ما إن توالت خسائر "فيسبوك" بعشرات مليارات الدولارات، إثر فضيحة تسريب بيانات مستخدميها لأغراض تسويقية وسياسية، حتى اتسعت دائرة الدعوات إلى محاسبة موقع التواصل الاجتماعي الأكثر شهرة في العالم، لكن اللافت كان توقعات أطلقها قبل شهرين تماماً رجل الأعمال الملياردير جورج سوروس بانهيار "فيسبوك" و"غوغل" بوصفهما "مُحتكرتين"، معتبراً أن "أيامهما معدودة".
التنبؤ بانهيار هاتين الشركتين العملاقتين علّله سوروس في منتدى دافوس، بحسب رويترز، بأنهما تسيطران فعلياً على نصف عائدات سوق الإعلانات على الإنترنت، فضلاً عن إشارته إلى أن عمالقة التكنولوجيا في "سيليكون فالي" يحتاجون إلى "ضوابط أكثر صرامة"، وقوله إن الحكومات ستبدأ بتنظيم أكثر تشدداً للقطاع.
وإن بدا أن كلام سوروس تحقق جزئياً بفضيحة اضطُرت اليوم رئيس "فيسبوك" إلى الاعتراف بارتكاب الشركة أخطاء في التعامل مع بيانات 50 مليوناً من مستخدميها، وتعهد باتخاذ خطوات أكثر صرامة لتقييد وصول مطوّري الخدمة إلى مثل هذه المعلومات.
كلامه يأتي فيما تواجه الشركة تدقيقاً حكومياً متزايدا على ضفّتي الأطلسي، في الولايات المتحدة وأوروبا، وكذلك في دولة الاحتلال الإسرائيلي، في ما يتعلق بمزاعم بأن شركة "كمبردج أناليتيكا" للاستشارات السياسية التي تتخذ لندن مقراً استخدمت بشكل غير لائق معلومات المستخدمين لتكوين فكرة عن الناخبين الأميركيين تم توظيفها لمساعدة دونالد ترامب على كسب انتخابات الرئاسة عام 2016.
لكن على الرغم من خسارتها 45 مليار دولار من قيمة أسهمها في أسواق المال، خلال 3 أيام فقط، ومواجهتها دعاوى قضائية واستدعاء للشهادة أمام المشرّعين والقضاء في دول عدة، تبقى أساسيات أو أصول "فيسبوك" قوية لدرجة يُستبعد معها إلى حد بعيد أن تكون في طريقها إلى الانهيار، أو أن يشهد أيامها المعدودة سوروس البالغ من العمر 87 عاماً.
قفزت إيرادات شركة "فيسبوك" 47% إلى 12.97 مليار دولار على أساس سنوي في الربع الأخير من العام الماضي، بدعم من أنشطة إعلانات الهاتف المحمول، على الرغم من انخفاض الوقت الذي يقضيه المستخدمون على الموقع بنحو 50 مليون ساعة يومياً، كما تفيد وكالة رويترز.
وبحسب الأرقام، ارتفع عدد مستخدمي "فيسبوك" النشطين يومياً 14% إلى نحو مليار و400 مليون، مقارنة بما كان عليه قبل عام، وسجل إجمالي إيرادات الإعلانات 12.78 مليار دولار في الربع الأخير المُنتهي في 31 ديسمبر/ كانون الأول، فيما شكلت إيرادات إعلانات المحمول 89% من إجمالي مبيعات الإعلانات، صعوداً من 84% قبل عام.
وفي الربع الأخير من العام الماضي، تفيد وكالة رويترز بأن صافي الربح العائد لمساهمي فيسبوك التي يتجاوز عدد أصحاب حساباتها المليارين في العالم، إلى 4.27 مليارات دولار، أو 1.44 دولار للسهم الواحد، في الربع الأخير، من 3.56 مليارات، أو 1.21 دولار للسهم، قبل عام.
وباستثناء مخصصات الضرائب، بلغ ربح الشركة 2.21 دولار للسهم، بما يتجاوز توقعات المحللين البالغة 1.95 دولار.
عندما كان عوده طريّاً، أثناء دراسته في جامعة هارفارد قبل 15 عاماً، حينما ابتكر "فايس ماتش" عام 2003 وطوّرها إلى "فيسبوك" في العام التالي (ويكيبيديا)، اتهمت إدارة الجامعة زوكربرغ بخرق قانون الحماية وانتهاك حقوق التأليف والنشر وخصوصية الأفراد، ما عرّضه للطرد من الجامعة، لكنه انتصر في النهاية وأُسقطت جميع التهم الموجهة إليه.
أما وقد اشتدّ عوده اليوم وأصبح من كبار مليارديرات العالم ويسيطر على 87% من الأسهم التي تتمتع بحق التصويت في أحد أبرز عمالقة الإنترنت المهيمن على أكثر من ملياري مستخدم، وبثروة شخصية قدّرتها مجلة "فوربس" بـ71 مليار دولار احتل بها المرتبة الخامسة بين أثرياء العالم (موقع فوربس)، يبدو أن ليّ ذراع إمبراطورية زوكربرغ ضرب من ضروب المبالغة.
(العربي الجديد)