بدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء زيارة إلى تركيا تستمر يومين، وقال بيان صادر عن الكرملين، إن بوتين سيجتمع مع الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني، وسط تنسيق سياسي ومصالح اقتصادية قوية بين الدول الثلاث، التي تتعرض حالياً لضغوط غربية، خاصة روسيا التي طردت العديد من العواصم الغربية دبلوماسييها في أعقاب اتهام موسكو بتسميم الجاسوس المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا.
ومن المقرر أن يقوم أردوغان وبوتين، غدا الأربعاء، بوضع حجر الأساس لمشروع محطة "أك كويو" النووية بولاية ميرسين جنوبي البلاد على البحر المتوسط، وفي تغريدة له اليوم الثلاثاء عبر حسابه على "تويتر"، قال أردوغان: "غدًا سنضع مع صديقي العزيز الرئيس الروسي حجر أساس محطة "أك كويو" النووية التي تعتبر استثمارًا ضخمًا بقيمة 20 مليار دولار، وخطوة هامة من أجل تركيا ومستقبل علاقاتها مع روسيا".
ووقعت أنقرة وموسكو في ديسمبر/ كانون الأول 2010، اتفاقًا للتعاون حول إنشاء وتشغيل محطة "أك كويو" للطاقة النووية في ولاية ميرسين، ومن المفترض أن تبدأ أول وحدات المحطة النووية بدخول الخدمة مع مئوية تأسيس الجمهورية التركية عام 2023.
وحسب مصادر تركية فإن الملف الاقتصادي والصفقات يهيمنان على لقاء بوتين وأردوغان الثنائي إلى جانب الوضع في سورية.
ولدى روسيا علاقات اقتصادية قوية مع تركيا، حيث تعتمد الأخيرة بنسبة 30% من إمداداتها من الغاز الطبيعي على روسيا، وهنالك ثلاثة محاور رئيسية تشكل العلاقات الاقتصادية بين تركيا وروسيا، وهي مشاريع الطاقة والتخلي التدريجي عن الدولار في المبادلات التجارية الخارجية والسياحة، ودخلت أخيراً صفقات السلاح.
وأكدت المصادر أن العلاقات التركية الروسية على المستوى الاقتصادي تتجه إلى تعميق التعاون بين الجانبين مع الزيارة التي يقوم بها بوتين إلى أنقرة، بينما ما زال النقاش كبيرا فيما يخص طبيعة هذه العلاقات بين كونها علاقات تعاون مشترك لتخفيف ارتباط تركيا بالغرب أو كونها اعتمادا وارتباطا تركيا بروسيا، قد يشكل عبئا على أنقرة فيما يخص علاقاتها مع حلفائها التقليديين في الغرب.
وإضافة إلى مشروع السيل التركي الذي تم البدء بإنشائه وسينقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية، يعتبر مفاعل "أك كويو" النووي واحدا من أبرز وربما أهم المشاريع الاستراتيجية القومية التركية، والذي من المفترض أن يساهم عند الانتهاء من إنشائه بتوليد 4 آلاف و800 ميغاواط من الطاقة الكهربائية سنويا بما يقابل 7.7 من الاستهلاك التركي للطاقة الكهربائية، وبذلك سيساهم المفاعل الجديد مع مفاعل سينوب النووي (على البحر الأسود) والذي سيتم البدء بالعمل عليه بالتعاون مع كل من فرنسا واليابان في عام 2020، بتقليل اعتماد تركيا على استيراد الوقود الأحفوري، مما سيساهم بشكل كبير في تقليل العجز في الميزان التجاري التركي، والذي يعتبر واحدا من أهم مشاكل الاقتصاد.
ورغم توقيع الاتفاق التركي الروسي حول مفاعل "أك كويو" في عام 2010 إلا أن البدء في تنفيذ المشروع تأخر بسبب الأزمة التي اندلعت بين الجانبين، بعد قيام سلاح الجو التركي بإسقاط مقاتلة روسية اخترقت الأجواء التركية من الحدود السورية، في عام 2015، مما أدى إلى قطع العلاقات بين الجانبين.
