شروط إيرانية على ولاية ثانية لحيدر العبادي: ضعيف أمام أميركا

01 يونيو 2017
العبادي ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون (صامويل كوروم/ الأناضول)
+ الخط -
خلافاً للفعاليات الانتخابية السابقة التي شهدها "عراق ما بعد الاحتلال" (عام 2003)، تبدو الانتخابات التشريعية المقبلة مطلع عام 2018، وكأنها قد بدأت فعلاً داخل المنطقة الخضراء. الاجتماعات تتلاحق بين قادة الكتل وممثليهم في العاصمة العراقية بغداد، كذلك تزداد الزيارات المكوكية بين النجف والعاصمة الإيرانية طهران، والتي شارك في آخرها السفير الإيراني إيرج مسجدي يوم الأربعاء الماضي. يوحي كل ذلك بتنافس حادّ بين مكوّنات التحالف الحاكم وسباق في الوقت عينه بين مكوّناته السياسية على كسب دعم إيران، بعد فشل محاولات رؤساء كتل عدة مؤثرة في التحالف، لقاء المرجع الديني علي السيستاني في الأيام الماضية، من بينهم زعيم حزب الدعوة نوري المالكي، وزعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمّار الحكيم. ذلك لأن السيستاني يرفض منح تأييده لأي من كتل التحالف الرئيسية الست.

والتحالف الوطني هو أكبر كتل البرلمان بـ180 مقعداً من أصل 328، ما منحه حق تشكيل الحكومة في السنوات الـ12 الماضية. وتنضوي في التحالف كتل عدة، أبرزها: "ائتلاف دولة القانون" بزعامة المالكي، و"المجلس الإسلامي الأعلى" بزعامة الحكيم، و"التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، و"تيار الإصلاح" بزعامة إبراهيم الجعفري، وكتلتا "الفضيلة" بزعامة عمار الطعمة، و"بدر" بزعامة هادي العامري، فضلاً عن كتل صغيرة أخرى، تقدّم نفسها على أنها مستقلة، إلا أنها في الأصل عبارة عن شخصيات انفصلت عن الكتل الرئيسية الأم، وكوّنت كتلاً وأحزاباً صغيرة، مثل القيادي بحزب الدعوة الإسلامية، وزير الطاقة السابق حسين الشهرستاني.

وينقسم التحالف حالياً بين معسكرين، أحدهما مؤيد لرئيس الوزراء حيدر العبادي، والذي يأمل في الحصول على ولاية ثانية، ومعسكر آخر رافض، برئاسة المالكي، ومليشيات "الحشد الشعبي"، والتي تستعدّ للدخول في الانتخابات، ضمن قائمة واحدة من خلال 8 قيادات ستعلن استقالتها من المليشيات. وهو الشرط الذي حدّده قانون الانتخابات، والذي ينصّ على منع ترشح كل من لديه نشاط مسلّح، حتى لو كان عسكرياً في الجيش إلا بعد استقالته.

مع العلم أنه منذ يوم السبت الماضي، يقوم وفد يضم أعضاء بحزب "الدعوة"، بزيارة إلى طهران، برئاسة كبير مفاوضي الحزب الشيخ عبد الحليم الزهيري، والذي اتخذ أخيراً من الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت مقراً له. وحسبما كشفت مصادر مقرّبة من الحزب لـ"العربي الجديد"، فإن "الجناح اليميني في التحالف الوطني، بدأ حراكه مبكراً لمنع ولاية ثانية للعبادي، والذي تدعمه واشنطن بقوة، كخيار لا بديل له في المرحلة الحالية".

ووفقاً للمصادر فإن "الوفد سيلتقي مسؤولين عن الملف العراقي في طهران لطرح موضوع تجاهل العبادي أسس التحالف وعدم الرجوع إليه في تفاهمات مباشرة يجريها مع واشنطن تتعلق بتواجدها العسكري بالبلاد". وتشير المصادر إلى أن "هناك تحفّظاً إيرانياً واضحاً على تولّي العبادي ولاية ثانية، بسبب ضعفه أمام الضغوط الأميركية وتوسّع واشنطن العسكري في العراق خلال العامين الماضيين، فضلاً عن محاولات تحديد صلاحيات الحشد الشعبي أخيراً، رغم إقرار البرلمان قانوناً خاصاً به يعامله معاملة القوات النظامية العراقية".


من جهته، يعترف عضو التيار المدني العراقي في بغداد، حسام الصفار، في حديث لـ"العربي الجديد" عن وجود ما وصفه بـ"امتعاض إيراني من حيدر العبادي بسبب ملفات عدة"، مبدياً اعتقاده أن "سياسة السير على حبل التوازن كما كان لمن حكم العراق بالسنوات الماضية، لم تعد متاحة أو أنها باتت صعبة جداً الآن، والعبادي شخص لا يجيد هذه اللعبة كثيراً". ويضيف الصفار بأن "إيران لا ترى العبادي مناسباً لدورة انتخابية أخرى، وقد يكون هدف تسريب مثل تلك المواقف الإيرانية على مسامع العبادي، إخضاعه أكثر وتنفيذه بعض الأمور التي ترغب إيران بها كوسيلة ابتزاز له".

بدوره، يعتبر العضو في التحالف الوطني، النائب هيثم الجبوري، أن "سياسة العبادي في إدارة الدولة خاطئة وأن حصوله على ولاية ثانية يعني القضاء على البلد نهائياً"، واصفاً الحكومة بأنها "لا تستطيع فعل شيء سوى دفع مرتبات الموظفين وإذا ما حصل العبادي على ولاية ثانية فإنه سيطلب اللجوء إلى بلد آخر".

من جانبه يكشف مسؤول عراقي شارك في مؤتمر قمة الرياض الأميركية الإسلامية، لـ"العربي الجديد"، عن "الشروط الإيرانية لمن سيحصل على دعمها لرئاسة الحكومة المقبلة". ويشير إلى أن "الانتخابات التشريعية مطلع عام 2018 ما زالت غير مؤكدة بسبب صعوبات الوضع الأمني وانهيار مقومات الحياة في كثير من المحافظات، وهناك دفع أميركي لحكومة طوارئ يكون رئيسها حيدر العبادي وتستمر لنحو عام كامل، على أن تكون بمثابة مرحلة انتقالية قبل إجراء الانتخابات. وهو ما ترفضه حالياً إيران من خلال نوري المالكي ومليشيات الحشد الشعبي والمجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم".

ويضيف المسؤول أن "إيران تعتبر الوجود الأميركي في العراق وموقف رئيس الحكومة المقبل منه ومليشيات الحشد والحفاظ عليها ومسألة انفصال كردستان أو حصوله على صلاحيات أوسع من بغداد والحفاظ على العلاقة من النظام في دمشق وحزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، خطوطاً يجب على رئيس الوزراء أن يتعهّد بعدم التلاعب بها. بالتالي فإن كتلاً وأحزاباً عدة داخل التحالف الحاكم، تتنافس على تقديم نفسها لإيران بشكل أفضل من الآخر".