صفقة "دوغان": الرئاسة تسيطر على الإعلام التركي

22 مارس 2018
"حرييت" إحدى أبرز إصدارات "دوغان" (صالح زكي فازلي أوغلو/الأناضول)
+ الخط -
يعزّز القصر الرئاسي التركي ومن ورائه "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، قبضته على وسائل الإعلام التركية، وذلك بعد الأنباء التي تداولها الإعلام التركي عن بيع واحدة من آخر المؤسسات الإعلامية المعارضة التابعة لشركة "دوغان" القابضة لصالح شركة "دميرأوران" القابضة والمعروفة بقربها من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
وأكدت شركة "دوغان" القابضة الخبر، اليوم الخميس، عبر بيان لها، أشارت فيه إلى بدء المحادثات مع شركة "دميرأوران" لبيع عدد من الشركات الإعلامية والإعلانية التابعة لها، وتشمل كلا من صحيفة "فاناتيك" و"بوستا" ووكالة "دوغان" الإخبارية وصحيفة "حرييت" التركية المرموقة وصحيفة "ديلي حرييت" الناطقة بالإنكليزية وقناة "سي إن إن" التركية وقناة "دي" وعدد آخر من شركات الطباعة والتوزيع والنشر، بصفقة تصل إلى مليار ومئة مليون دولار، وتشمل ديون هذه المؤسسات المقدرة بقيمة 210 ملايين دولار.

وأكد أحد الإعلاميين العاملين في شركات "دوغان" لـ"العربي الجديد" أن الصحافيين والإعلاميين في المجموعة تلقوا معلومات واضحة تشير إلى أن الصفقة تمت عملياً ولكن يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها، مشيراً إلى أن أجواء القلق تسيطر على العاملين في المجموعة لناحية مصير المجموعة ومصير وظائفهم وكذلك تعويضاتهم.

ونقل الصحافي السابق في جريدة "حرييت"، عزت جابا، عبر تغريدة له على حساب "تويتر"، أن أيدن دوغان اتصل بأحد رؤوساء التحرير العاملين لديه وأبلغه عن الصفقة، قائلاً له: "لقد تمت عملية البيع، لم يعد لدي القدرة على الاحتمال أكثر من ذلك".

وفي حال تمت هذه الصفقة فإن القصر الرئاسي التركي سيتمكن من السيطرة على واحدة من آخر قلاع الإعلام المعارض، بعد أن تمكن عملياً من تحييدها إثر الضغوط المستمرة والحملات المتواصلة التي تعرض لها مؤسس مجموعة "دوغان"، رجل الأعمال التركي، أيدن دوغان.

وأدت الضغوطات إلى إحداث تحول كبير في خطاب مؤسسات "دوغان" الإعلامية من التزام بالخط المعارض العلماني الكمالي إلى خط تحريري مهادن للحكومة التركية وفي بعض الأحيان يروج لسياساتها، رغم أنه تمكن من الحفاظ على حد أدنى من الموضوعية على عكس باقي وسائل الإعلام الموالية للحكومة التركية.

وكان تأخر حملات الضغط الكبيرة التي تعرض لها رجل الأعمال، أيدن دوغان، في عام 2009، عندما تم تغريم شركاته بمليارين ونصف دولار كضرائب مستحقة، مما أجبره في وقت لاحق على بيع كل من صحيفتي "ميلييت" و"وطن" إلى مجموعة "دميرأوران" القابضة، ومنذ ذلك الحين اعتمدت الصحيفتان خطاً تحريراً موالياً وبشدة لسياسات الحكومة التركية.

وفي حال تمت صفقة شركات "دوغان" الإعلامية، فإن القصر الرئاسي التركي، وإضافة إلى القنوات الحكومية التركية الرسمية، سيحظى بدعم 21 صحيفة تركية من أصل 29 صحيفة عاملة في البلاد، وذلك باستثناء عدد من الصحف الحزبية واليسارية القليلة الانتشار مثل صحيفة "بيرغون" اليسارية أو صحيفة "ميلي غزيتة" التابعة لحزب السعادة وبعض الصحف الصفراء المعارضة مثل صحيفة "جمهورييت" اليسارية الكمالية وسوزجو الكمالية، وذلك بعد إنهاء الاعلام المعارض التابع لحركة الخدمة إثر المحاولة الانقلابية الفاشلة وكذلك التابع لحزب العمال الكردستاني.

وعمدت الحكومة التركية، خلال السنوات السابقة، على السيطرة وتوسيع عمل وكالة "الأناضول" الحكومية التركية، وكذلك "تحييد" وكالة "أخلاص" الإخبارية والقنوات التابعة لها عن خطها التحريري المعارض، لتكون صفقة وكالة "دوغان" الاخبارية، بمثابة السيطرة على آخر الوكالات الإخبارية في البلاد.

وإضافةً إلى شركة "دوغان" القابضة، يسيطر على الإعلام التركي ست شركات رئيسية، وهي كل من مجموعة تركوزا المقربة من الرئيس التركي والعدالة والتنمية والتابعة لمجموعة "جاليك" القابضة، والتي تصدر كلا من جريدة "صباح" بنسخها الأربع (التركية والروسية والعربية والإنكليزية) وجريدة "تقويم ويني عصر" وكذلك جريدة "فوتوماج" الرياضية، ومجموعة "جينير" التي تصدر جريدة "خبرتورك" ذات الموقف القريب من الحكومة، ومجموعة "جوكوروفا" التي تصدر عددا من الصحف الموالية للحكومة وهي كل من صحيفة "ترجمان" و"أكشام" و"غونيش"، ومجموعة "البيرق" التابعة لعائلة صهر الرئيس التركي ووزير الطاقة، براءات البيرق، والتي تصدر صحيفة "يني شفق" وعددا من الصحف والقنوات الأخرى، ومجموعة "دميرأوران" المقرب من العدالة والتنمية والتي تصدر كلا من صحيفة "وطن" و"ميلييت"، ومجموعة "ستار" الموالية للرئاسة التركية، والتي تصدر صحيفة "ستار" وعددا من القنوات التلفزيونية الأخرى.
دلالات