نشرت صحيفة "لوسوار" البلجيكية، اليوم الخميس، مقالًا عن تطورات العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وكشفت أنها لم تعد سرًّا. وتحت عنوان "باسم هذا المبدأ الانتهازي: أعداء أعدائي أصدقائي"، كتبت الصحيفة أن البلدين على وشك أن يجعلا الهاجس الإيراني، وبشكل مفتوح، قضية مشتركة.
وتكتب الصحيفة أن الاتصالات التي كانت إلى حد الساعة سرية، بين البلدين، وخلال سنوات عديدة، لم تكن، في حقيقة الأمر، خافية على أحد. ولكن الإسرائيليين قرروا أن يذهبوا أبعد من السعوديين، ويتحدثوا عنها، حتى لو وضعوا السعوديين في وضع غير مريح.
ففي 19 نوفمبر/تشرين الثاني خرج وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، من لغته الخشبية، أثناء حوار مع "إذاعة الجيش"، وصرّح: "لدينا اتصالات، هي في قسم منها سرية، مع كثير من البلدان الإسلامية والعربية، ونحن، كما العادة، الطرف الذي لا يحس بالخجل منها. الأطراف الأخرى هي التي تريد أن تحافظ على سرية الاتصالات. وبالنسبة لنا فليس ثمة مشكلة في تطور العلاقات مع المملكة العربية السعودية أو مع دول أخرى. وهي كثيرة، ولكننا ندعها سرية".
وتشير الصحيفة البلجيكية إلى أن هذا التصريح أرغم وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في اليوم التالي، على نفي أي اتصالات سرية مع إسرائيل، مذكّرًا بالشروط العربية، المتمثلة في "دولتين، ومن بينهما دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. وفيما يتعلق بباقي القضايا، فيستطيع الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي إيجاد حلول لها. وإن موقف الدول العربية تمثل دائماً بدعم إخواننا الفلسطينيين، وهذا سيظل الموقف العربي".
ولكن هذا النفي لا يُقنع أحداً، كما تصرّ الصحيفة البلجيكية، فرئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يكرر دائمًا، وكما قال في سبتمبر/أيلول الماضي، حديثه عن وجود اتصالات سرية، بل أيضاً عن وجود "تعاون على مختلف الأصعدة" مع الدول العربية التي لا تعترف بإسرائيل (خلافًا لمصر والأردن).
هذا الدّرع السعودي من النفي يعرف أيضًا عيوبًا وتصدعات متعددة، كما تستعرض الصحيفة، ومن بينها ما حدث سنة 2016، حين تحدثت الصحافة الإسرائيلية عن زيارة غير مسبوقة لإسرائيل للجنرال السعودي المتقاعد، أنور عشقي، والذي التقى نوابًا ومثقفين إسرائيليين للدعاية لمشروع "السلام السعودي".
وترى صحيفة "لوسوار" البلجيكية أن الإسرائيليين يدفعون في اتجاه الكشف العلني عن هذه الاتصالات، لأنهم يقدّرون أن موعدها مناسب، إذ بينما تضاعف إيران من تقدمها في سورية ولبنان وغيرهما، يتقاسم الرئيس الأميركي مع إسرائيل معارضة شرسة تجاه إيران، كما أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعتنق نفس الفوبيا المعادية لإيران، والتي يضعها، كما يفعل نتنياهو، في مستوى "الخطر الوجودي".
لو كان مجانياً!
وترى "لوسوار" أن التواطؤ بين آل سعود وإسرائيل وصل إلى مستوى من التطور دفع بصحيفة إلكترونية سعودية، هي "إيلاف"، التي عادة ما تُستَخدم في إعطاء الإشارات المشتركة بين السعودية وإسرائيل، إلى نشر لقاء مع قائد الجيش الإسرائيلي، غادي أيزنكوت، يؤكد فيه اشتراكه في اجتماع ضمه مع مسؤول عسكري سعودي. ويعترف العسكري الإسرائيلي أنه أنصت، باهتمام، للمسؤول السعودي، وأن بلديهما يتقاسمان نفس الموقف فيما يخص إيران، وضرورة مواجهتها حتى تضع حدًا لمشروعها التوسعي في المنطقة.
وتتساءل الصحيفة البلجيكية: وماذا لو أن هذا التحالف يوجد، أصلًا، على الأقل في أذهان المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين والسعوديين والإماراتيين؟ لأن دول الخليج، كما تقول صحيفة "لوسوار"، "تأمل، دون شك، في رؤية إسرائيل تهاجم حزب الله، من أجل وقف طموحات إيران". ولكن الإسرائيليين، كما تكتب لوسوار: "يحلّلون، بحذر، السيناريوهات الممكنة لحربٍ محفوفةٍ بالمخاطر".
وتنهي الصحيفة تحليلها للغزل السعودي الإسرائيلي، بالقول: "لا يزال أمام هذا الغزل الإسرائيلي السعودي، مشكلة ضخمة، تتمثل في أن القيادة السعودية الراغبة في طمأنة الرأي العام السعودي، تأمل أن تتقدم إسرائيل نحو السلام مع الفلسطينيين. ولكن إسرائيل التي يديرها تحالف يميل نحو اليمين المتطرف، لا تعبأ بالطلب السعودي".
ذلك ما يدفع محلل صحيفة "هآرتس"، تسفي يرئيل، الذي تستشهد به الصحيفة البلجيكية، إلى القول: "التحالف مع المملكة العربية السعودية أو مع دول عربية أخرى؟ فقط، لو كان الأمر مجانياً"، ويضيف: "إسرائيل تأمل أن يساهم العدو المشترك، إيران، في جعل العرب ينسون هذا الاشمئزاز العميق الذي يسمى مسار السلام". وهي أمنية، ربما، ليست باطلة، كما تختم الصحيفة.