التزمت السلطات في المملكة العربية السعودية الصمت تجاه تقرير نشرته صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية، كشفت فيه عن زيارة سياحية قام بها صحافي إسرائيلي مؤخرًا إلى المملكة.
وقال الصحافي شلومي زيانتس، الذي نشر تفاصيل زيارته في تقرير مطوّل بالصحيفة المذكورة، إنه قابل الشرطة الدينية في جدة، وزار مدينة المستقبل، وفندق "ريتز كارلتون" الفاخر، حيث سجن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أغنى أغنياء المملكة من الأمراء ورجال الأعمال.
ويقول الصحافي المنتمي إلى "الحريديم"، وهم اليهود الأرثوذكس المتطرّفون عقائديًا، إنه طاف في جميع أنحاء "المملكة السنية"، مخبئاً القلنسوة اليهودية تحت ملابس سعودية ارتداها أثناء تجوله بالمملكة.
وقال الصحافي في تقريره: "إذا كان هناك مكان اعتقدت أنني لن أزوره، فهو المملكة العربية السعودية. لكن عندما صادفت مقالاً عن احتمال إصدار تأشيرات دخول إلى الدولة السنية المسلمة، درست الموضوع على الفور".
وأضاف: "فهمت أنه في محاولة لجذب السياح، أنشأت الحكومة السعودية كيانًا يدعى الهيئة العامة للرياضة لتنظيم الأحداث التي تجتذب الزوار إلى البلاد. والحدث الأول كان سباق الجائزة الكبرى للفورمولا، الذي أقيم يوم 15 ديسمبر/ كانون الأول في منطقة قديمة شمال غرب الرياض".
ويتابع: "يحق للسياح الذين أعربوا عن اهتمامهم بالحدث الحصول على تأشيرة دخول عبر الإنترنت، دون الحاجة إلى زيارة القنصلية أو السفارة. وتم إصدار التأشيرة لمدة 30 يومًا، وكان القيد الوحيد هو زيارة المدن الإسلامية المقدسة؛ مكة والمدينة، والتي كانت مغلقة لغير المسلمين. وتم إصدار التأشيرات مع تذكرة للسباق فقط".
ويقول الصحافي المذكور: "في الوقت الذي قرأت فيه عن فتح باب التأشيرات، بدأت القصة المرعبة حول مصير الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي اختفى في القنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا، تدور في خاطري، ثم اتضح أنه قُتل هناك. كان لدي انطباع بأن المملكة العربية السعودية كانت تتغير نحو الأفضل، لكن هذه الحادثة المزعجة جعلتني أعتقد أنني كنت مخطئًا. طمأنني حاخامي الحاخام فرانكفورتر: "إنهم لا يحتاجون إلى فضيحة علاقات عامة أخرى، صدقني، سوف يتصرفون بشكل جيد'".
ويضيف: "أحد الأشياء التي أزعجتني بشأن الرحلة هو أنني لم أجد معلومات واضحة عن إمكانية دخول اليهود إلى المملكة العربية السعودية. ففي الماضي، تم رفض الأشخاص الذين وضعوا إشارة "يهودي" في طلب التأشيرة على الفور. والنماذج التي قمت بملئها احتوت فقط على إشارة "غير مسلم"، لذلك لم أكن أعرف ما الذي كان ينتظرني. كنت خائفًا من مصادرة شال الصلاة والتيفيلين (صندوقان من الجلد الأسود يستخدمان للصلاة عند اليهود)، ونصحني مستشار الشؤون الجيوسياسية بإرسال رسالة بريد إلكتروني وسؤالهم".
ويتابع زيانتس: "تلقيت استجابة للطلب الأول، الذي ذكر أنني مرحب بي في البلد (مع توصية للإسراع بحجز تذكرة السباق المقبل). ومن ناحية ثانية، فإنه في ما يتعلق بشال الصلاة والتيفيلين، تلقيت إجابة: "لسنا سلطة جمارك، فنحن نتعامل فقط مع التأشيرات".
ويتابع الصحافي الإسرائيلي سرد تفاصيل رحلته قائلاً إنه "قبل يومين من الرحلة، اشتريت ملابس عربية تقليدية من السوق الأرمينية في القدس، لاستخدامها في المملكة. وفي مكتب الخطوط السعودية في إسطنبول، حيث سافرت من إسرائيل، حجزت رحلة إلى الرياض، وفحص ممثل شركة الطيران جواز سفري بعناية، واتصل بالشخص المسؤول عنه. وسألني: "هل أنت أصلاً من إسرائيل؟ فأجبت لا، أنا من الولايات المتحدة، وتابع: 'بروكلين، نيويورك'، قلت نعم. وقال بصعوبة 'أوه، بروكلين'، وهو ينظر عن كثب إلى جواز سفري مرة أخرى. ويبدو أنه شعر بعدم الارتياح لاسمي اليهودي التوراتي. ثم سألني بابتسامة: "يا يوسف، أنت يوسف؟ هل تطير لمشاهدة حدث الفورمولا إي؟ عندما قلت نعم، تمنى لي رحلة سعيدة".
ويضيف الصحافي الإسرائيلي: "وضعت التيفيلين في إحدى الحقائب، ثم طُلب مني وضعها في الماسح الضوئي. مرت الحقائب دون مشاكل باستثناء الحقيبة الأخيرة، التي فيها تيفيلين الصلاة، والتي لفتت انتباه جهاز التحكم. طلبت مني المرأة، التي كانت ترتدي العباءة، أن أفتح الحقيبة. كانت لغتها الإنكليزية جيدة".
ويقول إنه حين شكّت موظّفة الأمن في المطار بالأدوات التي كان يحملها الصحافي: التيفيلين، وقلم الحبر والأشرطة والصناديق المخصصة له، سألته "ما هذا"، فأجاب: "أنا يهودي وهذه إكسسوارات يهودية دينية"، فطلبت منه أن يريها طريقة استخدامها في صلاته، ثمّ قالت "أحتاج إلى الاتصال بالمشرف لفحصها".
ويتابع: "في هذه المرحلة بدأت أشعر بالقلق قليلاً... يبدو أن المرأة شعرت بعدم الراحة، نظرت إليّ في عيني وقالت: "ليس لديك ما تقلق منه، فأنت لست في ورطة، كل شيء سيكون على ما يرام. وخلف حجابها، شعرت بابتسامتها. جمعت حقائبي وتمنت لي المرأة إقامة سعيدة في البلد".
ويختتم الصحافي الإسرائيلي تقريره قائلاً: "لقد تعلمت الكثير من المملكة العربية السعودية. أولاً، الناس ودودون للغاية، ولم أشعر بالتهديد للحظة. السعوديون مهووسون أيضًا بسمعتهم، وسألني كل شخص قابلته تقريبًا كيف تم تصوير بلده في وسائل الإعلام العالمية. السكان المحليون متعلمون جداً وجزء كبير منهم يتكلم اللغة الإنكليزية بطلاقة".