نقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، يوم الأحد، شهادات قاسية للأسرى المعزولين في سجن "مجدو" بأوامر من جهاز المخابرات الإسرائيلي "الشاباك"، حيث ما زال ستة معتقلين يقبعون في الزنازين بظروف صعبة ومقلقة وخطيرة.
وبينت الهيئة، في بيان لها، أن الأسرى المعزولين حاليا في المعتقل، هم: إسماعيل العروج، محمد الشاويش، وائل نعيرات، أشرف أبو سرور، محمد الناشف، وعماد سرحان.
ووصف الأسرى لمحامية الهيئة خلال زيارتها لهم أمس، أن ظروف هم الاعتقالية في العزل أشبه بحياة القبور، إذ لا تتسع الزنازين سوى "للبرش" (السرير)، ولا يمكن لهم حتى الصلاة فيها من ضيقها، ولا يعلمون ماهية الوقت في الخارج، فضلاً عن التضييقات المتواصلة من قبل قوات القمع التي تقتحم الزنازين وتعتدي عليهم بين حين وآخر.
ولفتت الهيئة إلى أن الأسرى المعزولين محرومون من كافة حقوقهم الحياتية كالخروج إلى (الفورة) "ساحة السجن" أو زيارة ذويهم بشكل منتظم، أو التواصل مع العالم الخارجي، ومحتجزون بشكل دائم داخل أقبية معتمة ضيقة لا نوافذ لها وتفوح منها رائحة الرطوبة.
وأضافت الهيئة أنه وفي مطلع الشهر الحالي تعمدت إدارة المعتقل تقديم وجبات طعام فاسدة تفوح منها رائحة كريهة لا تُحتمل، عدا عن معاناتهم في الوقت الحالي من شدة البرد الذي ينهش أجسادهم، وتحرمهم إدارة المعتقل من الأغطية والملابس الشتوية ووسائل التدفئة.
على صعيد آخر، أفادت هيئة الأسرى أن الأسرى المرضى القابعين فيما يسمى "مشفى الرملة"، يتناولون آلاف الحبوب المسكنة والمهدئة سنوياً، هرباً من أوجاعهم وآلامهم، نتيجة أمراضهم الصعبة والمزمنة.
ولفتت الهيئة إلى أن 17 أسيراً مريضاً يقبعون بشكل شبه دائم في عيادة "الرملة"، وتعتبر حالاتهم من أخطر الحالات المرضية في السجون، ويتعرضون لإهمال طبي متعمد وممنهج، أدى إلى وصول بعضهم إلى حافة الموت كحالة الأسير سامي أبو دياك.
وأوضحت الهيئة أن غالبية مرضى سجن الرملة يتناولون بشكل يومي ما معدله 20 - 25 حبة دواء مسكنة يوميا، وينامون لأكثر من 18 ساعة يوميا للهرب من واقعهم المؤلم والمعقد.
وقالت الهيئة: إن "غالبية هؤلاء يعانون من ضعف عام ولا يستطيعون التحرك إلا باستخدام كراس متحركة، في ظل غياب المتابعة الصحية اللازمة لحالتهم، وتعمد عدم توفير كادر طبي للإشراف على علاجهم، حيث يخلو المشفى من أي طبيب أو فريق تمريض سوى ممارس عام لا يمر بانتظام على المرضى"، لافتة إلى أن 4 أسرى آخرين هم من يقومون برعاية المرضى المُشار إليهم.
وبينت الهيئة أن من بين هؤلاء من يعاني من أمراض السرطان بمراحله المتقدمة، ومنهم من يعاني من الشلل وآخرون من أمراض القلب والأمعاء وبتر في الأطراف ومنهم من هو مصاب بالرصاص أثناء عملية الاعتقال.
في سياق آخر، حذرت هيئة الأسرى من استمرار الهجمة الشرسة والمبرمجة التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني كباراً وصغاراً، والتي يتعرضون من خلالها لانتهاكات جسيمة ولأساليب تعذيب مهينة أثناء عملية اعتقالهم والتحقيق معهم في مراكز التوقيف الإسرائيلية.
ووثقت هيئة الأسرى إفادات عدة أدلى بها فتية وشبان جرى اعتقالهم مؤخراً وزجهم في عدة سجون إسرائيلية، ومن بين الذين تعرضوا للتنكيل وأشكال التعنيف الجسدي والنفسي، الأسير المصاب أنس موسى (20 عاماً) من بلدة الخضر قضاء بيت لحم، والذي جرى اعتقاله بعد إطلاق قوات الاحتلال ثلاث رصاصات على قدميه أثناء عودته إلى منزله، مما أدى إلى سقوطه على الأرض وبقي الشاب ملقى لأكثر من نصف ساعة وهو ينزف دون تقديم أي علاج له، وجرى نقله بعدها إلى مستشفى "شعار تصيدك" الاسرائيلي، حيث أُجريت له عمليتان في قدميه وتم وضع بلاتين وبراغ في قدمه اليسرى.
وأوضح الأسير موسى لمحامية الهيئة جاكلين فرارجة عقب زيارتها له خلال وجوده في مركز توقيف "عتصيون" أنه خلال وجوده في المشفى، تعمد جنود الاحتلال إيذاءه، وهو مقيد القدمين بسرير المشفى، كما قاموا أيضاً بتهديده بالسلاح وشتمه بألفاظ نابية وإهانته، غير مكترثين بما يعانيه من آلام.
