ارتفاع درجات الحرارة الكبير في صعيد مصر فرض على كثيرين عدم مغادرة منازلهم، أو البقاء في أعمالهم ساعات قليلة، في الوقت الذي يحجمون فيه عن استخدام أدوات التبريد الكهربائية بسبب غلاء الفاتورة
"الجو نار" و"الحرارة لا تطاق" و"نار جهنم" كلمات يرددها أهالي الصعيد خلال هذه الأيام، بالتزامن مع درجات الحرارة المرتفعة التي تواجهها المحافظات المصرية حالياً، خصوصاً محافظات الصعيد التي تتجاوز فيها درجة الحرارة 50 درجة مئوية، وهو ما جعل البعض يصرخ احتجاجاً من حرارة الجو، إلى حدّ أنّ الجميع يلتزم المنازل خلال فترة الظهيرة، والكثير من المصالح الحكومية تغلق أبوابها قبل الساعة الواحدة ظهراً بقرار من الجهات المسؤولة.
في مواجهة هذا الطقس الحارّ، تغيرت دوامات العمل بالنسبة لمن يعملون في الأراضي الزراعية من بعد صلاة الفجر حتى الساعة الثامنة صباحاً، وهناك من يعمل من بعد صلاة العصر حتى المغرب هرباً من الحرارة، وتعتبر الترع الموجودة بقرى الصعيد ونهر النيل مأوى للأطفال والكبار للاستحمام بهدف التخفيف من حرارة الطقس المرتفعة في محافظات الجنوب، من دون أيّ اعتبار لأمراض البلهارسيا وغيرها من الأمراض الناتجة عن التلوث المائي، إذ يتسابق الجميع في الوصول إلى المياه، ويتجردون من معظم ملابسهم، بل إنّهم لا يهتمون بوقوع العديد من حالات الغرق سابقاً، فيخاطرون بأن تجرف المياه الأطفال في النيل.
كهرباء ولدغات
يفضّل فريق آخر من أهالي الصعيد الاختباء في المنازل، وتنتشر الإجازات وأيام الراحة بين العاملين بالجهاز الإداري للدولة، فيما يخشى المواطن الصعيدي من غلاء فواتير الكهرباء، خصوصاً مع الزيادة الجديدة في أسعارها بداية من شهر يوليو/ تموز الجاري. ولا يتمكن المواطن في مثل هذه الأوضاع من تشغيل المراوح أو المكيفات إلّا ساعات محددة، خصوصاً في وقت القيلولة، خوفاً من مضاعفة أسعار الفواتير، التي تستنزف المداخيل. ويكتفي البعض بالأجهزة المنزلية المهمة مثل الثلاجات والغسالات و"لمبات الإنارة" فحسب.
كذلك، يمثل فصل الصيف كابوساً لقرى ومدن الصعيد، بسبب عودة الحشرات والقوارض والعقارب والثعابين وغيرها من الزواحف السامة بمختلف أنواعها، التي تتخذ من البيئة الصحراوية والمناخ الجاف بيئة خصبة لها، والتي تنتشر بضراوة في أوقات الليل، وتخرج إلى الشارع بشكل كبير، مهاجمة المواطنين في بعض الأحيان. ويخشى الكبار والصغار من لدغات العقارب والثعابين التي ربما تكون قاتلة، خصوصاً من يسكنون في القرى النائية، نتيجة صعوبة الوصول إلى المستشفيات والوحدات الصحية. ويلجأ البعض إلى الأساليب البدائية في العلاج التي تصل إلى استخدام أمواس الحلاقة بغرز الموسى على طريقة التشريط، في أماكن اللدغات، بحجة سحب الدم الفاسد أو السام في الوقت الذي تواجه فيه المستشفيات والوحدات الصحية بمحافظات الصعيد نقصاً حاداً في أمصال العقرب، وهناك بعض الحالات التي تصل إلى حدّ الوفاة أثناء العلاج.
