تقيم عائلة الناشطين السوريين يحيى ومعن شربجي مجالس عزاء للشقيقين، حيث يقيم أفرادها خارج سورية، بعد علمهم، أمس، بخبر قتلهما في المعتقل منذ عام 2013، من خلال السجل المدني. وكان الاعتقال والموت مصير الشابين اللذين رفضا مغادرة سورية منذ بدء الثورة عام 2011، وانخرطا في الحراك الشعبي، إيماناً منهما بحق الشعب السوري في الحرية والكرامة.
وتوضح بيان شربجي، شقيقة يحيى ومعن، لـ"العربي الجديد"، أن عائلتها المقيمة في ليدز في بريطانيا، ووالديها الموجودين في مصر، سيقيمون مجالس عزاء، كل في مكانه، لابنيهما.
وتقول بيان: "عائلتي لم تكن تفكر في السفر خارج سورية، إلا عندما ساء وضع داريا جدا"، مضيفة "والداي تجاوزا السبعين، وأعال والدي من عمله في التجارة أسرة من عشرة أبناء، ستة صبيان وأربع بنات، منّا من أكمل تعليمه الجامعي ومنّا من لم يتابع الدراسة. وجميعنا آمنّا بالحراك منذ يومه الأول، ولم أسمع والديّ ولو لمرة أن قالا لأحدنا، خاصة يحيى ومعن، سافروا واتركوا البلد، لكن اليوم جميع أفراد العائلة خارج البلاد".
وتستحضر بيان ذكرى لقائها الأخير مع شقيقيها وتقول: "آخر مرة رأيتهما فيها كانت في بيتي في داريا، قبل سفر زوجي بيوم واحد إلى بريطانيا، جاء معن ويحيى إلى منزلي، رغم أنهما كانا ملاحقَين وفي خطر، كان الخوف بادياً عليهما، والخشية من الاعتقال كانت سيد الموقف، كل ما كنت أفكر فيه في ذلك اليوم هو أن يغادرا نحو مكان آمن، خفت أن يكون عناصر الأمن يراقبون بيتي ويداهمونه في أي لحظة، كان ذلك قبل اعتقالهما بـ25 يوما".
وتتابع "أذكر يومها قول يحيى لزوجي، كلكم سافرتم، لمن تتركون البلد؟ كان حزيناً لسفر بعض الناس، خصوصاً أحد أصدقائه. كان يتمنى بقاء الكل في هذه الظروف، وكانت هذه قناعته، وكنت أعلم أنه لا مجال لنقاش أمر المغادرة معه. لم يكن يعترض من يريد السفر، بل بالعكس كان يقول لي في هذه الثورة كل شخص يمثل نفسه".
وتكمل حديثها بالقول: "الأسابيع الأخيرة قبل اعتقالهما، كانت فترة ملاحقة شديدة ليحيى ومعن، لم نكن نستطيع الاتصال بهما أو حتى نعرف أرقام هاتفيهما، كانا يغيّران الأرقام على الدوام. لذلك كانا يتصلان بنا إذا أرادا شيئاً ما".
وعن معن تقول بيان: "كان معن يأتي خفية ليرى زوجته وأولاده لمدة قصيرة جدا، كان يتميز بطبعه الدمث وسعة صدره واهتمامه الكبير بأسرته". وتشير إلى أن "ابن معن الصغير يقلّب صور والده يومياً ولا يمل منها، ويسأل باستمرار متى سيعود بابا؟ حتى جاء يوم ملّ الانتظار وقال لوالدته أنا سأكبر وأتزوج وبابا ما رجع". وتشير إلى أن عائلة معن غادرت داريا بعد مرور أكثر من عام تقريباً على اعتقاله، وقبل وقوع مجزرة داريا بأيام قليلة.
وتؤكد "كان خبر موتهما صادما جدا لكل العائلة، رغم أننا توقعنا حدوث ذلك، لكن كان لدينا أمل في أن يعودا إلينا. لم نستطع إخبار أولاد معن الصغار خوفاً عليهم، فهم متعلقون بوالدهم جداً". وتوضح بيان أن "العائلة تعرضت للابتزاز مرات عدة، إذ حاول بعض الناس إغراء والدي بتوفير معلومات له عن يحيى ومعن إن هو دفع لهم المال، لكن نحن كنا نعرف مكر النظام وأتباعه".
وتعيد التأكيد على ما قالته لـ"العربي الجديد" أمس الثلاثاء، أن الأسرة عرفت يوم 23 يوليو الجاري بخبر وفاة شقيقيها عند مراجعة السجل المدني، وسمعت قبل أسبوعين تقريباً أن النظام يقوم "بتوفية" جميع المعتقلين الذين قُتلوا في المعتقلات تحت التعذيب أو أعدموا أو ماتوا لسوء الوضع الصحي. وإن محامين وناشطين كانوا يطلبون من عائلات المعتقلين أو أقاربهم، مراجعة السجل المدني واستخراج بيان عائلي أو إخراج قيد للمعتقل، بهدف معرفة مصيره. وتختم "ونحن عبر دائرة النفوس علمنا أن يحيى متوفى منذ 15 يناير/كانون الثاني 2013، ومعن توفي يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 2013".