شكراً... التي لا تكفيهم

08 أكتوبر 2015
سأعيش مدينًا لهم (مواقع التواصل)
+ الخط -
لا أدرى لماذا تفتقد اللغة أحيانًا رغم مفرداتها الغنية القدرة على التعبيرعن ما يفيض من مشاعرنا؟ لحظات "الاشتياق" أحيانًا لا تكفي لوصفها بكلمة "اشتياق" حتى وإن أضفنا بعدها أوصافًا ونعوتًا لكي نعبر عن المبالغة..
لا تكفي كلمة "حب".. أو "فراق".. أو " لوعة" 
حتى وإن قلنا: حبٌ كبير، فراق مؤلم، لوعة شديدة
لا أصدق أن لغتنا العربية الرائعة لا تمتلك كل التعبيرات اللازمة لوصف مشاعرنا الجارفة أو أحاسيسنا العميقة!


عندما أغمض عيني وأعيش داخلي ومع ذكرياتي وأتذكر..
- وهي تمسك بيدي تحاول أن تسّرع خطواتي البطيئة وتناديني بين الحين والآخر لتلفت انتباه عيني الحائرة التي تجول في صفحة العالم الصاخب حتى تصل بي إلى مدرستي لأتعلم وأحقق حلمها.. فأنا حلم أمي.
كل يوم ترعاني.. تلهو معي.. تعلمني. إنها أمي.. هكذا جعلتني أنا.

- منحتني قلبها وحبها قوتها وضعفها.. حنانها وغضبها.. غيرتها واشتياقها..
زوجتي التي تدبر شؤوني وتهتم بأمري.. تعدني كل يوم لمواجهة الحياة.. تودعني برقة وأنا ذاهب.. وتنتظرني بلهفة وأنا عائد.. في لحظات الشدة كانت بجواري.. كلما أخطئ في حقها تغفر لي..

- طفلتي وهي تنظرإليَّ بعينها البريئة الحانية.. تضحك فتدغدغ مشاعري.. تعانقني وتلف ذراعيها الصغيرين حول رقبتي وتداعب وجهي بأناملها الرقيقة.. فأنسى مع لحظات العناق عالمي وأعيش في عالمها الصغير الحالم.

- صديق طفولتي المقرَّب رغم بُعد المسافات، وفراقه الأهل والوطن، يتشبث بذكرياتنا معًا، يتابع أخباري، يشاطرني حكاياتي واهتماماتي، يقابلني كل عام بنفس الحضن الصادق ونفس الدفء الطفولي.. لم يغلب الزمن حبه لي.. ولم يمل من قلة اهتمامي أو كثرة اعتذاري.. وتكرار تبريري بأني سأبادر بالتواصل في مرة قادمة ولن أتجاهل ثانية الرد على رسائله.

هل يكفي هؤلاء كلمة "شكرًا" أو "شكرًا جدًّا" أو حتى لو قلت لهم بعد "شكرًا" ألف "جدًّا"؟ أو توفي حقهم هدية أو مجاملة اجتماعية؟ كل محاولات الوفاء تبوء بالفشل.. وكل محاولات التعبير عن الامتنان تظل عاجزة، في كل مرة أفكر فيها فيهم.. وأتأمل دورهم في حياتي.. واسترجع مشاهد كانوا أبطالها في ذكرياتي.

أدركت في النهاية أنني سأعيش مدينًا لهم ولو ظللت أردد بقية عمري "شكرًا".

(مصر)
المساهمون