وأيدت المحكمة في مرحلتها الاستئنافية الأحكام الابتدائية، إذ جاء الحكم ضدّ من بات يلقب بقائد حراك الريف ناصر الزفزافي بعشرين عامًا سجنًا، ومعه ثلاثة معتقلين آخرين بنفس المدة، وحكم على 3 نشطاء بـ15 سنة سجنًا، و7 مدانين بـ10 سنوات سجنًا، و10 معتقلين بـ5 سنوات سجنًا، و5 آخرين بـ3 سنوات حبسًا، و9 بسنتين، وأربعة توبعوا في حالة سراح مؤقت.
وأجمع محامو المعتقلين ونشطاء حقوقيون وسياسيون أيضاً على أن الأحكام الصادرة في مرحلتها الاستئنافية ضد معتقلي الريف كانت جائرة وغير عادلة، وأن عائلات المتهمين كانت تنتظر التخفيف، في الوقت الذي أكد فيه محامي الطرف المدني أن الأحكام كانت منصفة بل مخففة أيضا.
وأورد المحامي محمد حسني كروط، في تصريحات صحافية عقب المحاكمة، أن تصنيف الأحكام بين مشددة ومخففة أمر انطباعي وعاطفي، وأن الموضوع يتعين النظر إليه من زاوية قانونية، موضحًا أن إحدى التهم الموجهة إلى الزفزافي كانت إضرام النار التي تستوجب الإعدام وفق القانون، لكن القاضي لجأ إلى ظروف التخفيف وحكم عليه بعشرين عامًا سجنًا.
في المقابل، أكدت المحامية سعاد البراهمة، في تصريح للصحافة على هامش المحاكمة، أن محامي المعتقلين كانوا يتوقعون تأييد الأحكام الابتدائية بخلاف بعض العائلات التي كان لديها أمل في أحكام مغايرة، مبرزة أن المحكمة لم تبذل أي جهد لتصحيح ما سمته الأخطاء والتجاوزات التي وقعت في المرحلة الابتدائية.
من جهتها، قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، بنبرة حزينة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "الصدمة والاستياء هما العنوان البارز للأحكام ضد معتقلي الريف، واصفة هذه الأحكام بكونها غير عادلة في حق شباب ونشطاء آمنوا بتغيير ظروف وحياة منطقتهم إلى الأفضل".
وتابعت منيب بأن الدولة فرطت في فرصة مهمة من أجل التصالح مع منطقة الريف، وطي هذه الصفحة المؤلمة من خلال استخدام الحكمة والمنطق، والإفراج عن المعتقلين، إذ تمسكت بنفس الأحكام القضائية من أجل إرسال رسالة تحذير لكل الشباب الراغبين في الاحتجاج مستقبلًا، بأن هذا المصير هو الذي ينتظركم.
وأما والد المعتقل ناصر الزفزافي، فقال في تصريحات صحافية إنه لم يكن يأمل الكثير من المحكمة، وكان يتوقع الإبقاء على نفس الأحكام الصادرة في حق ابنه وباقي النشطاء المسجونين، مضيفا أن والدة ناصر وباقي العائلات كانت لديها فسحة من الأمل تم القضاء عليها الآن بهذه الأحكام الجازمة.
وعلق حسن بناجح، القيادي في جماعة "العدل والإحسان" المعارضة، في تدوينة على "فيسبوك" بقوله إن هذه الأحكام القضائية في حق نشطاء الريف هي أحكام مجنونة تضاف إلى ما سماه "سجل المظالم"، مردفًا أن الوصف المناسب لها هو "منظومة الانتقام"، وفق تعبيره.
ويبقى أمام معتقلي الريف الذين صدرت ضدهم هذه الأحكام بعشرات السنوات من السجن طريقان، الأول يمكن سلكه فورًا باللجوء إلى مرحلة النقض والإبرام، لكنه سيناريو قد لا يتحقق بالنظر إلى اقتناع المعتقلين بعدم جدوى هذا التقاضي، في الوقت الذي قد يبرز فيه سيناريو ثانٍ يتمناه الكثيرون، هو إصدار قرار بالعفو عن المعتقلين لطي هذه الصفحة نهائيا.