وفي تقرير نشرته اليوم الأحد، نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن مصادر رفيعة في كلّ من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية قولها إن الأميركيين يحاولون، بالتعاون مع أنظمة الحكم العربية، دفع "صفقة القرن" من خلال تحييد ملف قطاع غزة، على اعتبار أن ترتيب الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في القطاع سيمثل المرحلة الأولى من مراحل تسويق "الصفقة" أمام الجمهور الفلسطيني، وأمام الرأي العام العربي.
وأشارت المصادر إلى أن المرحلة الأولى من خطة التسوية "الإقليمية"، التي بلورتها إدارة ترامب، تقوم على التوصل إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد بين إسرائيل من جهة وحركات المقاومة العاملة في القطاع من جهة ثانية.
ولفتت المصادر إلى أن المرحلة الثانية من الخطة، التي تحظى بدعم معظم الدول العربية "المعتدلة"، حسب تعبيرها، لا سيما السعودية والأردن ومصر والإمارات، تقوم على الشروع في تنفيذ مشاريع بنى تحتية ضخمة، تهدف إلى إحداث تحول نوعي في الواقع الاقتصادي والإنساني في قطاع غزة.
وذكرت أن الإدارة الأميركية وشركاءها العرب يخططون لمحاولة إملاء الخطة التي يطلق عليها اسم "صفقة القرن" على الفلسطينيين "من وراء ظهر قيادة السلطة"، مشيرة إلى أن إدارة ترامب قررت طرح مشروع التسوية بشكل مباشر على الفلسطينيين، وبدعم من الدول العربية.
ونقل معدّ التقرير، دانيل سيرويتي، وهو معلق الشؤون العربية في الصحيفة، عن دبلوماسي أردني رفيع، قوله إن كلاً من جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب وصهره، ومبعوثه للمنطقة جايسون غرينبلات، قد عرض البنود الرئيسة لـ"صفقة القرن" على كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني، وكبار المسؤولين السعوديين، إذ نجحا بالفعل في تأمين دعم هذه الدول للخطة.
وبحسب المصدر، فإن الأميركيين توصلوا إلى قناعة مفادها بأنه من دون ترتيب الأوضاع السياسية والأمنية في قطاع غزة، وحلّ المشكلة المتمثلة في السيطرة على القطاع الذي يخضع منذ أكثر من عشر سنوات لسيطرة "حماس"، فلن يكون بالإمكان دفع مخطط التسوية الإقليمية قدماً.
وأوضح المصدر أن الخطة الأميركية تتضمّن دراسة مشروع لتدشين ميناء بحري خاص بقطاع غزة على أحد شواطئ قبرص، يتمُّ عبره استيراد وتصدير البضائع للقطاع تحت إشراف نظام رقابة أمني مشدد. ونقلت الصحيفة عن المصدر تحميله عباس المسؤولية عن توجه الإدارة الأميركية لمحاولة وضع ترتيبات سياسية وأمنية واقتصادية في قطاع غزة من دون التشاور معه، بسبب مقاطعته الإدارة الأميركية ومبعوثيها.
وأشارت الصحيفة إلى أن واضعي "صفقة القرن" ينطلقون من افتراض مفاده بأن حصار قطاع غزة لا يمكن أن يتواصل من دون سقف زمني، مشيرة إلى أن إسرائيل والدول العربية ستدفع أثماناً كبيرة نتيجة انهيار الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في القطاع.
وأضافت المصادر أن نظام السيسي يحاول جرّ حركة "حماس" للتعاون مع الخطة، من خلال دعوة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية إلى القاهرة، لإجراء نقاشات مع كبار قادة المؤسسة الأمنية المصرية، الذين يلعبون دوراً في محاولة تهدئة الأوضاع الأمنية في قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مصري كبير قوله إن القاهرة تنطلق من افتراض مفاده أنه في ظلّ سيطرة "حماس" على قطاع غزة، فإن الترتيبات المتعلقة بمستقبل الأوضاع في القطاع لا يمكن التوصل إليها من دون تعاون الحركة، مشيراً إلى أن القاهرة ستحاول إقناع الأخيرة بأهمية التوصل إلى الترتيبات التي تسعى واشنطن إليها.
وأشارت الصحيفة إلى أن حرص الجيش الإسرائيلي على "ضبط النفس" في مواجهة الأضرار الناجمة عن الطائرات والبالونات المشتعلة التي يتمّ إرسالها من قطاع غزة مرتبط بتوجه تل أبيب لمحاولة إنجاح الجهود الأميركية. وبحسب الصحيفة، فإن تمويل تنفيذ الخطة سيقع على كاهل الدول العربية والمجتمع الدولي.
ونقلت الصحيفة أخيراً عن مصدر كبير في "السلطة الفلسطينية" اعتباره أن فرص نجاح الإدارة الأميركية والدول العربية في إقناع "حماس" وحركات المقاومة الأخرى في قطاع غزة بنزع سلاحها ستؤول إلى الصفر.