شروط أميركية إسرائيلية على روسيا قبل التوصل لتسوية بشأن مستقبل سورية

17 يوليو 2019
الاحتلال الإسرائيلي قلق من التهديد الإيراني (مناحيم كهانا/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية (13) الليلة الماضية أن الولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي يشترطان التوصل لتسوية مع روسيا بشأن مستقبل سورية لا يتضمن فحسب إلزام إيران بسحب قواتها من هناك، بل أيضا إنهاء وجودها العسكري في كل من لبنان والعراق.


وحسب القناة، فإنه خلال الاجتماع الذي عقد الشهر الماضي في القدس المحتلة، وضم مستشاري الأمن القومي الأميركي والروسي والإسرائيلي، طالبت كل من واشنطن وتل أبيب بتفكيك الوجود العسكري الإيراني في العراق وضمان التزام طهران بوقف جهودها الهادفة لتعزيز القوة العسكرية لـ"حزب الله" عبر بناء مصانع لإنتاج الصواريخ ذات دقة إصابة عالية.

وعلى الرغم من أن القناة لم توضح آليات التحرك الروسي، التي ترى كل من إسرائيل والولايات المتحدة أنها يمكن أن تسهم في تقليص النفوذ الإيراني في لبنان والعراق، إلا أنه يمكن الافتراض أن تل أبيب وواشنطن تراهنان على دعم موسكو مشاريع قرار في مجلس الأمن يلزم طهران بتقليص نفوذها العسكري في الدولتين، إلى جانب أن هذه القرارات يمكن أن تلزم الحكومتين في كل من بغداد وبيروت بإجراءات تسهم في تقليص النفوذ الإيراني.

ومع أنه يبدو أن سقف التوقعات الأميركية الإسرائيلية من روسيا مبالغ فيه، لا سيما في كل ما يتعلق بتجنب روسيا لإخراج إيران من العراق ولبنان، إلا أن كلا من واشنطن وتل أبيب معنيتان باستغلال حاجة موسكو لتسوية سياسية للصراع في سورية تمكنها من استغلال الطاقة الاقتصادية الكامنة في مشاريع إعادة الإعمار هناك؛ فروسيا تعي تماماً أن هذه المشاريع لن ترى النور إلا في حال حصلت على مباركة أميركية، لا سيما أن واشنطن تحتفظ بتأثير كبير على الدول العربية التي يمكن أن تسهم ماليا في هذه المشاريع.

ويبدو أن الشرط الأميركي الإسرائيلي يمثل جزءاً من تحرك أوسع ضد نفوذ إيران في المنطقة وحضور التنظيمات الحليفة لها. ويندرج في هذا الإطار العقوبات التي فرضتها أخيراً الولايات المتحدة ضد "حزب الله" وقيادات فيه، إلى جانب رزمة الإجراءات التي فرضت لتقليص قدرة الحزب على استخدام النظام المصرفي اللبناني في جلب الدعم المادي. ويمكن في هذا الإطار الإشارة إلى محاولات واشنطن التوسط بين لبنان وإسرائيل لحل الخلاف على ترسيم الحدود المائية، على اعتبار أن إنجاز هذا الهدف يقلص من قدرة الحزب على الاحتفاظ بنفوذه الداخلي، ويفسح المجال أمام تحولات داخلية لبنانية.

وعلى الصعيد العراقي، يمكن النظر إلى قرار حكومة عادل عبد المهدي بتأطير فصائل "الحشد الشعبي"، ضمن القوات العسكرية والأمنية العراقية، على أنه جزء من الضغوط التي تمارسها واشنطن لإيجاد بيئة تقلص من النفوذ الإيراني هناك.
وإن كانت إسرائيل دوما تنظر إلى مراكمة "حزب الله" القوة العسكرية كتهديد استراتيجي لعمقها وجبهتها الداخلية، فإن تل أبيب باتت تنظر بكثير من القلق إلى تعاظم النفوذ الإيراني في العراق، فوسائل الإعلام الإسرائيلية كشفت أخيراً أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية باتت تركز بشكل كبير على جمع المعلومات عن الوجود الإيراني في العراق، انطلاقا من افتراض مفاده أن طهران يمكن أن تحوّل منطقة غرب العراق إلى منطقة لتنفيذ هجمات صاروخية ضد العمق الإسرائيلي، تماماً كما فعل الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، خلال حرب الخليج الأولى.


وفي المقابل، فإنه بالاستناد إلى جملة المواقف التي عبر عنها مستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، خلال لقائه بنظيريه الإسرائيلي مئير بن شابات والأميركي جون بولتون، فإنه يمكن القول إن فرص استجابة روسيا لهذه الشروط متدنية. فدفاع باتروشيف، خلال اللقاء عن الدور الإيراني في المنطقة دل على أن موسكو غير جاهزة لدفع الثمن الذي تطلبه كل من واشنطن وتل أبيب، لا سيما أن الأميركيين لم يتطرقوا لمسألة العقوبات التي فرضوها على روسيا في أعقاب احتلال شبه جزيرة القرم.