عمّ الغضب الدنمارك، اليوم السبت، جراء تعرّض المقبرة الإسلامية في ضاحية برونبي بالعاصمة كوبنهاغن، لعملية تخريب وتدنيس واسعة أدت إلى تحطيم 50 قبراً وانتزاع الأزهار الموضوعة على القبور ونثرها بعيداً.
ولم يتوقف الغضب عند المواطنين العاديين، ومنهم مسلمون لديهم أقارب مدفونون في تلك المقبرة، بل شمل معظم الأحزاب السياسية من كل الاتجاهات، بما فيها حزب الشعب اليميني المتشدد، حيث أجمعت تلك الأحزاب على رفض ذلك العمل مهما كان مصدره.
وعبّر رئيس بلدية برونبي، إيب تيرب، من الحزب الاشتراكي الحاكم، فور سماعه بوقوع الحادث، عن شجبه وإدانته له.
وبين ما أشعل غضب سياسيين من اليسار ويسار الوسط، كان ذهاب الشرطة الدنماركية إلى اعتبار الاعتداء "مجرد عمل صبياني غير موجّه للبيئة الإسلامية"، وذلك بدون إجراء تحقيقات أو توقيف أي مشتبه، وهو ما عدّه كثيرون "مجرد استسهال للاعتداء على المسلمين".
وفي رد على تعليق المتحدث باسم الشرطة، كتبت البرلمانية زينا ستامبا، من حزب راديكال (يسار وسط): من غير المفهوم كيف تقفز الشرطة إلى مثل هذه النتيجة وتقول، بعد ساعات على وقوع التخريب، إنه مجرد عمل صبياني وغير مرتبط بتخريب سياسي. اليوم كلنا كدنماركيين مسلمين.
وأضافت ستامبا: "المسلمون الدنماركيون يعيشون حالة الإسلاموفوبيا بشكل حقيقي، بينما يتم تجاهل مخاوفهم وما يتعرضون له".
اقرأ أيضاً:مسجد ومركز إسلامي في كوبنهاغن رغم الإسلاموفوبيا
وذهب حزب الشعب الدنماركي اليميني المتشدد إلى اعتبار الحادثة غير مقبولة ومرفوضة، حيث لا يجوز التعرّض لأي شخص من أية ديانة، سواءٌ أكان مسلماً أم مسيحياً أم يهودياً.
وعلى المنوال ذاته، ذهبت أحزاب يمين الوسط في شجب الاعتداء، بعد حملة تجييش مستمرة منذ فترة وصلت حد التحريض عبر ملصقات انتخابية وحملات دعائية تساوي بين النازية والإسلام.
وعبّر بعض الشباب المسلمين عن خشيتهم قبل فترة من أن تؤدي تلك الحملات إلى مزيد من الكراهية والجرأة في الاعتداء على المسلمين، وقال محمود سلطان، اليوم، وهو من جمعية شباب مسلمين: إن البصق على المحجبات والاعتداء على أشخاص يضعون غطاء رأس، وإن كانوا حتى من الهنود، باتا أمراً مألوفاً، وللأسف الشرطة تقول دوماً إنها أعمال صبيانية.
من جهته، عبّر حزب اللائحة الموحدة اليساري، على لسان رئيسة كتلته البرلمانية، يوهنا شميت نيلسن، بالقول: إنه لأمر جيد أن يعلم الجُناة أن في الدنمارك قلّة ممّن يحاولون وسم مجتمعنا بالكراهية. علينا جميعاً أن نتحد ونقف ضد التطرف والتعصب الديني.
وقالت البرلمانية أوزليم سارة تتشكيك، وهي من أصول تركية (عن حزب الشعب الاشتراكي، ومرشحته للانتخابات المقبلة): أستغرب كيف أن الشرطة تقول إنه عمل صبياني وليس له خلفية سياسية أو كراهية تجاه المسلمين.
ونقلت وسائل الإعلام بشكل مكثف حادثة الاعتداء على المقبرة الإسلامية وكيفية ذهاب أهالي المدفونين هناك لإعادة تنظيف القبور ووضع شواهد القبور المتبقية بمكانها ومحاولة لصقها بعد أن جرى تهشيمها.
وبالفعل يخشى كثير من المراقبين أن تزداد عمليات الكراهية ضد مسلمي الدنمارك بعد أن جرى استغلال هجوم كوبنهاغن، في شهر فبراير/ شباط الماضي، للتحريض، وخصوصاً مع تصاعد وتيرة الخطاب السياسي اليميني بحق المسلمين قبيل الانتخابات البرلمانية هذا الشهر.
ويقول أحد أئمة المساجد في مدينة آرهوس: "لو أن هذه الحادثة حصل ربعها بحق غير المسلمين لكنا شاهدنا حملة ضخمة تذكّرنا بحملة كلنا تشارلي. أخشى بالفعل أن تكون هذه اللامبالاة من الشرطة مقدمة لانفلات السيطرة على الشباب بعد تزايد أعمال الكراهية بحق المسلمات والبصق عليهن والاعتداء على مقابرنا".
ويناشد إمام المسجد (الذي فضّل عدم ذكر اسمه)، بتدخل حقيقي للعقلاء "حتى لا تنفلت الأمور، والمطلوب من القضاء أن يقول كلمته لا أن تقول الشرطة كلمتها وكأنها هي القاضي، وهو ما يعاكس تماماً دورها في كل القضايا السابقة التي خصّت غيرنا".