هذا هو العدد الخامس والتسعون من "ملحق الثقافة"، يجيء متزامنًا، مصادفةً، مع تاريخ التاسع من آب، تاريخ رحيل الشاعر محمود درويش. مع ذلك، لا يستدعي الأمر رثاءً من أي نوع. ثمة ما يطرد الرثاء: الإنجاز. دلائل كثيرة وإشارات لا حصر لها، تبيّن أن حصة المديح وذاك الفرح الذي يشيعه إنجاز محمود درويش الشعري ومواقفه النزيهة، تطغى باستمرار على كل ما عداها. بين حين وآخر، يهتم الإعلام بمن ينزعج من درويش، ليس آخرهم وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، الذي "غضب" بسبب برنامج بثته إذاعة الاحتلال، عن الشاعر الفلسطيني، وقُرئت فيه بالطبع قصائده. لكن الأمر لا يعدو ذلك، فإنجاز درويش أعلى وأرفع وأكثر سطوعًا، والأهم أنه باقٍ في وجدان الناس، في قلوبهم وعقولهم.
ولعل الفكرة القائلة بقوة تأثير الثقافي على السياسي، والعكس أيضًا، هي ما قدح زناد مفاهيم معروفة لا يمكن تجاوزها عن علاقة المثقف بالسلطة، أي سلطة. وهي أيضًا الفكرة المناسبة كمدخل للإطلالة على تجربة "ملحق الثقافة"، من حيث انطلق من أرضية صلبة تقول إن الثقافة العربية عريقة وراسخة ومتنوعة، ولعلها بتنوعها "غير المنظور"، تمثل إنجاز الأمة أكثر من أهل السياسة.
اقــرأ أيضاً
من هذه النقطة، مال "ملحق الثقافة" إلى التخفيف مثلًا من "أفكار سلطوية رائجة" تقول إن الأدب العربي عامة، والرواية العربية خاصّة، هما الطاغيان في المشهد الثقافي، أو إن الثقافة العربية غير منفتحة على "الآخر"، (بقطع النظر عن طرق استعمال هذا اللفظ). لذا كانت زاوية "شغف" الخاصة بالحوارات المطولة، تستضيف العربي والآخر، وتوسع قدر الممكن والمتاح مروحة فروع المعرفة: التاريخ، العمارة، تأريخ العمارة، الترجمة، إدارة مشروع ثقافي، السينما، الشعر، الرواية، البحث العلمي، الفكر، الإسلاميات. وهذا غيض من فيضها: هشام جعيط، إدغار موران، زكريا تامر، ليديا ديفيس، رشيد الخالدي، هنري لورنس، خالد زيادة، جاك لانغ، فواز طرابلسي، مارسيل كوربرشوك، خالد فهمي، هنري لورنس، سعاد العامري، ناصر الرباط، رضوان السيد، أبو يعرب المرزوقي، يوسف الصديق، عزالدين البوشيخي، عبد الرؤوف الوسلاتي، إيليا سليمان، جمال شحيد، لويس ميغيل كانيادا، حسن نجمي، فاضل الجعايبي، إنعام كجه جي، علي فرزات، إبراهيم نصر الله، كمال بُلّاطة، محمد الأشعري، وديع سعادة، إيدوي بلينيل...
بيد أن لفظ "شغف" لم يكن البتة مقتصرًا على الحوارات، ولعله إلى حد كبير أصاب بعدواه كتّاباً أحبوا هذا المنبر الصغير، فأرسلوا القصائد والترجمات والنصوص، وحرصوا على المساهمة المنتظمة فيه، كحبيب سروري وعزيز تبسي ووجدي الأهدل وأيضًا الناقد الفلسطيني أنطوان شلحت وناقد الفن العربي المعاصر فريد الزاهي.
اقــرأ أيضاً
الشغف هو الكلمة المفتاح، التي طاولت مضمون "ملحق الثقافة" وطاولت أيضًا "شكليْه": الورقي والإلكتروني. إلا أن الشغف موّار، يغيض ويفيض، وفي حالة "ملحق الثقافة" راح الإلكتروني يفيض عن الورقي. وبدا شيء "شعريٌ" فلنقل، يلوح في الأفق: حاجة إلى ما هو أوسع، وما هو أقدر على مواكبة روح العصر، وما هو لائق فعلًا بالثقافة العربية العريقة والراسخة، والمليئة بالإمكانيات، والقادرة على طرح الأسئلة، والمساهمة في الإبداع العالمي.
من هنا، جاءت فكرة إنشاء موقع ثقافي خاص يعنى بـ الثقافة العربية، بتنوعها وانفتاحها وسرعة استجابتها للحدث ولما يحصل في العالم العربي والعالم عامة. ثمة دلائل لا تحصى على "الإنجاز" في ثقافتنا العربية، وثمة دلائل لا تحصى أيضًا على الحاجة إلى موقع ثقافي خاص بها، يكون مختلفًا من حيث هو لا يسقط في الثنائيات السائدة، نظرًا إلى أوضاعنا العربية التي نعرفها عن ظهر قلب. ومختلفًا من حيث هو يطرد التشاؤم المؤدي في النهاية إلى الكف عن الكتابة وعن العمل، وإلى الاستسلام إلى تلك الأفكار المسبّقة والتنميطات الجاهزة عنّا كعرب.
