وفي تقرير مطول أعده معلقها ميخائيل ولنر، قالت "جيروسلم بوست" إن المخاطر الأمنية وهوية الأعداء الذين يواجهون كلا من سيول وتل أبيب تفرض عليهما "التعاون الوثيق"، مشيرة إلى أنهما بإمكانهما الاستفادة من "الخبرات المتراكمة" لدى كل طرف في مواجهة التهديد المشترك المتمثل في الأنفاق، مشيرة إلى أن كوريا الجنوبية واجهت خطر الأنفاق التي حفرتها كوريا الشمالية منذ سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وحسب الصحيفة، فإن الكوريين الجنوبيين بإمكانهم الاستفادة من الخبرات التقنية التي طورتها تل أبيب مؤخرا لمواجهة شبكة الأنفاق الهجومية التي حفرتها حركة "حماس"، والتي تهدف إلى التسلل للعمق الإسرائيلي والالتفاف على الجيش الإسرائيلي من الخلف.
وأشارت إلى أن الأنفاق التي حفرتها كوريا الشمالية كانت على عمق 240 مترا تحت الأرض، منوهة إلى أنها كانت مخصصة لتمكين جيشها لغزو جارتها الجنوبية.
وعلى الرغم من أن "جيروسلم بوست" تشير إلى تراجع خطر الأنفاق في نظر صناع القرار في سيول، بسبب بروز مخاطر أكثر جدية، مثل امتلاك كوريا الشمالية قدرات نووية وبيولوجية وكيماوية، ناهيك عن توظيفها الحرب الإلكترونية، إلا أنها تحذر من أن تعرض كوريا الجنوبية للغزو لن يتم إلا عبر الأنفاق.
وحسب الصحيفة، فإن هناك العديد من مظاهر التعاون في المجال الدفاعي، مشيرة إلى أن كوريا الجنوبية اشترت في العام 2012 منظومة رادار "Green Pine"، مبرزة أن الجانبين اتفقا على أن تتزود سيول بمنظمة الدفاع الجوي "القبة الحديدية" مقابل حصول تل أبيب على طائرات حربية تنتجها كوريا الجنوبية.
وأشار تقرير ميخائيل ولنر إلى أن الصفقة الثانية تم التراجع عنها بسبب عدول إسرائيل عن شراء الطائرات الكورية، وكشف عن أن الجنرال عوزي روبين، المسؤول عن تطوير أكثر منظومات الدفاع الجوية شهرة التي تنتجها شركة الدفاعات الجوية الإسرائيلية، يزور سيول في السنوات الأخيرة بشكل دائم للاطلاع على الاحتياجات الكورية في مجال منظومات الدفاع الجوية.
واستدرك التقرير بأن "كوريا الجنوبية ما زالت تفضل ما تنتجه الصناعات العسكرية الأميركية، بفعل طابع العلاقة التي تربطها مع واشنطن".
ونقلت الصحيفة عن ساتورو مياموتو، المحاضر في جامعة "سايغون" في سيول، قوله إن النظام التي تتبعه كوريا الجنوبية في التبادل التجاري يقلص رغبتها في التزود بالمنظومات الدفاعية الإسرائيلية، على اعتبار أن سيول تتبع نظام "سلعة مقابل سلعة"، وليس الدفع نقدا مقابل ما تستورده من الخارج.
وحسب التقرير، فإن تواضع العلاقات الاستخبارية والدفاعية بين سيول وتل أبيب في الوقت الحالي يرجع بشكل أساس إلى حقيقة "اعتماد كل منهما على تعاون الولايات المتحدة، مما يقلص الحاجة إلى التعاون الثنائي بينهما".
وينقل التقرير عن كانتورا سوزويكي، المحاضر في الجامعات الأميركية واليابانية، قوله إنه "نظرا لأن التقدير السائد في كوريا الجنوبية بأن كوريا الشمالية لا يمكنها أن تقدم على تدميرها، فإن حماسها للتزود بالتقنيات الإسرائيلية محدود". وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة خارجية كوريا الجنوبية، كينغ كنغ، لا تبدي حماسا لتعزيز العلاقة مع إسرائيل، بسبب تجربتها السابقة كمفوضة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حيث كانت توجه الكثير من الانتقادات لإسرائيل.
وأشار إلى أن هناك العديد من القواسم المشتركة التي تربط كوريا الجنوبية وإسرائيل، حيث أنهما تعدان "أمتين فتيتين"، نشأتا نتيجة حرب، ويعتمد النمو الاقتصادي في كل منهما بشكل أساس على التطور في مجال التقنيات المتقدمة، وتتعرضان لتهديدات مباشرة ومخاطر اندلاع حرب في أية لحظة. ولفت إلى أن ما يحفز التعاون أكثر بين سيول وتل أبيب أن "عدو كل منهما كوريا الشمالية وإيران تتعاونان بشكل وثيق".
وأعادت الصحيفة للأذهان تراث العلاقات الخاصة التي جمعت تاريخيا كوريا الشمالية مع أعداء إسرائيل، سيما إقدام بيونغ يانغ على تزويد الجزائر بأسلحة متطورة، وقيام طيارين كوريين شماليين بقيادة طائرات مصرية في حرب 1973، ومشاركتهم في قصف المواقع الإسرائيلية. ولفتت الأنظار إلى العلاقات التي ربطت كوريا الشمالية بكل من بنظام صدام حسين وإيران بعد ذلك.
وزعم التقرير أن إيران تزود المليشيات التابعة لها في سورية بسلاح تشتريه من كوريا الشمالية. وحسب الصحيفة فقد قتل العشرات من الفنيين الكوريين الشماليين في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت المنشأة البحثية النووية السورية في 2007.