وجهّت مؤسسة الوسيط، والتي كانت تسمى من قبل "ديوان المظالم"، بالمغرب الكثير من الانتقادات للإدارة الحكومية، منها البطء في أداء المهام، والجمود في مواكبة حاجيات المواطنين، بحسب تقريرها السنوي الجديد.
واتهمت هذه المؤسسة الحكومية بالمغرب التي تُعنى بتلقي الشكاوى من المواطنين حيال الإدارات العمومية، والقيام بدور الوساطة لحل هذه المشاكل، عددا من الإدارات بكونها تتلكأ في الاستجابة للشكايات، وتتأخر في تنزيل توصيات "الوسيط" في الآجال المعقولة، لتخلص إلى أن "وتيرة التغيير داخل الإدارة لم تأخذ بعد السرعة المنشودة"، وفق تعبير المصدر.
التقرير أورد أن المواطن المغربي ليس طالب إحسان، وليس خصما ولا عدوا، بل هو مجرد متعامل مع إدارة يتعين أن تصرف خدماتها له على أحسن وجه، وفق الحقوق التي خولها الدستور والمشرع، داعيا الإدارة إلى مراجعة ذاتها للخروج من قفص الاتهام، وضمان جودة الخدمات.
تقرير مؤسسة الوسيط الذي رفعته إلى أنظار العاهل المغربي محمد السادس، بوأ وزارة الداخلية أولى المراتب التي تم التوصل بشكاوى المواطنين بشأنها، بما قدره 8281 شكاية سنة 2016، بنسبة 36.7 بالمائة، بينما حل قطاع المالية في الرتبة الثانية بـ396 شكاية أي نسبة 17.3 بالمائة من مجموع الشكايات.
قطاع التعليم جاء في الرتبة الثالثة من حيث عدد شكاوى المواطنين الموجهة إلى مؤسسة الوسيط، بـنسبة 5.1 في المائة، ثم قطاع الفلاحة رابعا، وقطاع التشغيل والشؤون الاجتماعية خامسا، وجميعها تتعلق بقضايا إدارية أو تسوية نزاعات أو معاشات مدنية وعسكرية، والامتناع عن تسلم وثائق إدارية.
ويرى عبد الإله الخضري، عضو المركز الدولي للوساطة والتحكيم في الرباط، أن تقرير مؤسسة الوسيط يضع الإصبع على الجرح الغائر المتمثل في إهمال الإدارة المغربية لتظلمات المواطنين، ويكشف حجم المعاناة التي لا تكتوي بنارها الحركة الحقوقية المهتمة بمؤازرة المواطنين أمام الإدارات المغربية فحسب، بل حتى مؤسسة دستورية مثل مؤسسة الوسيط، لم تسلم من إهمال تدخلاتها ووساطتها أمام هذه الإدارات.
وقال الخضري، وهو مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن استحواذ وزارة الداخلية على نصيب الأسد من تظلمات المواطنين، قياسا مع باقي الإدارات الأخرى، شيء طبيعي جدا، مشيرا إلى إشكالية تدبير الأراضي السلالية وإعادة إسكان قاطني دور الصفيح، وتمكين المواطنين من وثائقهم الإدارية، حيث باتت الشكايات بصدد هذه القضايا تحتل المرتبة الأولى في معاناة المواطنين اليومية.
وعزا المتحدث هذا المنحى إلى وجود أزمة عميقة ترتبط بما سماه "النظرة الاحتقارية لدى المسؤولين في هذه الإدارات للمواطنين وحقوقهم"، مبرزا أن "فلسفة تعاطي الإدارات، وخصوصا الداخلية، مع طلبات المواطنين يطغى عليها هاجس التحفظ والنزعة نحو حرمانهم من حقوقهم لأبسط الأسباب وأتفهها".
واعتبر الخضري أن "الإدارة المغربية لا تؤمن بمعيار الأداء بشكل أفضل لخدمة المواطن، ولا يعير المسؤولون فيها لتظلمات المواطنين أدنى اهتمام، ما داموا لن يحاسبوا على ذلك، وبالتالي يبقى الأمر مرتبطا بمسألة قيم وأخلاق وضمير وطني وإنساني خاص بالشخص المسؤول، وبمدى تشبعه بهذه القيم".