وعلى امتداد هذه السنوات الماضية، وضع التونسيون قانوناً يمنع العنف على المرأة وانتخبوا هيئة مستقلة تشرف على كل ما يتعلق بالقضاء، وصادقوا على قانون لمحكمة دستورية سيجري انتخاب أعضائها قريباً، ويناقشون حالياً قانوناً جديداً للصحافة لتكريس استقلاليتها، وقريباً ينتهون من قانون رائد يكرس السلطة المحلية وسينتخبون من جديد بلديات ستغير وجه السلطة في البلاد وتخلصها من هيمنة المركز.
وطيلة هذه السنوات السبع، خرج التونسيون إلى الشوارع كلما رغبوا في ذلك وتظاهروا واعتصموا، وتكلمت جرائدهم وإذاعاتهم وشاشاتهم بكل حرية، عارضوا كل الحكومات وانتقدوها دون خوف، نعمة أنعم الله بها عليهم فلم تنم جفونهم خوفاً من سرقتها، من الداخل والخارج، حيث يتربص المتربصون ويمنون النفس في كل اختبار بسقوط التجربة وانتكاستها…
وفيما يسرد التونسيون جانبها المضيء معترفين بصعوباتها وآلامها، يستبسل آخرون في محاولة هدمها.
مذيعة إحدى القنوات التلفزيونية العربية اعتبرت أنها كانت سبعاً عجافاً، وردّت مواطنة تونسية عليها بالقول "اتركونا أنتم وسنتكفل بأنفسنا. أنتِ لا تعيشين في تونس حتى تتحدثي عن السنوات العجاف. ابحثوا عن حل لأنفسكم ودعونا. نحن على الأقل أصبحنا أحراراً".
هل كل ما سردنا من إنجاز يعتبر هيّناً في فضاء عربي استمر لعقود ينتج الانقلاب تلو الآخر ويستعبد شعوبه ويكمم أفواههم؟ وهل أن الشعوب العربية المستعبدة تنعم فعلاً بالرفاه؟ انظروا من حولكم ولا تطفئوا هذه الشمعة، فعلّ نورها يفتح طريق العتمة أمامكم ذات يوم.