50 درجة مئوية
أكدت مصادر مسؤولة بهيئة الأرصاد الجوية بمحافظة الأقصر، إحدى محافظات صعيد مصر، أنّ درجة الحرارة تجاوزت في الصعيد 50 درجة مئوية، لكن، هناك تعليمات صدرت بعدم ذكر تلك الأرقام للمواطنين خوفاً من حالة الذعر. وأشارت المصادر إلى أنّ جهات مسؤولة بالجهاز الإداري للدولة بالصعيد سرحت الموظفين قبل مواعيد انتهاء العمل بساعة أو ساعتين، كما تجاوز الأمر ذلك للسيدات خصوصاً الحوامل، ترشيداً لاستهلاك الكهرباء وخوفاً من ضربات الشمس. كذلك، جرى تحذير المواطنين من الخروج من المنازل إلّا للضرورة، خوفاً من وقوع إصابات بضربات شمس أو سقوط حالات وفاة لسبب مرتبط بالطقس الحار. وشددت على أنّ مصر أصبحت واحدة من أكثر الدول المعرضة للآثار السلبية الناتجة عن التغير المناخي، نتيجة لعدة أسباب من بينها الاحتباس الحراري، وتراجع المساحات المزروعة، وهو ما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق مثل الصعيد لأنّ المزروعات، خصوصاً الأشجار، تساهم في ضخ الأوكسجين في الجوّ، بالإضافة إلى قلة هطول الأمطار وزيادة معدلات التصحر، وزيادة معدلات شح المياه.
اقــرأ أيضاً
وبسبب الغلاء، لم تتخلَ القرى بصعيد مصر عن استخدام الزير، المصنوع من الفخار، في شرب المياه خلال فصل الصيف. وينتشر هذا الإناء في الشوارع وتحت الأشجار، ويعتبر "ثلاجة الغلابة"، فيُقبل الأهالي على الشرب منه كون مياهه "طعمة" (لذيذة). ويخصص البعض زيراً أو مجموعة أزيار للمنفعة العامة مجاناً، كأداة لكسب الأجر والثواب. أما داخل المساجد فهناك برادات مياه صغيرة يقدمها الموسرون، مع كلّ موجة حرارة تضرب البلاد.
وفي هذا الإطار، يؤكد عصام عبد العاطي، وهو صاحب متجر للبرادات الصغيرة تلك، أنّ هناك إقبالاً عليها لوضعها في أماكن العبادة أو الشوارع في المدن، وهناك من يضع البراد غير الكهربائي وفيه مياه مثلجة لإنعاش المواطنين. يوضح أنّ هناك إقبالاً من قبل الجميع على شراء العصائر والمياه المثلجة والمرطبات من المحلات التجارية، كما تشهد محلات عصير القصب (قصب السكر) والمثلجات إقبالاً متزايداً لمواجهة الطقس الحار.
أمراض متعددة
من الأمراض التي تهاجم أهالي الصعيد خلال فصل الصيف بسبب حرارة الجو الطفح الجلدي وتشنج العضلات وتورم الساقين واليدين وانقطاع الأنفاس والتوتر الناتج عن الحرارة، والإغماء الناجم عن انخفاض ضغط الدم والإرهاق المفرط، وضربات الشمس التي تقع عندما يفشل الجسم في ضبط حرارته وتستمر حرارة الجسم في الارتفاع، بالإضافة إلى الحالات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة والتي غالباً ما تكون ناتجة عن العطش أو التجفاف والإرهاق.
يقول أستاذ طبّ الأطفال بالصعيد، الدكتور حسين عمر، إنّ هناك إقبالاً شديداً على العيادات والمستشفيات من الأطفال والشباب وكبار السن، خصوصاً مرضى القلب والسكر، نتيجة أمراض الصيف التي تنتشر بطريقة كبيرة في الصعيد. ويشير إلى أنّ الصداع وارتفاع حرارة الجسم واختلال التوازن والغثيان وأمراض العيون من أكثر الأمراض انتشاراً حالياً، كما يحدث لكثيرين إجهاد حراري نتيجة فقدان الجسم كمية كبيرة من السوائل والأملاح. ويشدد على أنّ لجوء الأهالي إلى منازلهم في وقت القيلولة له دور في التخفيف من الأمراض الصيفية وعدم التعرض لضربات الشمس، لافتاً إلى أنّ مستشفيات الصعيد والوحدات الصحية تفتقر للوسائل الطبية المناسبة لعلاج المرضى، ما يدفع البعض إلى الاتجاه إلى العيادات والمستشفيات الخاصة، أو الذهاب إلى محافظة أسيوط أو القاهرة للعلاج عند أحد الأطباء المتخصصين.