اقــرأ أيضاً
موقع ثقافي جديد، يحث على التفكير، ويدفع إلى الجدال والنقاش، شيء أدنى إلى مختبر أو ورشة مفتوحة، أكثر غنى بالمعلومات والمعرفة. قادر على خلق علاقة حيوية مع الكتّاب والقراء على حد سواء. موقع ثقافي متفلت من الثنائيات، حتى لو كانت ضفتي نهر جميل. ففي زمننا العربي، ورغم أوضاعنا المتردية، البادية كقدر محتوم، لا بدّ من الثقافة، لعلها وحدها ضفة للنجاح.
من هذه النقطة، مال "ملحق الثقافة" إلى التخفيف مثلًا من "أفكار سلطوية رائجة" تقول إن الأدب العربي عامة، والرواية العربية خاصّة، هما الطاغيان في المشهد الثقافي، أو إن الثقافة العربية غير منفتحة على "الآخر"، (بقطع النظر عن طرق استعمال هذا اللفظ). لذا كانت زاوية "شغف" الخاصة بالحوارات المطولة، تستضيف العربي والآخر، وتوسع قدر الممكن والمتاح مروحة فروع المعرفة: التاريخ، العمارة، تأريخ العمارة، الترجمة، إدارة مشروع ثقافي، السينما، الشعر، الرواية، البحث العلمي، الفكر، الإسلاميات. وهذا غيض من فيضها: هشام جعيط، إدغار موران، زكريا تامر، ليديا ديفيس، رشيد الخالدي، هنري لورنس، خالد زيادة، جاك لانغ، فواز طرابلسي، مارسيل كوربرشوك، خالد فهمي، هنري لورنس، سعاد العامري، ناصر الرباط، رضوان السيد، أبو يعرب المرزوقي، يوسف الصديق، عزالدين البوشيخي، عبد الرؤوف الوسلاتي، إيليا سليمان، جمال شحيد، لويس ميغيل كانيادا، حسن نجمي، فاضل الجعايبي، إنعام كجه جي، علي فرزات، إبراهيم نصر الله، كمال بُلّاطة، محمد الأشعري، وديع سعادة، إيدوي بلينيل...
بيد أن لفظ "شغف" لم يكن البتة مقتصرًا على الحوارات، ولعله إلى حد كبير أصاب بعدواه كتّاباً أحبوا هذا المنبر الصغير، فأرسلوا القصائد والترجمات والنصوص، وحرصوا على المساهمة المنتظمة فيه، كحبيب سروري وعزيز تبسي ووجدي الأهدل وأيضًا الناقد الفلسطيني أنطوان شلحت وناقد الفن العربي المعاصر فريد الزاهي.
الشغف هو الكلمة المفتاح، التي طاولت مضمون "ملحق الثقافة" وطاولت أيضًا "شكليْه": الورقي والإلكتروني. إلا أن الشغف موّار، يغيض ويفيض، وفي حالة "ملحق الثقافة" راح الإلكتروني يفيض عن الورقي. وبدا شيء "شعريٌ" فلنقل، يلوح في الأفق: حاجة إلى ما هو أوسع، وما هو أقدر على مواكبة روح العصر، وما هو لائق فعلًا بالثقافة العربية العريقة والراسخة، والمليئة بالإمكانيات، والقادرة على طرح الأسئلة، والمساهمة في الإبداع العالمي.
من هنا، جاءت فكرة إنشاء موقع ثقافي خاص يعنى بـ الثقافة العربية، بتنوعها وانفتاحها وسرعة استجابتها للحدث ولما يحصل في العالم العربي والعالم عامة. ثمة دلائل لا تحصى على "الإنجاز" في ثقافتنا العربية، وثمة دلائل لا تحصى أيضًا على الحاجة إلى موقع ثقافي خاص بها، يكون مختلفًا من حيث هو لا يسقط في الثنائيات السائدة، نظرًا إلى أوضاعنا العربية التي نعرفها عن ظهر قلب. ومختلفًا من حيث هو يطرد التشاؤم المؤدي في النهاية إلى الكف عن الكتابة وعن العمل، وإلى الاستسلام إلى تلك الأفكار المسبّقة والتنميطات الجاهزة عنّا كعرب.
موقع ثقافي جديد، يحث على التفكير، ويدفع إلى الجدال والنقاش، شيء أدنى إلى مختبر أو ورشة مفتوحة، أكثر غنى بالمعلومات والمعرفة. قادر على خلق علاقة حيوية مع الكتّاب والقراء على حد سواء. موقع ثقافي متفلت من الثنائيات، حتى لو كانت ضفتي نهر جميل. ففي زمننا العربي، ورغم أوضاعنا المتردية، البادية كقدر محتوم، لا بدّ من الثقافة، لعلها وحدها ضفة للنجاح.