شهادات معنّفات تونسيات... الجرح لا يندمل والصمت مستمر

25 نوفمبر 2016
الصمت يزيد من المعاناة (بشير الطيب/Getty)
+ الخط -
يتقاسمن نفس الهمّ، وإن اختلفت التفاصيل، هن نساء وشابات ذقن مرارة العنف بأشكاله المختلفة، وكشفن في بوحهن لـ "العربي الجديد" عن غيض من فيض معاناتهن، وكل أملهن أن يتكسر جدار الصمت والخوف وأن يتوقف العنف الممارس في حقهن.

حميدة الصالحي (39 عاماً)، من مدينة نفزة في محافظة باجة في الشمال الغربي لتونس، تعرضت للضرب مراراً بواسطة المكنسة التي تكسّرت على جسدها النحيل، بالإضافة إلى الإهانة اللفظية من قبل زوجها، والسبب رغبتها في الاحتفاظ بحمل أملا في إنجاب بنت، الأمر الذي رفضه زوجها بشدة.

تقول حميدة لـ"العربي الجديد": " لديَّ ولدان، وعندما عرفت أنني حامل أردت الاحتفاظ بالمولود على أمل أن تكون بنتا، لكن زوجي هدّدني وعنفني ودفعني لإسقاط الجنين، ومن مفارقات القدر أنني كنت حاملا بتوأم بنات، الأمر الذي دفع زوجي إلى مضاعفة إهاناته لي، ولم يقف العنف عند هذا الحد بل هددني ببيع إحداهن ليتمكن من إعالة بقية إخوتها".

وتضيف حميدة أنها لم تكن المرة الأولى التي تتعرض فيها إلى التعنيف من قبل زوجها، فرغم أن البنتين عمرهما الآن عام ونصف، إلا أنها مازالت تعاني من ممارسات زوجها، و"كأن قساوة الظروف الاجتماعية لا تكفيه، فنحن نعيش في منطقة مهمشة، وتعنيف زوجي لي دفعني إلى التفكير في الانتحار برفقة أطفالي أكثر من مرة".

أما سميرة، وهي أم لـ3 أطفال، من مكثر في الشمال الغربي أيضا، فهي ضحية أخرى للعنف الشديد الذي وصل إلى حدّ محاولة قتلها، ورغم خضوعها للعلاج مطولا في مستشفى سليانة، إلا أن التشوهات والندوب التي مازالت آثارها في وجهها شاهدة على فصول الحكاية الأليمة.


تقول سميرة لـ"العربي الجديد" إنّ زوجها كان يعنفها لفظيا ويضربها ويركلها بقدميه، كما أنه تعوّد على الاستيلاء على راتبها المقدر بـ 160 ديناراً رغم أنها عاملة فلاحية وتقضي يومها في الأعمال المضنية بإحدى الضيعات، مبينة أن سبب الحادثة أنها أضاعت راتبها، ولكن زوجها لم يصدقها ورغم التبريرات التي قدمتها إلا أنه عنفها بشدة.

تتابع:" كنت خائفة جدا من ردة فعله، عرفت أنه لن يرحمني ولن يصدق أني أضعت راتبي، ولكن يوم الحادثة تظاهر بالصمت، وكنت على يقين أنه سيعنفني، ناداني إلى بهو المنزل (الحوش) بحجة إطلاعي على أمر طارئ، وبمجرد أن حضرت ركلني بقدميه إلى أن أسقطني أرضا، وشرع في ضربي على كامل جسدي، ثم استل سكينا وانهال على وجهي، لقد أراد قتلي لولا أنني استجمعت قواي وفررت طالبة النجدة من المارة، كنت أنزف ومع ذلك لحق بي لمنعي من طلب النجدة".

وتضيف سميرة، "الغريب في الموضوع أن الطبيب الذي فحصني منحني شهادة طبية بـ 15 يوما فقط، الأمر الذي لا يتناسب والتشوهات التي لحقت بكامل وجهي"، مبينة أنها لا تزال إلى اليوم خائفة من أن يقتلها، مشيرة إلى أن والدتها وأحد أفراد العائلة قدموا إلى بيتها وهم يتناوبون في البقاء بجانبها في البيت خشية أن يعود إليها مجددا وينتقم منها، مؤكدة أنه في حالة فرار.

ويؤكد شقيق سميرة، ويدعى كريم لـ"العربي الجديد" أنّ العنف الذي يصل إلى حد الرغبة في القتل لا يمكن السكوت عنه، وهو يرتقي إلى مرتبة الجريمة"، وتوجه باللوم لشقيقته لأنها صمتت على العنف الذي طاولها طيلة الأعوام الفارطة، مضيفاً أن زوجها أرسل أشخاصا يريد العفو ومسامحته على ما اقترف خاصة بعد أن تقدمت بشكاية في الغرض، مؤكدا أنه في حالة عفت عنه شقيقته فلن يسامحه، لأن حياتها تبقى مهددة.