التقشيطة
يعبّر عدد من الأهالي لـ"العربي الجديد" عن مخاوفهم من درجات الحرارة الشديدة، التي أدت إلى ترك مصالحهم، إذ يقول محمد زيدان، وهو موظف، إنّ "موجة الحرّ غير مسبوقة، وأثرت على مختلف أعمالنا وحياتنا الشخصية، فنحن نعمل عدة ساعات في الصباح فقط. أما الفترة من الظهر حتى العصر فهي الأشد حرارة ولا يمكن بأيّ حال أن نعمل خلالها".
أما فتحي مهدي، وهو عامل، فيرى أنّ مواجهة موجات الحرارة قديماً كانت أسهل بكثير من الوقت الحالي: "كان المواطنون يكتفون بحمل الشمسيات (مظلات) لحجب حرارة الشمس عنهم، أما في الوقت الحالي فباتت حرارة الجو لا تطاق، فلا تنفع معها أيّ شمسيات... ربنا يلطف بينا ويجيرنا من نار جهنم".
يصف أمين حماد، وهو متقاعد، درجات الحرارة بأنّها "نار"، لافتًا إلى أنه يحاول تقليل الحركة قدر الإمكان وقت الظهيرة، مضيفاً أنّ "فاتورة الكهرباء أصبحت أزمة كلّ بيت، خصوصاً أنّنا في انتظار فاتورة كهرباء شهر يوليو المرتفعة".
اقــرأ أيضاً
تقول فاطمة السيد، وهي ربة منزل، إنّ الطقس الصعب ودرجة الحرارة المرتفعة لم نشهدهما من قبل بمحافظات الصعيد: "لا يخرج من بيته حالياً إلّا المضطر. كذلك، فإنّ نهر النيل والترع هدف الأطفال والشبان هرباً من الحرارة".
أما العامل محمد ناصر، فيقول إنّ التقشيطة (رداء قطني من قطعة واحدة يغطي كامل الجسد) هي لبسه الوحيد طوال فترة الوجود في المنزل، كونها خفيفة جداً: "الجميع يرتديها الآن، أكان من المتعلمين أو الأميين، فالبلاد تشهد حرارة مرتفعة". يضيف: "كوني عاملاً زراعياً، أبدأ يومي في العمل بعد الفجر حتى وصول الشمس إلى الحقل. ومن الممكن أن أعمل فترة أخرى، بعد صلاة العصر حتى المغرب. وهي حال جميع العمال الزراعيين وربما غيرهم في الصعيد في هذه الأيام".
في مواجهة هذا الطقس الحارّ، تغيرت دوامات العمل بالنسبة لمن يعملون في الأراضي الزراعية من بعد صلاة الفجر حتى الساعة الثامنة صباحاً، وهناك من يعمل من بعد صلاة العصر حتى المغرب هرباً من الحرارة، وتعتبر الترع الموجودة بقرى الصعيد ونهر النيل مأوى للأطفال والكبار للاستحمام بهدف التخفيف من حرارة الطقس المرتفعة في محافظات الجنوب، من دون أيّ اعتبار لأمراض البلهارسيا وغيرها من الأمراض الناتجة عن التلوث المائي، إذ يتسابق الجميع في الوصول إلى المياه، ويتجردون من معظم ملابسهم، بل إنّهم لا يهتمون بوقوع العديد من حالات الغرق سابقاً، فيخاطرون بأن تجرف المياه الأطفال في النيل.
كهرباء ولدغات
يفضّل فريق آخر من أهالي الصعيد الاختباء في المنازل، وتنتشر الإجازات وأيام الراحة بين العاملين بالجهاز الإداري للدولة، فيما يخشى المواطن الصعيدي من غلاء فواتير الكهرباء، خصوصاً مع الزيادة الجديدة في أسعارها بداية من شهر يوليو/ تموز الجاري. ولا يتمكن المواطن في مثل هذه الأوضاع من تشغيل المراوح أو المكيفات إلّا ساعات محددة، خصوصاً في وقت القيلولة، خوفاً من مضاعفة أسعار الفواتير، التي تستنزف المداخيل. ويكتفي البعض بالأجهزة المنزلية المهمة مثل الثلاجات والغسالات و"لمبات الإنارة" فحسب.