وبينما من المنتظر أن يدخل خط "تركيش سترييم" لنقل الغاز الروسي لتركيا عبر البحر الأسود ومنه إلى أوروبا في عام 2019، والذي تبلغ تكلفته 12 مليار دولار، أثار مفاعل "أك كويو" النووي الكثير من النقاشات في الداخل حول نوعية العلاقة التركية الروسية، حيث يرى بعض المراقبين بأن تركيا باتت معتمدة ومرتبطة بشكل كبير بروسيا، لناحية الطاقة، خصوصا وأن لموسكو حصة الأسد من واردات الغاز والنفط لأنقرة، رغم محاولات الأخيرة المستمرة لتنويع مصادر الطاقة، حيث تعد تركيا ثاني أكبر مستهلك للغاز الروسي بعد ألمانيا، وتستورد نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا عبر خطي أنابيب، السيل الأزرق الذي يمر في قاع البحر الأسود والخط الغربي عبر البلقان.
ويميل الميزان التجاري بين البلدين لصالح موسكو بشكل كبير، حيث تسيطر الصادرات الروسية على التبادلات التجارية خصوصا المتعلقة بالطاقة، بينما لا تشكل الصادرات التركية لروسيا إلا جزءا يسيرا، وتعتمد بشكل أساسي على المنتجات الزراعية، وبعض الاستثمارات التركية في مجال الإنشاءات والألبسة.
كما تعرض مشروع "أك كويو" النووي لعدد من الانتقادات، منها ما يتعلق بالبيئة، وآخر يتعلق بأسعار الطاقة الكهربائية التي ستبيعها شركة روستوم الروسية المشرفة على بناء المشروع، حيث أن الحكومة التركية ستدفع لروستون لمدة 15 عاما 12.35 سنتا لكل كيلوواط ساعي، الأمر الذي يعتبر ضعفي الأسعار العالمية.
وما يعزز مخاوف المراقبين والخبراء الاتراك لناحية نوعية العلاقة التركية الروسية على المستوى الاقتصادي، قيام موسكو خلال الأزمة باستخدام السلاح الاقتصادي، مما وجه ضربات قوية لقطاع الزراعة التركي، وكذلك لقطاع السياحة الذي عانى بشدة لغياب ما يقارب 4.7 ملايين سائح روسي.
كما ستتناول زيارة بوتين لأنقرة التعاون في مجال الصناعة والنقل والبناء والسيارات، حيث تعتزم شركة غاز غروب عملاق صناعة السيارات الروسية زيادة استثماراتها في تركيا، كما تخطط لإقامة شراكات وطرح نموذجين من حافلاتها في السوق التركية.
وإلى جانب الاتفاقيات الثنائية هناك مذكرات تعاون في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، والسياسات الاجتماعية، وحقوق المرأة والطفل، والرياضة.
وتعيق أزمة فرض عقوبات روسية على عدد من الشركات التركية التي تصدر الفواكه والخضروات الطازحة إلى روسيا، تطوير العلاقات بين الجانبين.
وقبل الأزمة التي وقعت بفعل إسقاط تركيا لمقاتلة روسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015 لانتهاكها مجالها الجوي، كان حجم التبادل التجاري بين البلدين قد وصل إلى 35 مليار دولار سنوياً، لكنه تراجع بعد ذلك إلى 27 مليارا ثم 28 مليار دولار؛ بحسب تصريحات رسمية، وحسب تصريحات لأردوغان نقلتها وكالة نوفستي الروسية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع بنحو 10% ليصل إلى 30% خلال 2017 مقارنة بالعام 2016، وأكد أردوغان على ضرورة تعزيز التجارة الثنائية بين البلدين.
وأكد بوتين قبيل الزيارة في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الروسية إن حجم التبادل التجاري خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2017 زاد 1.8 مرة، إلى 15 مليار دولار، كاشفاً عن أنه ناقش مع أردوغان في مكالمة هاتفية "الإجراءات التي يمكن اتخاذها من أجل تحرّر العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين".
من جانبه أعلن مستشار السياسة الخارجية الروسي، يوري أوشاكوف، أن من ضمن المسائل الاقتصادية المشتركة مشروع إنتاج الشاحنات الخفيفة من طراز "غازيل نيكست" في تركيا.
وأضاف أوشاكوف، أن شركة "GAZ group"، تهدف إلى زيادة استثماراتها في تركيا، من خلال إنشاء فروع لها في تركيا لإنتاج نماذج جديدة من الشاحنات في تركيا.
يشار إلى أن "مجموعة غاز" الروسية تقيم تعاونا مع شركات تركية، لبيع وتركيب قطع غيار السيارات التجارية الخفيفة، منذ 2012.
