللبنانيون لاستبداد ممثلي الطوائف، ليُدرك هؤلاء أن لا وجود لقوة، ولو ضعيفة تواجههم.

هكذا تُصنع الأنظمة الاستبدادية. وفي الغالب يصنعها صمت الناس. وقد صنع اللبنانيون وقدّسوا مستبديهم. ألف مبروك!

المساهمون