كذلك، يمثل فصل الصيف كابوساً لقرى ومدن الصعيد، بسبب عودة الحشرات والقوارض والعقارب والثعابين وغيرها من الزواحف السامة بمختلف أنواعها، التي تتخذ من البيئة الصحراوية والمناخ الجاف بيئة خصبة لها، والتي تنتشر بضراوة في أوقات الليل، وتخرج إلى الشارع بشكل كبير، مهاجمة المواطنين في بعض الأحيان. ويخشى الكبار والصغار من لدغات العقارب والثعابين التي ربما تكون قاتلة، خصوصاً من يسكنون في القرى النائية، نتيجة صعوبة الوصول إلى المستشفيات والوحدات الصحية. ويلجأ البعض إلى الأساليب البدائية في العلاج التي تصل إلى استخدام أمواس الحلاقة بغرز الموسى على طريقة التشريط، في أماكن اللدغات، بحجة سحب الدم الفاسد أو السام في الوقت الذي تواجه فيه المستشفيات والوحدات الصحية بمحافظات الصعيد نقصاً حاداً في أمصال العقرب، وهناك بعض الحالات التي تصل إلى حدّ الوفاة أثناء العلاج.
50 درجة مئوية
أكدت مصادر مسؤولة بهيئة الأرصاد الجوية بمحافظة الأقصر، إحدى محافظات صعيد مصر، أنّ درجة الحرارة تجاوزت في الصعيد 50 درجة مئوية، لكن، هناك تعليمات صدرت بعدم ذكر تلك الأرقام للمواطنين خوفاً من حالة الذعر. وأشارت المصادر إلى أنّ جهات مسؤولة بالجهاز الإداري للدولة بالصعيد سرحت الموظفين قبل مواعيد انتهاء العمل بساعة أو ساعتين، كما تجاوز الأمر ذلك للسيدات خصوصاً الحوامل، ترشيداً لاستهلاك الكهرباء وخوفاً من ضربات الشمس. كذلك، جرى تحذير المواطنين من الخروج من المنازل إلّا للضرورة، خوفاً من وقوع إصابات بضربات شمس أو سقوط حالات وفاة لسبب مرتبط بالطقس الحار. وشددت على أنّ مصر أصبحت واحدة من أكثر الدول المعرضة للآثار السلبية الناتجة عن التغير المناخي، نتيجة لعدة أسباب من بينها الاحتباس الحراري، وتراجع المساحات المزروعة، وهو ما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق مثل الصعيد لأنّ المزروعات، خصوصاً الأشجار، تساهم في ضخ الأوكسجين في الجوّ، بالإضافة إلى قلة هطول الأمطار وزيادة معدلات التصحر، وزيادة معدلات شح المياه.
وبسبب الغلاء، لم تتخلَ القرى بصعيد مصر عن استخدام الزير، المصنوع من الفخار، في شرب المياه خلال فصل الصيف. وينتشر هذا الإناء في الشوارع وتحت الأشجار، ويعتبر "ثلاجة الغلابة"، فيُقبل الأهالي على الشرب منه كون مياهه "طعمة" (لذيذة). ويخصص البعض زيراً أو مجموعة أزيار للمنفعة العامة مجاناً، كأداة لكسب الأجر والثواب. أما داخل المساجد فهناك برادات مياه صغيرة يقدمها الموسرون، مع كلّ موجة حرارة تضرب البلاد.
وفي هذا الإطار، يؤكد عصام عبد العاطي، وهو صاحب متجر للبرادات الصغيرة تلك، أنّ هناك إقبالاً عليها لوضعها في أماكن العبادة أو الشوارع في المدن، وهناك من يضع البراد غير الكهربائي وفيه مياه مثلجة لإنعاش المواطنين. يوضح أنّ هناك إقبالاً من قبل الجميع على شراء العصائر والمياه المثلجة والمرطبات من المحلات التجارية، كما تشهد محلات عصير القصب (قصب السكر) والمثلجات إقبالاً متزايداً لمواجهة الطقس الحار.