يذكر أنه جرى نقل الأسير مؤخراً إلى ما يسمى عيادة معتقل "الرملة" لاستكمال علاجه.
في حين نكلت قوات الاحتلال بالأسير الطفل كريم دعدوع (15 عاماً)، عقب مداهمة منزله في بلدة الخضر قضاء بيت لحم، وتم جره وهو معصوب العينين ومقيد اليدين، وبيّن الأسير دعدوع لمحامية الهيئة فرارجة أن جنود الاحتلال كانوا يتعمدون إسقاطه على الأرض وضربه خلال اقتياده من بيته إلى مركز توقيف "عتصيون" من أجل التحقيق معه.
ووثقت الهيئة اعتداء جنود الاحتلال بالضرب بشكل تعسفي على أسيرين قاصرين يقبعان في قسم الأسرى الأشبال في "مجدو"، أحدهما الفتى أحمد أبو شهاب (17 عاماً) من مدينة قلقيلية، والذي جرى اعتقاله خلال المواجهات التي اندلعت بالقرب من بيته، بعد أن هاجمه الجنود وقاموا بطرحه أرضاً وانهالوا عليه بالضرب واللكمات، ومن ثم جرى تعصيب عينيه وتقييد يديه ونقله إلى مركز تحقيق "كدوميم" ومن ثم إلى "مجدو" حيث يقبع الآن.
أما عن الأسير مجيد كميل (17 عاماً)، فقد تم إيقافه بعد اقتحام منزله في بلدة قباطية قضاء جنين، وقد تم الاعتداء عليه بالضرب العنيف على رأسه ورقبته خلال نقله بالجيب العسكري إلى مركز توقيف "الجلمة" لاستجوابه قبل أن يتم نقله إلى "مجدو".
في غضون ذلك، أفاد نادي الأسير الفلسطيني، في بيان له، بأن الأسيرات الفلسطينيات في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي يعانين من ظروف تنكيلية يعشنها في معتقل "الدامون".
وأوضح نادي الأسير عقب زيارة محاميه للأسيرات، أن الأسيرات اشتكين من عدّة سياسات تمارسها إدارة المعتقل بحقّهن وتحرمهن من أبسط حقوقهن اليومية، كحقهن في التجمّع لغرض أداء الصلاة جماعةً أو الدّراسة، إضافة إلى انتهاك خصوصيتهن بزرع الكاميرات في ساحات المعتقل، ما يضطر بعضهنّ إلى الالتزام باللباس الشرعي حتّى أثناء ممارسة الرياضة.
كما وتحرمهن من حقّهن بوجود مكتبة داخل المعتقل، رغم المطالبات المتكررة بذلك، بالإضافة إلى حرمانهنّ من ممارسة الأشغال الفنية اليدوية.
وأكّدت الأسيرات أنهن يتعرّضن للتنكيل بهن خلال عملية النقل عبر عربة "البوسطة" إلى المحاكم أو المستشفيات، والتي تستغرق عملية النقل بها ساعات، فيما لفتنَ إلى أن قوّات "النحشون" قامت مؤخراً بشتم الأسيرة وفاء نعالوة والضغط على يديها بالقيود أثناء عملية نقلها للمحكمة. يشار إلى أن (48) أسيرة يقبعن في معتقل "الدامون".
في سياق منفصل، أفادت هيئة الأسرى بأن حالة من التوتر والغضب تسود كافة أقسام معتقل مجدو، وذلك بعد اختطاف ربيع أبو الليل ممثل الأسرى من غرفته، من دون وجود أسباب حقيقية تبرر ذلك، ونقله إلى قسم المعبار تمهيداً لنقله إلى معتقل نفحة، وفقاً لما أبلغته الإدارة للأسرى.
وقالت الهيئة: إن "الأسرى فوجئوا في الساعة الخامسة من فجر اليوم، باقتحام قسم 6 في المعتقل من قبل وحدات القمع اليماز ومتسادا ودرور، وقاموا بإخراج الأسير أبو الليل بالقوة من غرفته، دون السماح له بتبديل ملابسه أو أخذ أي شيء من مستلزماته، وتبع ذلك اقتحام وإغلاق لكافة أقسام السجن".
وأوضحت الهيئة أن الأسرى ردوا على هذه الهجمة العنيفة بالطرق على الأبواب والتكبير، كما قاموا بإرجاع وجبات الطعام، وأبلغوا الإدارة بأنه في حال لم تتم إعادة الأسير أبو الليل إلى السجن سيكون هناك تصعيد، علماً أن الإدارة أبلغت الأسرى في كافة الأقسام أن سبب الهجمة نقل الأسير أبو الليل فقط.
وحذرت الهيئة من تصاعد الهجمات بحق الأسرى في كافة السجون، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة أن تكون هناك جرأة حقيقية في وضع حد للحقد الإسرائيلي تجاه الأسرى، والذي يتصاعد مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، حيث يعتبر الأسرى مادة دسمة لدعايات المرشحين والأحزاب المتشددة.