صقور "النهضة" التونسية يضربون التوافق: مرحلة ما بعد الغنوشي؟

29 مارس 2018
يوصف السبسي والغنوشي برمزَي التوافق (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
كشفت حدة الخطاب لعدد من نواب حركة النهضة التونسية داخل البرلمان يوم الإثنين الماضي، على هامش مناقشته التمديد في أعمال هيئة الحقيقة والكرامة قبل أن يتخذ قرارا برفض الأمر، عن وجود استهداف حقيقي لآخر ما تبقى من توافق سياسي بين الحركة ونداء تونس وبقية الأطياف المتحالفة.
وقالت مصادر مطلعة على ما يجري داخل كواليس الحركة، وتحدثت مع "العربي الجديد"، إن الأيام الأخيرة كشفت عن وجود خطة لدى بعض القيادات داخل "النهضة" لإسقاط التوافق نهائياً وإحراج المدافعين عن التوازن الهش في البلاد، وأبرزهم زعيم النهضة راشد الغنوشي والتيار المساند له.
وقالت المصادر إن التهجم على الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مباشرة، وهو غير موجود في البرلمان وغير معني بالنقاش الدائر، يبيّن أنه يوجد استهداف لرمزيْ التوافق أو ما تبقى منه، مبيّنة أن دعوات بعض القيادات إلى التهدئة خلال النقاش لم تفلح، وخرجت عن إطارها المعقول كنقاش قانوني وسياسي.
وكشفت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أنه يوجد من يفكر أصلاً في الدعوة إلى مؤتمر استثنائي للحركة يحاول بمقتضاه ما يعرف بـ"الصقور"، المعارضين للغنوشي وخياراته الانفتاحية، قلب موازين القوى داخل الحركة، والسعي لإبعاد الغنوشي نفسه والتيار المساند له. ويفسّر هذا الأمر إطلاق الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي تزامناً مع الهجمات العنيفة التي وردت في كلمات المشاركين خلال جلسة البرلمان بشأن التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة.
ويأتي تصريح الغنوشي بعد لقائه الرئيس السبسي، الذي كان غاضباً مما حدث في البرلمان، بحسب ما علمت به "العربي الجديد"، ليؤكد هذه المعطيات الجديدة، إذ استنكر الخطابات المتشنّجة التي بلغت حد النيل من مقام رئيس الجمهورية. وأكد الغنوشي على ضرورة التهدئة ومواصلة سياسة الحوار دون إقصاء للتوصّل إلى توافق كفيل بتجاوز الصعوبات القائمة.

ويراهن الصقور على حساسية ملف العدالة الانتقالية في صفوف قواعد الحركة، خصوصاً أن عدداً كبيراً منهم قضى جزءاً من حياته في السجون والملاحقات، وينتظرون مآل العدالة الانتقالية لنيل حقوقهم المعنوية والمادية. وبرغم أن عدم التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة لا يعني نهاية الملف أو ضياع حقوق الضحايا، إلا أنّ القضية تحولت لدى جهات كثيرة إلى أداة للمناورات السياسية والحزبية، من "النهضة" ومن غيرها من الأحزاب، المساندة أو المعارضة لهيئة الحقيقة.
ولا يراهن الصقور على هذا الملف فحسب، وإنما ينتظرون جردة حساب التوافق عموماً، خصوصاً أن حل حكومة يوسف الشاهد أو تغييرها جزئياً أصبح في حكم المؤكد، لكن السؤال الحقيقي يتعلق بتماسك الحركة عشية توجهها لانتخابات محلية يبقى رهانها مهماً جداً وطنياً، وفي ظل سياقات دولية وإقليمية شديدة الحساسية.


المساهمون