صحة عبّاس تثير مجدداً مسألة خلافته على رأس السلطة الفلسطينية

22 مارس 2018
يحتاج عباس إلى دواء واهتمام طبي مكثف (تييري موناسيه/Getty)
+ الخط -


أثارت سلسلة من المخاوف الصحية الأخيرة، هواجس جديدة بشأن الرئيس الفلسطيني الثمانيني محمود عباس، ما أدى الى إحياء القلق حول معركة خلافة محتملة، بل وربما دموية، من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف القضية الفلسطينية أكثر.

وفي أحدث الدلائل على مشاكل عباس الصحية، قال مسؤولون ومصادر طبية، بحسب ما نقلت عنهم وكالة "أسوشيتد برس"، إن طبيب قلب انتقل إلى المجمع الرئاسي في رام الله، لرصد حال عباس.

وتأتي هذه الخطوة في أعقاب زيارة غامضة لمستشفى في الولايات المتحدة، بعدما بدا عباس ضعيفاً في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي.

ويُصّر عباس، المدخن الشره الذي يعاني من مشاكل في القلب منذ فترة طويلة، ويبلغ من العمر 83 عاماً الأسبوع المقبل، على أنه بخير، لكن بعد أكثر من عقد على تجنب مناقشة فترة ما بعد عباس، يُقّر المسؤولون الفلسطينيون بأنهم قلقون، وأن خلفاءه المحتملين يتنافسون بهدوء على المنصب.

وكان موضوع خلافة عباس من المحرمات في الدوائر الرسمية الفلسطينية منذ تسلمه السلطة قبل 14 عاماً. وعُيّن عباس رئيساً انتقالياً في أعقاب وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات عام 2004، وتمّ انتخابه في العام التالي، لما كان من المفترض أن تكون ولاية من خمس سنوات. وأحكم عباس سيطرة حازمة منذ ذلك الحين، رافضاً تسمية خليفة له، وحال الانشقاق السياسي مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" دون إجراء انتخابات جديدة.

تاريخ من المشاكل الصحية

ولعباس تاريخ طويل في القضايا الصحية، بدءاً من مشاكل قلبه، إلى نوبة سرطان البروستات قبل عقد من الزمن. والصيف الماضي، خضع الرئيس الفلسطيني لفحص صحي في مستشفى في رام الله، وسرت شائعات حينها بأنه أصيب بسكتة دماغية. وكان عباس قبل عامين خضع لجراحة طارئة في القلب، بعدما عانى من الإعياء وآلام في الصدر. كما يعاني من ترسب في الشريان الأبهر، وزرعت له دعامات.



وتعمَّق القلق بعد ظهور عباس في العشرين من فبراير/شباط الماضي أمام مجلس الأمن الدولي، إذ بدا عليه وكأنه يكافح من أجل أن يتنفس في بعض الأحيان. وبعد الخطاب الذي ألقاه أمام "المجلس"، توجه عباس إلى بالتيمور لإجراء سلسلة من الفحوص في مستشفى "جونز هوبكنز".

ولشعوره بالإرهاق، قرر العودة إلى الضفة الغربية دون أن يكمل رحلته إلى فنزويلا كما هو مخطط، طبقاً لمساعدي عباس الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، بحسب ما قالت "أسوشيتد برس"، كونهم يخضعون لأوامر صارمة بعدم مناقشة حال الرئيس الصحية. وكان من النادر أن يلغي عباس رحلة مقررة.

وقال الرئيس الفلسطيني عقب عودته، إن الفحوص الطبية التي أجريت له أسفرت عن نتائج "إيجابية ومطمئنة"، لكنه لم يأت على ذكر تفاصيل.

وقال مسؤول فلسطيني ومصدران طبيان للوكالة إن هناك أخصائياً في أمراض القلب متواجد الآن في المجمع الرئاسي برفقة عباس، كما يزور طبيب عباس الخاص المجمع يومياً. وقال أحدهما إن الرئيس الفلسطيني يحتاج إلى دواء واهتمام طبي مكثف.

وقال مساعدون إن عباس يشكو من آلام شديدة بالمعدة، وأخبر موظفيه بأن ذلك ناتج عن التوتر والغضب، وناشده طبيبان بتجنب ذلك، لافتين إلى أن الشائعات التي تتحدث عن إصابته بالسرطان غير صحيحة.

وتأتي المخاوف بشأن صحة محمود عباس في وقت صعب للغاية، خصوصاً بعد توتر العلاقات مع الولايات المتحدة في أعقاب اعتراف الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول الماضي بالقدس "عاصمة" لإسرائيل.

ووصل إحباط عباس إلى الذروة خلال كلمة ألقاها يوم الإثنين الماضي وصف فيها سفير ترامب في إسرائيل ديفيد فريدمان بـ"ابن الكلب"، وذلك لدعمه حركة مستوطنين بالضفة الغربية.

وفيما تواجه حكومة عباس مشكلات مالية مزمنة، ارتفعت وتيرة التوتر بين رام الله وغزة، بعد اتهام عباس لحركة "حماس" الأسبوع الماضي بالوقوف وراء محاولة التفجير الذي كان يستهدف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أثناء زيارته لغزة.

خلفاء محتملون

وخلص استطلاع للرأي صدر هذا الأسبوع إلى أن 68 في المائة من الجمهور الفلسطيني يدعم استقالة عباس، وأن 33 في المائة فقط ممن شملهم الإستطلاع قالوا إنهم راضون عن أدائه.

ويتصدر عدد من كبار المسؤولين في حركة "فتح" التي يرأسها عباس قائمة خلفاء الرئيس المحتملين، من بينهم جبريل الرجوب، القائد الأمني السابق، ومحمود العالول، القيادي المخضرم في "فتح"، وكلاهما عضوان في "اللجنة المركزية"، المعنية باتخاذ القرار في الحركة.

كما يعد قائد الأمن الحالي، ماجد فرج، منافساً قوياً آخر، إذ يتمتع بعلاقات عمل جيدة من خلف الكواليس مع إسرائيل والولايات المتحدة، فيما يتصدر مروان البرغوثي، القائد السابق للانتفاضة الفلسطينية الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في السجن الإسرائيلي، استطلاعات الرأي العام.

أما القيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان، والذي يعيش حالياً في الإمارات، فتعارضه القيادة المحلية.

وحتى الآن، يرفض عباس تعيين خليفة له، وهو الأمر الذي يمكن أن يمهد الطريق لصراع داخلي مرير، وربما عنيف، بحسب "أسوشيتد برس".

ويقول محللون إنه "أياً كان الشخص الذي سوف يظهر في نهاية المطاف ليصبح رئيساً مستقبلياً للفلسطينيين، فلن يكون لديه سوى القليل من الإرث".


(أسوشييتد برس)