منذ اندلاع الثورة السورية، لم يعر النظام السوري أي أهمية لما قد تخلِّفِ عمليَّاته العسكريَّة من دمار في المدن التي تشتدُّ فيها الاشتباكات. فالنظام الذي أسقط براميله المتفجرة على شعبه الأعزل، لم يعر أي اهتمامٍ بإرث سورية الثقافي والحضاري. بل على العكس تماماً، حاول أن يمحي الهوية الثقافية لبعض المدن المسجّلة على لائحة التراث العالمي.
وشهدت حلب النصيب الأكبر من الدمار. وفي كلّ يوم، كانت المدينة تفقد جزءاً من تاريخها. المدينة التي توالت عليها الحضارات منذ أربعة آلاف عام، وتحتوي على ما يزيد عن 150 معلما حضاريا، واصل النظام وحلفاؤه قصفها لسنوات، مبرراً ذلك بأن الحرب تحتاج إلى تضحية، ونسب ذلك الدمار للإرهاب، دون أن يأبه لأن يكون المستقبل بلا ذاكرة، بل عمد لتشويه الذاكرة عندما اتخذ قلعة حلب الأثريّة كموقع عسكري له، ومنبراً لتنطلق منه نيران القذائف.
وتسبب ذلك بدمار معالم مهمة في حلب، كالجامع الأموي، والحمامات الشعبية، والبيوت، والأسواق القديمة. وشمل الدمار أيضاً المشاغل التي تعنى بالصناعات التقليدية والتراثية التي تشتهر بها حلب، كالمصابن، وهي مصانع تقليدية قديمة، تُعنَى بصناعة صابون الغار أو الصابون الحلبي.
ويُعتبَر الصابون الحلبي من أجود أنواع الصابون في العالم. ويعود ذلك لكونه مُكوَّناً من مكونات طبيعة، كما أنَّ للصابون قيمةً ثقافية، فالحلبيون حافظوا على الطريقة التقليدية التي يتمُّ فيها تصنيع الصابون. وتمكنوا، رغم ما مروا به من حروب طويلة عبر تاريخهم، أن يحموا هذه الصناعة التراثية لآلاف السنين.
فالصابون الحلبي يتعدّى كونه مُنتجاً تصدره حلب للعالم، وإنما هو جزء عريق من تراث المنطقة، وتفصيلٌ مهمٌّ من تاريخها. فتصميمه البسيط ذو اللون الأخضر، والذي يحمل شعار قلعة حلب، وكذلك رائحته الطيبة، مرتبطة بالمدينة بشكل وثيق.
ولكن التجار السوريون الذين توارثوا تقاليد هذه الصناعة، حاولوا أن يحموا التراث اللامادي الذي كاد النظام أن يمحيه. إذ قام، حسن الحرستاني، وهو واحد من التجار الذين قُصِفَت معاملهم في حلب، بنقل تقاليد صناعة الصابون وحرفتها معه، ولم يتخلّ عن حرفته.
وحال الحرستاني، كحال باقي السوريين الذين لجؤوا إلى أوروبا هرباً من ويلات الحرب، إلا أنَّه، على عكس بعض اللاجئين، لم يحاول أن يتجرَّد من هويَّته وتراثه، التي قد لا يتقبلها المجتمع المضيف. بل سعى للمحافظة على تراثه ومهنته، وافتتح بمساعدة صديقه الفرنسي – السوري، سمير قنسطنطيني، معملاً لإنتاج الصابون الحلبي في فرنسا، في إحدى ضواحي العاصمة باريس.
وينتجُ المعملُ اليوم صابوناً حلبيّاً، بذات الموصفات التقليدية للصابون الحلبي، ويحمل اسم "حلب" كعلامة تجارية، لتحيا المدينة التي تفوح رائحة الموت منها في عاصمة أخرى، ولتنبض باريس بحسّ شرقي، وبرائحة حلبية.
ويبدو الحرستاني واعياً لأهميّة منتجات معمله ثقافياً، فهو صرح، بحسب وكالة "رويترز": "حلب قصفت، والناس هناك فروا إلى الشارع، ولم يعد لديهم منازل، وصناعة الصابون هي وسيلة نواصل من خلالها تخليد تقاليدنا".
