وذكرت "يسرائيل هيوم"، أوسع الصحف الإسرائيلية انتشاراً، في تقريرها، أن هذه الصفقة تم التوصل إليها في أعقاب مطالبة الملك عبد الله الثاني إسرائيل التدخل لدى إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإقناعها بعدم الإسهام في تمكين السعودية من انتزاع الإشراف على الأماكن المقدسة.
وأشارت الصحيفة، المقربة من ديوان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى أن الملك الأردني توجه أولاً لإسرائيل وطلب منها احترام تعهداتها في اتفاق "وادي عربة"، الذي التزمت فيه بمنح الأردن الحق الحصري في الإشراف على الأماكن المقدسة، مشيرة إلى أن الرد الإسرائيلي لم يقنع الأردنيين مما جعلهم يطلبون تدخل تل أبيب لدى واشنطن.
وبحسب معد التقرير نداف شرغاي، فإن الرد الأميركي الذي نقله الإسرائيليون للأردن لم يحظ برضا الملك عبد الله، الذي طالب بالحصول على تعهد مكتوب من كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بعدم المس بمكانة الأردن كالطرف المخوّل الإشراف على الأماكن المقدسة.
ولفت شرغاي إلى أن إسرائيل حاولت إقناع ترامب بتقديم تطمينات للملك عبد الله من خلال التأكيد على الدور "الإيجابي" الذي يطلع به نظام الحكم في عمّان والتشديد على أن هذا النظام يمثل "ذخراً إستراتيجياُ" لإسرائيل على الصعيد الإقليمي والأمني، مشيرة إلى أن مظاهر التعاون التي يقدمها الأردن لإسرائيل تسهم أيضاً في خدمة المصالح الأميركية في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، فقد أشارت تل أبيب إلى أن الأردن من خلال دوره في المسجد الأقصى ساعد إسرائيل على مواجهة التحديات التي تعترضها هناك.
وأشارت الصحيفة إلى أن إسرائيل تعي أن نظام الحكم في عمان معني بمواصلة احتكار الإشراف على الأماكن المقدسة على اعتبار أنه من أهم مصادر الشرعية لحكم العائلة المالكة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الملك عبد الله رد على السلوك الأميركي بتحسين علاقات الأردن مع تركيا، وهو ما تم تفسيره على أنه تلويح بإمكانية الخروج من محور "حلفاء الولايات المتحدة المعتدلين"، مبينةً أن مظاهر التقارب الأردني التركي أقنعت كلاً من إسرائيل والولايات المتحدة بتقديم التطمينات المطلوبة لعمان.
وبحسب الصحيفة، فإنه في أعقاب التحول على الموقف الأميركي، عملت السعودية نفسها على تقليص مخاوف عمان والتأكيد على أن هذه المخاوف مبالغ فيها.
وأوضحت الصحيفة أن السعودية تعي أن استقرار نظام الحكم الحالي في الأردن مهم لها بدرجة لا تقل عن أهميته لإسرائيل، على اعتبار أن الأردن يمثل منطقة عازلة تفصل السعودية عن مناطق سورية التي يمكن أن يتسرب منها عناصر الجماعات المتطرفة.
وأوضحت الصحيفة أن الثمن الذي دفعه نظام الحكم في عمان مقابل تطمينه بعدم المس باحتكاره الإشراف على الأماكن المقدسة هو التزامه الصمت على الزيادة الهائلة التي طرأت على عدد المستوطنين اليهود الذين يدنسون المسجد الأقصى.
ويذكر أن نتنياهو سمح، أخيراً، لوزرائه ونواب من الكنيست باقتحام الحرم القدسي، بخلاف الاتفاق الذي توصل إليه نهاية العام 2015 مع الملك عبد الله.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في أعقاب الصفقة الصامتة قرر كل من الأردن والسعودية العمل على مواجهة التدخل التركي في القدس الشرقية والمسجد الأقصى، لافتةً إلى أن كلا من الرياض وعمان توجه إلى إسرائيل وطلب منها التدخل لمنع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من التدخل لتحسين مكانته في العالم الإسلامي من خلال التأثير على الأوضاع في القدس.
وحسب الصحيفة، فقد شرعت إسرائيل بالفعل بالعمل ضد الوجود التركي في القدس الشرقية، مشيرة إلى أن ديوان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي شرع في جمع المعلومات حول هذا التدخل وحركة المال التركي إلى المدينة المقدسة.