وحاول محامي الرئيس تشارلز هاردر، الخميس، منع صدور الكتاب الذي يصور الخلل في عمل البيت الأبيض، ويرسم صورة قاتمة عن إدارة يسخر أفراد فيها من رئيس يعتبرونه غير مؤهل وغير قادر على قيادة البلاد.
وأتت مبادرة المحامي غداة رد فعل غاضب جدا من ترامب الذي اتهم مسؤول الاستراتيجيا السابق في البيت الأبيض، ستيف بانون، الذي نقل الكتاب عنه تصريحات نارية، بأنه "فقد عقله".
وفي مبادرة تبقى رمزية، وجه المحامي رسالة إلى مؤلف الكتاب وولف وإلى ستيف روبن، رئيس دار "هندري هولت أند كومباني" التي تنشر الكتاب مطالبا بـ"وقف فوري" للتوزيع بحجة أن الكتاب يتضمن تشهيرا. لكن رد الناشر الذي سر على الأرجح لهذه الخطوة التي ساهمت في تسليط الأضواء على الكتاب، كان سريعا إذ قرر تقديم موعد إصدار الكتاب إلى الجمعة بعد أن كان مقررا في التاسع من يناير/ كانون الثاني الحالي.
وكتب وولف (64 عاما) في تغريدة "بإمكانكم شراؤه (وقراءته) غدا. شكرا سيدي الرئيس". وتابع الصحافي الذي له مساهمات في العديد من المنشورات مثل "هوليوود ريبورتر" و"فانيتي فير" و"نيويورك ماغازين"، أنه خالط محيط ترامب طيلة 18 شهرا من الحملة الانتخابية إلى البيت الأبيض وأنه طرح أسئلة على "أكثر من 200" شخص ابتداءّ بالرئيس إلى مقربين منه.
Here we go. You can buy it (and read it) tomorrow. Thank you, Mr. President. — Michael Wolff (@MichaelWolffNYC) January 4, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
">
|
"مليء بالأكاذيب"
وغرد ترامب في وقت متأخر الخميس "لم أسمح إطلاقا بدخول مؤلف هذا الكتاب المجنون إلى البيت الأبيض! لم أتحدت إليه أبداً بشأن كتاب. مليء بالأكاذيب وبالتحريف وبمصادر غير موجودة".
I authorized Zero access to White House (actually turned him down many times) for author of phony book! I never spoke to him for book. Full of lies, misrepresentations and sources that don’t exist. Look at this guy’s past and watch what happens to him and Sloppy Steve! — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) January 5, 2018 " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
">
|
في الكتاب الذي حصلت وسائل إعلام عدة من بينها وكالة "فرانس برس" على نسخة منه، يندد بانون بسلوك دونالد ترامب الابن، وهو ما أثار غضب الرئيس الأميركي. واعتبر بانون في الكتاب أن لقاء نجل الرئيس بمحامية روسية خلال الحملة الانتخابية يرقى إلى "خيانة"، وأعلن دعمه للتحقيق الذي يجريه المدعي الخاص روبرت مولر حول التواطؤ المحتمل بين حملة ترامب والكرملين.
ويروي الكتاب أيضاً صدمة ترامب وعائلته بفوزه في الانتخابات الرئاسية. وقال مؤلف الكتاب إن الرئيس الأميركي "بدا وكأنه رأى شبحاً"، عندما تم انتخابه بينما انهارت زوجته ميلانيا باكية، و"لم تكن دموعها دموع فرح". ومما ورد في الكتاب أيضاً أن "ترامب لم ينشر كشوفه الضريبية أو يتعامل مع التضارب بين مصالحه الخاصة ومنصب الرئاسة، لأنه لم يكن يتوقع أن يفوز بالرئاسة".
وأضاف "ستصبح ابنته إيفانكا وصهره جاريد من بين المشاهير على الصعيد الدولي... ويصبح ستيف بانون القائد الفعلي لحركة حزب الشاي... وميلانيا ترامب، التي طمأنها زوجها أنه لن يصبح رئيساً، ستعود إلى طقوسها المعتادة".
ومن بين المعلومات الأخرى التي ينشرها وولف في كتابه أن إيفانكا فكرت في الترشح لمنصب الرئاسة في المستقبل، ومخاوف ترامب حول سلامته الشخصية، والصراع بين طاقم البيت الأبيض والذي انقسم إلى قسم يؤيد كوشنر وآخر في صف بانون، وذلك قبل أن يجبر الأخير على الاستقالة.
وبعد نشر سلسلة من الاقتباسات من الكتاب، أكد بانون المعروف بأسلوبه اللاذع أنه لا يزال يؤيد قطب العقارات السابق قائلا في مقابلة إذاعية مساء الأربعاء "رئيس الولايات المتحدة رجل عظيم (...) وأنا أدعمه دونما تراجع"، وذلك تعقيبا على اتهامات ترامب له بأنه "فقد عقله".
