تدفقت حشود كبيرة، اليوم الجمعة، إلى الشوارع الرئيسية والساحات في العاصمة الجزائرية وعدد من الولايات، في إطار مسيرات "يوم الكرامة" الرافضة لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة.
وقد انطلقت بعض المسيرات في العاصمة ومختلف الولايات الجزائرية قبل صلاة الجمعة، بدءاً من ساحة البريد المركزي في الجزائر العاصمة.
وعقب صلاة الجمعة، التحق الآلاف قادمين من ولايات محاذية للعاصمة للمشاركة في المسيرة المليونية عبر وسائل النقل الخاصة، بسبب تعطيل وسائل النقل العمومية للحيلولة دون وصول المتظاهرين الرافضين لترشح بوتفليقة.
وامتلأت الكثير من الشوارع الرئيسية والساحات المركزية عن آخرها بالمتظاهرين، فيما تصدرت النساء المشهد في اليوم العالمي للمرأة، وسط تعزيزات أمنية مشددة عند مداخل العاصمة وخارجها.
كما شهدت الطرقات المؤدية إلى قصر الرئاسة بالمرادية تعزيزات أمنية مشددة، حيث مُنع المتظاهرون من الوصول إليها عبر ساحة أول مايو.
ورفع المتظاهرون في الكثير من الساحات العلم الجزائري مرددين شعار "سلمية سلمية".
واعتبر مشاركون في التظاهرات أن هذه المسيرات "ثورة ثانية للشعب الجزائري" بعد ثورة أول نوفمبر 1954.
وفي السياق، قالت مليكة، وهي طبيبة بمستشفى مصطفة باشا الجامعي، لـ"العربي الجديد": "نريد التغيير ونريد تحسين الأوضاع، ونريد رئيساً يكلم شعبه".
كما شهدت ولايات جزائرية عديدة مسيرات واحتجاجات رافضة للعهدة الرئاسية الخامسة، إذ خرج الجزائريون في مدن قسنطينة وميلة وتيبازة وباتنة وسكيكدة وورقلة وعنابة ووهران وأدرار وبشار وتمنراست إلى الشوارع.
طرد قيادات سياسية
إلى ذلك، طرد محتجون المرشح المستقل اللواء علي غديري، وأيضاً رئيسة حزب العمال لويزة حنون، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، من المظاهرات، مشددين على أن "هذه مسيرات الشعب وليست مسيرة الأحزاب".
وتعتبر جمعة الثامن مارس/ آذار الجمعة الثالثة التي يخرج فيها الجزائريون للشوارع رفضاً لترشح بوتفليقة للانتخابات الرئاسية المرتقبة في الــ18 إبريل/ نيسان المقبل، وتأتي قبيل تقرير المجلس الدستوري بشأن الملفات المعروضة عليه لخوض غمار الانتخابات، وسط حراك شعبي شبه يومي في أوساط الطلبة والمحامين والقضاة، وانشقاقات في الحزب الحاكم، واستقالات بالجملة من البرلمان، ومن الأحزاب الموالية للنظام.
تعطيل وسائل النقل
واستباقاً لتظاهرات الجمعة الواسعة، أعلنت مديرية النقل عن تعطيل القطارات الرابطة بين العاصمة الجزائرية والولايات المجاورة، كما تعطلت خدمات المترو والترامواي، لمنع وصول المتظاهرين.
وتحدث ناشطون في "فيسبوك" عن هذا التوقف الظرفي تزامناً مع نداءات لتنظيم مسيرات في قلب العاصمة الجزائرية، وهو ما اعتبره كثير من النشطاء "وسيلة ضغط لمنع وصول المتظاهرين إلى العاصمة الجزائرية، بعدما شهدت الاحتجاجات الأخيرة تدفقاً كبيراً للمواطنين من الولايات للتعبير عن رفضهم لترشح بوتفليقة".
وأثار توقيف وسائل النقل العمومية غضب المواطنين، خاصة في العاصمة وضواحيها.
الجيش يؤكد "تلاحمه" مع الشعب
إلى ذلك، أكد الجيش الجزائري أنه "متماسك ومتلاحم ومرتبط مع الشعب، وأن مصيرهما واحد".
وذكرت مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية، في افتتاحية لها في عددها الأخير الصادر اليوم، بـ"تعزيز الرابطة بين الجيش حامي الوطن، والشعب المتشبع بالوعي الوطني" وأن "كلاهما ينتميان لوطن واحد لا بديل عنه".
وأضافت أن "ما حققه الجيش على أصعدة عدة، ووقوفه اللامشروط إلى جانب أمته في كل ما مرت به البلاد من محن وأزمات، أكد مدى تماسك الشعب مع جيشه وتلاحمهما وترابط مصيرهما وتوحّد رؤيتهما للمستقبل".
وتابعت الافتتاحية أن "الشعب المتشبع بوعي وطني كبير، والمدرك لمختلف التحديات والتهديدات والرهانات الحالية، شعب جدير بحمل رسالة أسلافه، وتحمل مسؤولية حفظ أمانتهم من بعدهم".
وقالت إن "القوات المسلحة تعهدت بحفظ الوطن وحمايته من كل مكروه"، موضحة أن "للأمم والشعوب محطات تاريخية، تحفظ بين طياتها بطولات خالدة، تنير دربها نحو المستقبل بخطى ثابتة، وتحصنها من الوقوع في كل ما قد يعيق مسيرتها نحو التقدم".
واستبَقت السلطة الجزائرية المسيرات المقررة، اليوم الجمعة، بإشهار سلاح التحذير من "الفوضى" و"الفتنة" والتدخل الخارجي، بالتوازي مع مساعٍ لتدعيم كتلتها ومنع المزيد من الانهيارات في صفوفها، وتحديداً في حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم.
ونشرت السلطات الجزائرية، أمس الخميس، رسالة منسوبة إلى الرئيس قرأتها وزيرة الاتصالات هدى إيمان فرعون، تفيد بأنّ بوتفليقة يدعو إلى الحذر والحيطة من "اختراق هذا التعبير السلمي من قِبل أي فئة غادرةٍ داخلية أو أجنبية التي، لا سمح الله، قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجر عنها من أزمات وويلات".
ومنذ 24 فبراير/ شباط الماضي، يرقد بوتفليقة بالمستشفى الجامعي في جنيف السويسرية لإجراء "فحوصات طبية روتينية"، كما قالت الرئاسة سابقاً في بيان، وسط معلومات عن تدهور وضعه الصحي اعتبرها مدير حملته عبد الغني زعلان "غير صحيحة".
وتطالب مجمل أحزاب المعارضة بتفعيل المادة 102 من الدستور التي تنص على نقل صلاحيات الرئيس إلى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح لمدة 45 يوماً يليها إجراء انتخابات رئاسية مقبلة في غضون 90 يوماً.