ويتميّز الصابون الحلبي بجودته ورائحته الفوّاحة وفوائده الطبيّة على البشرة والشعر، كما ينصح به بشدّة للبشرة في حالات حب الشباب والبثور.
اقــرأ أيضاً
وشهدت حلب النصيب الأكبر من الدمار. وفي كلّ يوم، كانت المدينة تفقد جزءاً من تاريخها. المدينة التي توالت عليها الحضارات منذ أربعة آلاف عام، وتحتوي على ما يزيد عن 150 معلما حضاريا، واصل النظام وحلفاؤه قصفها لسنوات، مبرراً ذلك بأن الحرب تحتاج إلى تضحية، ونسب ذلك الدمار للإرهاب، دون أن يأبه لأن يكون المستقبل بلا ذاكرة، بل عمد لتشويه الذاكرة عندما اتخذ قلعة حلب الأثريّة كموقع عسكري له، ومنبراً لتنطلق منه نيران القذائف.
وتسبب ذلك بدمار معالم مهمة في حلب، كالجامع الأموي، والحمامات الشعبية، والبيوت، والأسواق القديمة. وشمل الدمار أيضاً المشاغل التي تعنى بالصناعات التقليدية والتراثية التي تشتهر بها حلب، كالمصابن، وهي مصانع تقليدية قديمة، تُعنَى بصناعة صابون الغار أو الصابون الحلبي.
ويُعتبَر الصابون الحلبي من أجود أنواع الصابون في العالم. ويعود ذلك لكونه مُكوَّناً من مكونات طبيعة، كما أنَّ للصابون قيمةً ثقافية، فالحلبيون حافظوا على الطريقة التقليدية التي يتمُّ فيها تصنيع الصابون. وتمكنوا، رغم ما مروا به من حروب طويلة عبر تاريخهم، أن يحموا هذه الصناعة التراثية لآلاف السنين.
فالصابون الحلبي يتعدّى كونه مُنتجاً تصدره حلب للعالم، وإنما هو جزء عريق من تراث المنطقة، وتفصيلٌ مهمٌّ من تاريخها. فتصميمه البسيط ذو اللون الأخضر، والذي يحمل شعار قلعة حلب، وكذلك رائحته الطيبة، مرتبطة بالمدينة بشكل وثيق.
ولكن التجار السوريون الذين توارثوا تقاليد هذه الصناعة، حاولوا أن يحموا التراث اللامادي الذي كاد النظام أن يمحيه. إذ قام، حسن الحرستاني، وهو واحد من التجار الذين قُصِفَت معاملهم في حلب، بنقل تقاليد صناعة الصابون وحرفتها معه، ولم يتخلّ عن حرفته.
وحال الحرستاني، كحال باقي السوريين الذين لجؤوا إلى أوروبا هرباً من ويلات الحرب، إلا أنَّه، على عكس بعض اللاجئين، لم يحاول أن يتجرَّد من هويَّته وتراثه، التي قد لا يتقبلها المجتمع المضيف. بل سعى للمحافظة على تراثه ومهنته، وافتتح بمساعدة صديقه الفرنسي – السوري، سمير قنسطنطيني، معملاً لإنتاج الصابون الحلبي في فرنسا، في إحدى ضواحي العاصمة باريس.
وينتجُ المعملُ اليوم صابوناً حلبيّاً، بذات الموصفات التقليدية للصابون الحلبي، ويحمل اسم "حلب" كعلامة تجارية، لتحيا المدينة التي تفوح رائحة الموت منها في عاصمة أخرى، ولتنبض باريس بحسّ شرقي، وبرائحة حلبية.
ويبدو الحرستاني واعياً لأهميّة منتجات معمله ثقافياً، فهو صرح، بحسب وكالة "رويترز": "حلب قصفت، والناس هناك فروا إلى الشارع، ولم يعد لديهم منازل، وصناعة الصابون هي وسيلة نواصل من خلالها تخليد تقاليدنا".
ويتميّز الصابون الحلبي بجودته ورائحته الفوّاحة وفوائده الطبيّة على البشرة والشعر، كما ينصح به بشدّة للبشرة في حالات حب الشباب والبثور.