فما كان من ترامب إلا أن سخر الخميس من بانون قائلا "لقد قال إنني رجل عظيم مساء أمس. من الواضح أنه غير لهجته بسرعة كبيرة".
منذ رحيله من البيت الأبيض في الصيف الماضي، طرح بانون نفسه في موقع المدافع عن "التيار الترامبي" في وجه ما يقول إنه "انحراف" عن الخط يقوم به الجمهوريون و"نخب" واشنطن.
"انقلاب السعودية"
وغطت الضجة الإعلامية الكبيرة التي رافقت الكشف عن مقتطفات من الكتاب عن دور الإدارة الأميركية الحالية في صعود محمد بن سلمان إلى ولاية عهد السعودية والذي اعتبر انقلاباً تلته اعتقالات واسعة.
وحسب ما كشف عنه الكتاب، فإن الرئيس الأميركي، أسر لأصدقائه بلعب بلاده دوراً في وصول بن سلمان، إلى المنصب وإزاحة الأمير محمد بن نايف، الذي كان يشغل منصب ولي العهد الأول ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وبأن ترامب خطط لانقلاب بالرياض برفقة صهره، جاريد كوشنر، الذي يشغل منصب كبير مستشاريه.
وكشف مراسل وكالة "أسوشييتد برس" بالبيت الأبيض، جوناتان لومير، أنه بعد حصول بن سلمان على منصب ولي العهد "قال ترامب أمام أصدقائه إنه خطط مع (صهره) جاريد (كوشنير) لانقلاب بالسعودية"، نقلا عن الكتاب.
وأضاف لومير في تغريدة على موقع "تويتر" عن ترامب قوله، وفق ما ورد في الكتاب: "لقد وضعنا رجلنا في أعلى هرم السلطة"، في إشارة إلى ولي العهد السعودي.
وعندما تولى بن سلمان ولاية العهد قام ترامب بتهنئته شخصياً. كما أن ترامب أيد السياسة الخارجية السعودية التي يرسمها ولي العهد السعودي، بتحريض على ما يبدو من الإمارات، تجاه قطر واليمن، وظهر ذلك خصوصاً في تغريداته المتكررة على "تويتر".
"مثير للضحك"
في موازاة ذلك، واصلت الإدارة الأميركية التنديد بشدة بـ"الأكاذيب السخيفة" التي تضمنها الكتاب المليء بـ"نميمة الصحف الصفراء". ويروي الكتاب خصوصا كيف فوجئ المرشح الجمهوري نفسه والمقربون منه بفوزه إذ كانوا واثقين من العكس، إلا أن المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هاكابي ساندرز، نددت بذلك قائلة إنه أمر "مثير للضحك".
يتناول كتاب "نار وغضب: داخل البيت الأبيض في عهد ترامب" أيضا العام الأول لترامب في الرئاسة والذي اتسم بـ"فوضى" دائمة. ويصف الكتاب كيف ينعزل ترامب غالبا في غرفته اعتبارا من الساعة 18,30 ليتناول همبرغر بالجبنة وهو يشاهد التلفزيون على ثلاث شاشات ويقوم باتصالات متكررة مع مجموعة صغيرة من الأصدقاء يبدي خلالها "سيلا من الانتقادات" الموجهة ضد قلة نزاهة وسائل الإعلام وعدم ولاء أعضاء في فريقه.
وأعلنت هاكابي ساندرز الخميس أن العاملين في البيت الأبيض لن يعود بإمكانهم استخدام هواتفهم النقالة الخاصة في الجناح الغربي الذي يقيم فيه الرئيس، مبررة ذلك بضرورات "الأمن وحماية الأنظمة التكنولوجية في البيت الأبيض"، مضيفة أن هذا القرار قيد الدرس منذ أكثر من ستة أشهر.
من جهة أخرى، استشار نحو 12 نائبا على الأقل من الكونغرس غالبيتهم من الديمقراطيين، أستاذة علم النفس في جامعة يال باندي لي حول صحة الرئيس العقلية، بحسب ما أوردت شبكة "سي ان ان" وموقع "بوليتيكو".
كما وقع 57 نائبا ديمقراطيا أي 30% من الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب، مشروع قانون ينص على تشكيل لجنة برلمانية خاصة حول "عدم أهلية الرئيس" لتحديد "ما إذا كان الرئيس قادرا نفسيا وجسديا على تولي مهامه".
ويندد ترامب منذ توليه الحكم بالتسريبات داخل فريقه وقال في بيان الأربعاء إن بانون أمضى وقته في البيت الأبيض "في تسريب معلومات كاذبة لجعل نفسه يبدو أهم مما هو عليه".
(فرانس برس، العربي الجديد)