أمراض متعددة
من الأمراض التي تهاجم أهالي الصعيد خلال فصل الصيف بسبب حرارة الجو الطفح الجلدي وتشنج العضلات وتورم الساقين واليدين وانقطاع الأنفاس والتوتر الناتج عن الحرارة، والإغماء الناجم عن انخفاض ضغط الدم والإرهاق المفرط، وضربات الشمس التي تقع عندما يفشل الجسم في ضبط حرارته وتستمر حرارة الجسم في الارتفاع، بالإضافة إلى الحالات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة والتي غالباً ما تكون ناتجة عن العطش أو التجفاف والإرهاق.
يقول أستاذ طبّ الأطفال بالصعيد، الدكتور حسين عمر، إنّ هناك إقبالاً شديداً على العيادات والمستشفيات من الأطفال والشباب وكبار السن، خصوصاً مرضى القلب والسكر، نتيجة أمراض الصيف التي تنتشر بطريقة كبيرة في الصعيد. ويشير إلى أنّ الصداع وارتفاع حرارة الجسم واختلال التوازن والغثيان وأمراض العيون من أكثر الأمراض انتشاراً حالياً، كما يحدث لكثيرين إجهاد حراري نتيجة فقدان الجسم كمية كبيرة من السوائل والأملاح. ويشدد على أنّ لجوء الأهالي إلى منازلهم في وقت القيلولة له دور في التخفيف من الأمراض الصيفية وعدم التعرض لضربات الشمس، لافتاً إلى أنّ مستشفيات الصعيد والوحدات الصحية تفتقر للوسائل الطبية المناسبة لعلاج المرضى، ما يدفع البعض إلى الاتجاه إلى العيادات والمستشفيات الخاصة، أو الذهاب إلى محافظة أسيوط أو القاهرة للعلاج عند أحد الأطباء المتخصصين.
التقشيطة
يعبّر عدد من الأهالي لـ"العربي الجديد" عن مخاوفهم من درجات الحرارة الشديدة، التي أدت إلى ترك مصالحهم، إذ يقول محمد زيدان، وهو موظف، إنّ "موجة الحرّ غير مسبوقة، وأثرت على مختلف أعمالنا وحياتنا الشخصية، فنحن نعمل عدة ساعات في الصباح فقط. أما الفترة من الظهر حتى العصر فهي الأشد حرارة ولا يمكن بأيّ حال أن نعمل خلالها".
أما فتحي مهدي، وهو عامل، فيرى أنّ مواجهة موجات الحرارة قديماً كانت أسهل بكثير من الوقت الحالي: "كان المواطنون يكتفون بحمل الشمسيات (مظلات) لحجب حرارة الشمس عنهم، أما في الوقت الحالي فباتت حرارة الجو لا تطاق، فلا تنفع معها أيّ شمسيات... ربنا يلطف بينا ويجيرنا من نار جهنم".
يصف أمين حماد، وهو متقاعد، درجات الحرارة بأنّها "نار"، لافتًا إلى أنه يحاول تقليل الحركة قدر الإمكان وقت الظهيرة، مضيفاً أنّ "فاتورة الكهرباء أصبحت أزمة كلّ بيت، خصوصاً أنّنا في انتظار فاتورة كهرباء شهر يوليو المرتفعة".
تقول فاطمة السيد، وهي ربة منزل، إنّ الطقس الصعب ودرجة الحرارة المرتفعة لم نشهدهما من قبل بمحافظات الصعيد: "لا يخرج من بيته حالياً إلّا المضطر. كذلك، فإنّ نهر النيل والترع هدف الأطفال والشبان هرباً من الحرارة".
أما العامل محمد ناصر، فيقول إنّ التقشيطة (رداء قطني من قطعة واحدة يغطي كامل الجسد) هي لبسه الوحيد طوال فترة الوجود في المنزل، كونها خفيفة جداً: "الجميع يرتديها الآن، أكان من المتعلمين أو الأميين، فالبلاد تشهد حرارة مرتفعة". يضيف: "كوني عاملاً زراعياً، أبدأ يومي في العمل بعد الفجر حتى وصول الشمس إلى الحقل. ومن الممكن أن أعمل فترة أخرى، بعد صلاة العصر حتى المغرب. وهي حال جميع العمال الزراعيين وربما غيرهم في الصعيد في هذه الأيام".