وتشغل شركة "غاز" الروسية نحو 50% من سوق الشاحنات الخفيفة بروسيا، وتقوم بتصدير شاحناتها إلى بلدان رابطة الدول المستقلة وكوبا، كما تتعاون الشركة أيضا مع بلدان جنوب شرق آسيا وشمال إفريقيا وتعتزم التوغل في أسواق أوروبية.
وشهدت العلاقات التجارية والاقتصادية بين موسكو وأنقرة تطورا ملموسا خلال الفترة الماضية، وحسب تصريحات لأردوغان نقلتها وكالة نوفستي الروسية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين ارتفع بنحو 10% ليصل إلى 30% خلال 2017 مقارنة بالعام 2016. وأكد أردوغان على ضرورة تعزيز التجارة الثنائية بين البلدين.
بدوره، أكد بوتين قبيل الزيارة في تصريحات نقلتها وسائل الاعلام الروسية أن حجم التبادل التجاري خلال الأشهر الثمانية الأولى من 2017 زاد 1.8 مرة، إلى 15 مليار دولار، كاشفاً عن أنه ناقش مع أردوغان في مكالمة هاتفية "الإجراءات التي يمكن اتخاذها من أجل تحرّر العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين".
ويعد مشروع السيل التركي لتصدير الغاز الروسي تحت البحر إلى تركيا، ومن ثم إلى أوروبا أكبر تطور في علاقات البلدين، منذ أزمة إسقاط الطائرة الروسية، حيث شارفت عمليات تنفيذ المشروعالذي سيمد تركيا بالغاز الطبيعي في مرحلته الأولى، أما في المرحلة الثانية، فسيصدر الغاز الروسي من خطوط" السيل التركي"، عبر تركيا إلى أوروبا من شواطئ اليونان، لكن ذلك يحتاج إلى موافقة من بروكسل.
وقال مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، أمس الإثنين، إن تنفيذ مشروع مد أنابيب الغاز "السيل التركي" يجري وفقاً للخطة الموضوعة، مبينا أن أغلب التراخيص المطلوبة تم الحصول عليها. وأضاف أن العمل في بناء "السيل التركي" يتم بنجاح ودون أي عوائق تذكر وفي الإطار الزمني المتوقع.وذكَر المسؤول الروسي، أن المشروع الجاري تنفيذه يتألف من أنبوبين، الأول يهدف لضخ الغاز الروسي للمستهلكين الأتراك، أما الأنبوب الثاني فمخصص للمستهلكين من دول جنوب وجنوب شرق أوروبا.
وكانت موسكو وأنقرة قد اتفقتا في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، بشكل رسمي على تنفيذ المشروع، البالغ كلفته نحو 11.4 مليار يورو (12.9 مليار دولار). وتعد تركيا ثاني أكبر مستهلك للغاز الروسي بعد ألمانيا، وتستورد نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز الروسي سنويا عبر خطي أنابيب، "السيل الأزرق" الذي يمر في قاع البحر الأسود و"الخط الغربي" عبر البلقان.
وحسب التصريحات الروسية، أوشكت أشغال بناء الخط الأول من مشروع السيل التركي من الاكتمال، حيث أكد المسؤول عن مشروع "ساوث ستريم" الانتهاء من مد نحو 706 كيلومترات من الأنابيب، من إجمالي خط الغاز الواقع في البحر الأسود الذي يمتد على طول 930 كيلومترا. وبهذا، يكون المشروع قد اكتمل بنسبة 76%.
وعلى صعيد التعاون في توليد الطاقة عبر المفاعل النووية، تنفذ شركة "روس آتوم" الروسية مشروع محطة "أكويو" الكهروذرية، ومن المقرر أن يفتتحها الرئيسان أثناء هذه الزيارة.
ووقعت موسكو وأنقرة في وقت سابق اتفاقاً حكومياً بشأن التعاون في بناء وتشغيل محطة "أكويو" للطاقة الكهروذرية، بالقرب من مدينة "مرسين" جنوبي تركيا.
ويعد التعاون في مجال صفقات الأسلحة أبرز الملفات المطروحة على قمة أردوغان وبوتين، حيث وقع رئيس شركة "روستيخ" الحكومية الروسية سيرغي تشيميزوف مع تركيا العام الماضي صفقة بيع 4 بطاريات صواريخ "إس - 400" من روسيا بقيمة 2.5 مليار دولار. وهي صفقة ميسرة، حيث ستدفع روسيا جزءا فقط من ثمنها والباقي يبقى في شكل قروض.